ثلاجة تيران وصنافير - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثلاجة تيران وصنافير

نشر فى : الأربعاء 18 يناير 2017 - 9:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 18 يناير 2017 - 9:20 م
لو كنت مكان الحكومة لوجهت الشكر لمجلس الدولة والدائرة الأولى «فحص الطعون» برئاسة المستشار احمد الشاذلى على حكمها التاريخى، ظهر يوم الإثنين الماضى بأن جزيرتى تيران وصنافير مصريتان. عمليا فإن توقيع الحكومة على اتفاق الجزر مع السعودية فى 8 ابريل الماضى، جعلها تسلك طريقا غاية فى الوعورة. الحكم الأخير للمحكمة الإدارية العليا، كان بمثابة السلم للحكومة التى كانت قد تسلقت شجرة عالية جدا، ولم تكن تعرف كيف تنزل على الأرض، وجاء هذا الحكم ليوفر لها هذا السلم.

سيقول البعض إن الحكم الأخير، بلا قيمة لأنه يصادر حق البرلمان الأصيل فى المصادقة على الاتفاقيات.

سنفرض ان هذا الكلام صحيح ــ رغم التطورات المهمة التى شهدتها نظرية اعمال السيادة ــ لكن عمليا وسياسيا فإن الحكم الأخير متلازما مع تداعيات القضية ومظاهراتها والتوحد الشعبى حولها، جعل السير فى طريق الاتفاقية محفوفا بالمخاطر الشديدة التى قد تهدد شرعية النظام بأكمله، لأن الواقع يقول ان هناك حالة عامة ولدت ونشأت وترعرعت وتجذرت، خلاصتها ان التنازل عن تيران وصنافير سيعد عملا من اعمال الخيانة، حتى لو كان اصحاب منطق ان الجزيرتين سعوديتان يقولون ان لديهم حججا ووثائق ومراسلات وقانون ترسيم نقطة اساس خط المنتصف الذى اصدره حسنى مبارك عام 1990، وهو الأساس الفعلى الذى اخرج تيران وصنافير من السيادة المصرية، ويقال انه اكد نفس الكلام حينما زاره احد كبار المسئولين مؤخرا. لكن من الواضح ان الظروف خدمت مبارك وجعلته يقنع السعودية طوال عشرين عاما بتأجيل تنفيذ الاتفاق.

الآن ليس مهما البكاء على اللبن المسكوب، والمطلوب هو حل عملى للأزمة حتى لا تتحول لخلاف جوهرى بين البلدين فى وقت يحتاجان فيه إلى اكبر قدر من توحيد الصفوف حتى لا يتفاقم الخلاف المتفاقم اصلا.

قبل يومين تحدثت عن الحلول البديلة للأزمة تحت السيادة المصرية، مثل الجسر ومشروعات استثمارية سياحية وترفيهية متنوعة تتطابق وشروط البيئة.

الآن فإن الحل الأمثل من وجهة نظرى هو ان يناقش البرلمان المصرى الاتفاقية ويرفضها، وبهذا ينتهى الأمر تماما سياسيا وتشريعيا وقانونيا. فى هذه الحالة ستعود الأمور إلى ما قبل التوقيع، وبعدها يبدأ البلدان فى بحث صيغ جديدة للحل تقوم على التعاون والمشروعات المشتركة. السيناريو الثانى ان تقنع الحكومة المصرية نظيرتها السعودية بتأجيل البت فى القضية لفترة من الزمن، ووضعها فى ثلاجة البرلمان او المحاكم لحين توافر ظروف مختلفة ينخفض فيها التوتر والتشنج، وبعدها يبدأ تفاوض جديد تماما على اسس مختلفة شرط ان يتم تغيير كل الفريق النصرى المفاوض الذى وافق على الاتفاق الأول.

هناك سيناريو ثالث ان ترفض السعودية الحلين السابقين وتتمسك بالاتفاق الذى يعطيها الجزيرتين ،وفى هذه الحالة، سنفترض ان المملكة قررت اللجوء إلى التحكيم الدولى. اذا حدث ذلك فستكسب القضية من الجلسة الأول لأن الطرف الثانى أى الحكومة المصرية اقر لها بهذا الحق بل زايد عليها فى ذلك.

السؤال هل تنتظر مصر حدوث هذا السيناريو ام تبدأ فى توقعه؟!. يوم الإثنين قابلت برلمانيا كبيرا، ثم دبلوماسيا مصريا سابقا مرموقا ومفكرا من طراز رفيع. هذا الدبلوماسى لديه اجتهاد يقول انه على حكومة شريف اسماعيل ان تقدم استقالتها، على ان يكون معلنا ان سبب الإقالة هو الأخطاء القاتلة التى وقعت فيها الحكومة، باعتبار ان رئيس الوزراء هو الذى وقع على الاتفاقية. سيقول قائل ولكن خطأ الحكومات لا يلغى اثر الاتفاقيات، وان الحكومة لا تتحمل وحدها وزر الاتفاقية. كل ذلك صحيح لكن اتحدث من زواية قانونية، بل ومن زاوية وطنية وهى ان يكون هناك شخص يضحى من اجل هذا الوطن. لأنه فى اللحظة التى يتم فيها اقالة الحكومة والإعلان انها اخطأت فى التوقيع وقدمت معلومات ناقصة او مغلوطة للرئاسة، بالتالى عندما نذهب للحكم لا قدر الله يكون تأثير التوقيع لاغيا او قليلا. والحمد لله ان الذى وقع كان رئيس الوزراء وليس رئيس الجمهورية او حتى وزير الدفاع.

كل ما سبق مجرد افكار واقتراحات، نأمل ألا نصل اليها، وان يتم احتواء الأزمة والقفز عليها، لأن أى توتر فى علاقات البلدين لن يستفيد منها الا الارهابيون والمتطرفون وايران، وقبل ذلك وبعده العدو الصهيونى.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي