الاستقالة واجبة - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 4:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاستقالة واجبة

نشر فى : الأربعاء 18 يناير 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 18 يناير 2017 - 9:10 م
حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان اتفاقية التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية استنادا على عدم تقديم الحكومة ما يثبت أن الجزيرتين سعوديتان يطرح هذا السؤال المصيرى: إذا كانت السلطة التنفيذية بكامل مؤسساتها ومستوياتها قد فشلت فى تقديم ما يقنع المحكمة بسعودية الجزيرتين، فعلى أى أساس اقتنعت هذه السلطة بأن الجزيرتين غير مصريتين وقررت منحهما للسعودية؟

إجابة هذا السؤال تقود إلى نتيجة واحدة وهو أن السلطة التنفيذية إما أنها فشلت فى التعامل مع القضية والدفاع عن موقفها وهو ما يكفى للمطالبة باستقالتها أو أنها لم يكن لديها من الأساس ما يكفى من المستندات والوثائق التى تؤيد سعودية الجزيرتين بما يحتم ليس فقط رحيلها وإنما أيضا محاسبتها.

فقضية «تيران وصنافير» ليست مجرد قرار إدارى معيب ألغته محكمة القضاء الإدارى وإنما تتعلق بواجب السلطة التنفيذية فى الحفاظ على كامل تراب الوطن والدفاع عنه بشتى السبل، وليس التعامل معه بهذا القدر من الاستهانة والتراخى الذى قاد إلى توقيع اتفاقية تتنازل بموجبها عن جزيرتين تحت السيطرة المصرية لصالح السعودية الشقيقة دون أن تملك من الحجج ما يكفى لإقناع المحكمة بسلامة موقفها.

ليس هذا فقط بل إن احتمالات لجوء السعودية إلى القضاء الدولى سواء كان محكمة العدل الدولية أو مجلس الأمن الدولى، يجعل من استقالة هذه الحكومة أمرا واجبا، لأنها لن تكون مؤهلة لتمثيل المصلحة المصرية أمام أى محكمة دولية فى هذه القضية بعد أن تبنت موقف الطرف السعودى منذ البداية ودافعت عنه ومازالت تدافع عنه بضراوة. بقاء هذه الحكومة فى حالة لجوء السعودية إلى القضاء الدولى سيجعل من مصر «حالة عجيبة» بين دول العالم عندما تكون حكومتها هى التى تدافع عن حق دولة مجاورة فى جزء من الأرض التى خضعت لسيطرة دولتها مئات السنين.

مهما كانت مبررات موقف الحكومة تجاه قضية «تيران وصنافير»، فإن الحقيقة الثابتة هى أن انحيازات وخيارات الحكومة افتقدت إلى الأسس القانونية والتاريخية التى تكفى لإقناع أعلى سلطة قضائية معنية بمراقبة قرارات الحكومة فى مصر بسلامة هذه الانحيازات والخيارات. كما أن رد الفعل الشعبى الذى رصدته وسائل الإعلام المحلية والأجنبية العاملة فى مصر أكد أن هذه الانحيازات والخيارات الحكومية لم تكن أبدا خيارات وانحيازات أغلبية المصريين، وهو ما يحتم رحيلها كما يحدث فى كل دول العالم المحترمة.

وقد رأينا رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزى يعلن استقالته من منصبه لمجرد تصويت أغلبية الإيطاليين ضد التعديلات الدستورية التى اقترحتها حكومته بهدف إنعاش اقتصاد البلاد، واستقال رئيس وزراء بريطانيا السابق ديفيد كاميرون بعد أن صوتت أغلبية البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبى رغم أنه كان يدعوهم للتصويت لصالح بقاء بريطانيا فى الاتحاد، فى حين ظل رئيس الوزراء اليونانى تيسبراس فى السلطة عندما دعا إلى استفتاء شعبى لرفض برنامج التقشف الاقتصادى الأوروبى لبلاده، وبالفعل صوتت أغلبية اليونانيين لصالح خيار رئيس الوزراء فاستمر فى منصبه.

وبعد كل ما سبق، فإن استقالة الحكومة أصبحت واجبة مهما كانت تطورات ملف «تيران وصنافير» لأنها فقدت جدارتها بالبقاء فى السلطة وقد تفقد شرعيتها إذا ما أصرت على تحدى كلمة القضاء النهائية الباتة بألاعيب قانونية يضعها لها «ترزية القوانين» سيئى السمعة الذين لم تر مصر منهم إلا كل شر على مدى عقود مضت.
التعليقات