التنين فى أرض الفراعين - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التنين فى أرض الفراعين

نشر فى : الإثنين 18 يناير 2016 - 10:35 م | آخر تحديث : الإثنين 18 يناير 2016 - 10:35 م
مطلع التسعينيات من القرن الماضى قادتنى قدماى برفقة عدد من صحفيى وكالة «شينخوا» الصينية إلى مدينة فارسكور لمتابعة الانتخابات البرلمانية التى كان يخوضها رئيس الحزب الناصرى فيما بعد الراحل ضياء الدين داوود، ضمن وفد إعلامى كان يشتم رائحة العنف الذى وقع فى تلك الدائرة وراح ضحيتها خمسة قتلى، قبل أن يعلن فوز داوود بمقعده النيابى.

فى الطريق إلى دمياط وفى فترات الاستراحة كان الحوار لا ينقطع عن قدم العلاقات المصرية ــ الصينية، حيث كانت مصر أول دولة عربية وإفريقية تعترف بالصين الشعبية فى مايو عام 1956، وكيف وقفت بكين إلى جوار القاهرة فى محطات عديدة، بداية من تأييدها لقرار الزعيم جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس، ومرورا بإدانتها للعدوان الثلاثى، ومساندتها لاسترداد مصر أرضها فى حرب أكتوبر 1973.
كان الزملاء الصينيون أول من لفت نظرى إلى الفوائد الصحية للشاى الأخضر، فقد كانوا لا يرضون عنه بديلا، وعلى وقع احتساء أكوابه راحوا يذكروننى بالقول العربى المأثور «اطلبوا العلم ولو فى الصين» للتدليل على الروابط التاريخية بين الصين والمنطقة العربية، وقد فوجئت خلال الرحلة بمدى عمق معرفتهم بما يدور فى مصر من أحداث، وربطه بالتطورات السياسية والاقتصادية، الإقليمية والدولية.
تذكرت هذه الحوارات وأنا اتابع الاستعدادات التى تجرى حاليا لاستقبال الرئيس شى جين بينج فى أول زيارة لرئيس صينى إلى مصر منذ 12 عاما، حيث ينتظر أن يطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى والضيف الصينى الكبير من محافظة الأقصر، عام الثقافة المصرية الصينية، وبما لهذه الخطوة من تأثير إيجابى على قطاع السياحة الذى يعول القائمون عليه على زيادة نسبة السائحين الصينيين خصوصا والآسيويين عموما، القادمين إلى مقاصدنا السياحية.
اختيار الجانب الثقافى عنوانا لزيارة الرئيس الصينى، رغم ما ستحفل به من اهتمام كبير بالجوانب الاقتصادية، يعكس قدرا من الوعى باهمية فهم جوهر التنين الصينى الذى ضرب سورا عظيما لسنوات طويلة حول نفسه، من أجل احداث نهضة اقتصادية بات يشار لها بالبنان، وجاءت تالية لثورة ثقافية غيرت فى عمق المجتمع الصينى، قبل أن يظهر التنين على الساحة الدولية باحثا على ما يبدو عن وجود لمفرداته الثقافية.
ومنذ سنوات أتابع السعى الصينى للالتحام بالمنطقة العربية، والقارة الإفريقية، حيث ينتشر الصينيون فى أكثر من دولة، ومن خلال التواجد بالمنتجات الرخيصة تارة، والمعدات الثقيلة والمشروعات الكبرى وخاصة فى مجالات النفط والكهرباء والتشييد والبناء تارة أخرى، ثم شاهدنا فى مصر الصينيين بشحمهم ولحمهم من خلال بعض الباعة الجوالين لبيع المنتجات الالكترونية والملابس والمفروشات، ورأينا كيف وصل هؤلاء إلى عمق القرى المصرية، متحدين حاجز اللغة لتسويق بضاعتهم.
لم يقتصر الاهتمام الصينى على التواصل المباشر فقط، بل أطلقوا قناة فضائية ومواقع الكترونية باللغة العربية تبث أخبارا ومعلومات عن الصين، لخلق قاعدة من الاهتمام المشترك، باعتبار الإعلام أسرع الوسائل فى التقريب بين الشعوب والأمم، والأداة الأكثر تأثيرا فى خدمة المصالح السياسية والاقتصادية.
جاء التنين إلى أرض الفراعين، فاردا أجنحته، وعلينا أن نستثمر هذا الاهتمام الكبير وترجمته بصورة عملية فى شكل مشروعات صناعية، وتبادلا للخبرات فى مجالات عدة، اعتقد أن الصينيين سيكونون أكثر سخاء من غيرهم فى منح المصريين جانبا منها، فى وقت نحن أحوج ما نكون فيه للانفتاح على الجميع لاستعادة مكانتنا.
التعليقات