ازدراء الأديان فى القرآن - سيد قاسم المصري - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ازدراء الأديان فى القرآن

نشر فى : الخميس 18 فبراير 2016 - 10:30 م | آخر تحديث : الخميس 18 فبراير 2016 - 10:30 م

كلمة الازدراء وردت فى القرآن الكريم فى صيغة الفعل المضارع «يزدرى»، إلا أنها وردت فى إشارة لازدراء البشر، أما بالنسبة للدين فقد استخدم القرآن الكريم لفظ الاستهزاء والسخرية، فهل هناك عقوبة قررها القرآن الكريم على ازدراء الأديان.
لقد وردت إشارتين فى القرآن الكريم فى هذا الصدد، واحدة فى سورة النساء وهى الآية رقم 140 التى تقول:
«وَقَدْ نَزَلَ عَلَيْكُمْ فِى الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَكُمْ إِذا مِثْلُهُمْ إِنَ اللَهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِى جَهَنَمَ جَمِيعا».
والثانية فى سورة الأنعام الآية 68 التى تنص على: «وَإِذَا رَأَيْتَ الَذِينَ يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ، وَإِمَا يُنسِيَنَكَ الشَيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَالِمِينَ».
وكلتا الآيتين لا ترتب عقوبة دنيوية على هذا الاستهزاء ولا تدعوان إلا إلى المقاطعة الوقتية لهؤلاء الناس الذين «يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا» أو «يكفرون بها ويستهزئون بها»، أى أننا مأمورون بأنه إذا رأينا أو سمعنا ــ ونحن فى مجلس معين ــ آيات الله يكفر بها، ويستهزأ بها فكل ما علينا هو مغادرة هذا المجلس وعدم العودة إليه إلا إذا تغير موضوع الحديث، أى أن مقاطعتنا لهؤلاء الناس الذين يكفرون بالدين ويستهزئون بآيات القرآن ليست دائمة.. ولكن فقط «حَتَى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ».
***
أما كلمة الازدراء التى وردت فى صيغة الفعل المضارع فقد جاءت فى سياق الرد على ازدراء أشراف قريش لفقراء المسلمين الذين اتبعوا الرسول فى بداية الدعوة، فقد أمر الله رسوله بأن يقول لهم: «وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَائِنُ اللَهِ وَلاَ أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِى مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَذِينَ تَزْدَرِى أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَهُ خَيْرا اللَهُ أَعْلَمُ بِمَا فِى أَنفُسِهِمْ إِنِى إِذا لَمِنَ الظَالِمِينَ ».
(سورة هود: الآية 31)
فمن أين جاء فقهاء القانون عندنا بعقوبة ازدراء الأديان، بينما المفروض أن أهم مصادر التشريع فى مصر هو الإسلام.
ليتنا نعود إلى استنارة القرون الأولى وليت الإسلام يعود إلى سيرته الأولى نقيا خالصا متخلصا من الشوائب والإضافات والمدسوسات، من أجل ذلك فإنى أطالب بتنقية التراث الإسلامى وليس تجديد الخطاب الدينى، لأن تجديد الخطاب الدينى دون تنقية التراث وهو المنبع الذى يستمد منه الخطاب عناصره، ما هو إلا إعادة تغليف أو طلاء لنفس الخطاب القديم..
المطلوب هو إعادة النظر فى التراث الإسلامى بعقل متفتح ودون وجل أو محظورات أو تابوهات، وعدم إضفاء هالة من القدسية عليه لأنه من صنع البشر ولا شىء مقدس سوى وحى السماء أى القرآن الكريم، وهناك خطة بالفعل أقرتها القمة الإسلامية لمنظمة التعاون الإسلامى عام 1991 فى داكار عاصمة السنغال تدعو إلى مراجعة التراث الإسلامى مراجعة نقدية بغرض اجتثاث عوامل الانحطاط وتنمية عوامل التقدم من خلال مواجهة معركة المفاهيم والمعايير وتنقية التراث الإسلامى، فالثقافات التى لديها الجرأة على القيام بنقد ذاتى لتاريخها وتراثها يمكنها أن تصوغ مستقبلها بروح خلاقة تواكب التغيير دون التخلى عن أصالتها.
وتقول الوثيقة الإسلامية التى أقرها رؤساء الدول الإسلامية بالإجماع، إن من أهدافها تمكين الأمة الإسلامية من القيام بدورها الحضارى مستهدية بالصفات التى منحها القرآن الكريم لهذه الأمة من قبيل الأمة الشاهدة والأمة الوسط والأمة القوامة بالقسط، ونفى كل مظهر من المظاهر التى تتنافى مع حقوق الإنسان والوقوف بحزم أمام العنصرية والطائفية والعشائرية والقبلية.
لقد آن الأوان لوضع هذه الوثيقة المهمة موضع التنفيذ.


مساعد وزير الخارجية سابقا ومستشار الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى حاليا.

سيد قاسم المصري مساعد وزير الخارجية الأسبق
التعليقات