أين السفير الأمريكى فى مصر؟ - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أين السفير الأمريكى فى مصر؟

نشر فى : الجمعة 18 أبريل 2014 - 7:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 18 أبريل 2014 - 7:45 ص

لا يوجد سفير للولايات المتحدة فى القاهرة منذ شهر أغسطس الماضى، أى منذ أكثر من ثمانية أشهر كاملة. ويطرح هذا الغياب عدة بدائل قد تبرر الموقف الأمريكى. أولا: قد يكون هذا دليلا كافيا على توتر علاقات الدولتين، وعلى تردد الإدارة الأمريكية بخصوص ما يجب أن تفعله تجاه تطورات الأحداث فى مصر. ثانيا: قد يعكس ذلك تأكيد اعتماد العلاقات الحقيقية على مؤسستى الدفاع فى الدولتين بدليل حدوث ما يزيد على 30 اتصالا تليفونيا بين وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل ونظيره السابق المشير عبدالفتاح السيسى، أى بمعدل مكالمة كل ستة أيام. ويعكس ذلك تطورا طبيعيا لهيمنة الجيش على المشهد السياسى المصرى، وهو ما يبرر إهمال القنوات الدبلوماسية التقليدية على حساب القنوات العسكرية المباشر. وثالثا: قد يكون رغبة من واشنطن فى عدم التواجد بصورة مباشرة فى الداخل المصرى خاصة بعد التجربة الأليمة للسفيرة آن باترسون، والتى انتهت بعودتها لبلادها فى أغسطس الماضى لشغل منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدنى.

•••

بصفة عامة يقوم السفير بعدة مهام منها تمثيل دولته وعرض وجهة نظر بلاده فى القضايا المهمة فى الدولة التى يعمل بها، كما يشارك فى عملية صنع قرار دولته بإبداء الرأى وإرسال تقارير وتقديم مقترحات. وقد كان الترشح للخدمة فى السفارة الأمريكية بالقاهرة بمثابة الحلم بين الدبلوماسيين المختصين بشئون منطقة الشرق الأوسط. ونفس الأمر انطبق أيضا على ما يتعلق بمنصب السفير، والذى يعد من بين أهم المناصب فى الخارجية الأمريكية، لذا كان هناك دوما تنافس شرس بين كبار الدبلوماسيين الأمريكيين للوصول لهذا المنصب.

إلا أنه وفى الوقت نفسه يحمل منصب «السفير الأمريكى» تداعيات سلبية تتعلق بتضخم الدور وإغراء الأهمية خاصة مع تعامل السفارة مع نخبة مصرية تتميز بمبالغتها الشديدة فى حجم وقوة ونفوذ الدور الأمريكى، وذلك بغض النظر عن خلفية هذه النخب الأيديولوجية أو الثقافية.

وترى الباحثة الأمريكية المتخصصة فى الشأن المصرى إمى هاوثورن من المجلس الأطلنطى بواشنطن «أن الإدارة الأمريكية قررت أن يأتى موقفها الرسمى فيما يتعلق بمصر من واشنطن، وهو ما خفض من مستوى الظهور الأمريكى داخل مصر إلى حد ما. وترى أن هذا التوجه مقصود به تهدئة الأوضاع بعد الحملة الإعلامية الشنعاء خلال الصيف الماضى ضد الولايات المتحدة وضد السفيرة السابقة آن باترسون».

•••

بعد انتهاء خدمة السفيرة السابقة مارجريت سكوبى فى شهر يونيو 2011، تم تعيين آن باترسون كسفيرة جديدة بعد أقل من شهر من رحيل سكوبى. ورغم أن مصر شهدت خلال هذه الفترة عدم استقرار كبير، وحكومات انتقالية متعددة تحت حكم مؤقت للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، لم تتأخر إدارة أوباما عن تسمية سفيرة جديدة إدراكا منها لأهمية شغل المنصب فى هذه الفترة الحرجة من التاريخ المصرى.

وكانت باترسون تعرضت لانتقادات كثيرة الصيف الماضى قبل وأثناء المظاهرات التى أعقبت عزل الرئيس محمد مرسى. وخرجت عناوين بعض الصحف المصرية تصف السفيرة بأنها «سفيرة جهنم» وأنها «المندوب السامى الأمريكى فى مصر» و«باترسون الوقحة» و«باترسون الخنفساء البيضاء» وعشرات من العناوين الأخرى غير اللائقة، من هنا يرى البعض أيضا هناك تردد من كبار الدبلوماسيين الأمريكيين للخدمة فى القاهرة خلال المرحلة الحالية. ومنذ مغادرة آن باترسون للقاهرة اختارت واشنطن أن تعين السفير دافيد ساترفيلد للعمل لعدة أشهر كقائم بالأعمال فى السفارة الأمريكية. وحصل ساترفيلد، صاحب العلاقة الطيبة مع الجيش المصرى، على إجازة من منصبه مديرا عاما للقوة المتعددة الجنسيات والمراقبين فى شبه جزيرة سيناء. ومنذ انتهاء مهمة ساترفيلد فى يناير الماضى، يمارس مارك سيفرز مهام القائم بأعمال السفير الأمريكى بالقاهرة.

•••

ويشاع على نطاق واسع فى واشنطن أن وزير الخارجية المؤقت نبيل فهمى أبلغ جون كيرى خلال لقائهما فى القاهرة يوم 3 نوفمبر الماضى أن الحكومة الانتقالية فى مصر لن تعارض رسميا ترشيح واشنطن لروبرت فورد سفيرا لها فى القاهرة، إلا أنه حذره من خطورة أقدام الإدارة الأمريكية على مثل هذا الاختيار نظرا للعزلة التى سيعانى منها فورد فى القاهرة حيث لن يتعامل معه أحد.

وتعد هذه النصيحة المصرية بمثابة اعتراض مبطن لاختيار روبرت فورد. ولا يعرف تحديدا سبب الاعتراض المصرى على شخص فورد، إلا أن اتهامات بعض الدوائر المصرية له بأنه ساعد على إشعال أعمال العنف فى سوريا بمساندته القوى المعارضة لنظام بشار الأسد، وأنه يحظى بالقبول لدى الإسلاميين يتفهم منها أسباب تخوف الحكومة الحالية.

وترى هاوثورن أن موقف إدارة أوباما من سحب ترشيحها لفورد يعكس رغبة منها فى تجنب أزمة جديدة فى علاقاتها بمصر. إلا أن عدم وجود سفير لواشنطن بالقاهرة يعكس أيضا حالة الشقاق السياسى بين الدولتين، إضافة لعكسه حالة سلبية السياسة الأمريكية تجاه القاهرة. وتؤكد أن هذا الموقف السلبى يترك تبعات ليست فقط على علاقات واشنطن مع مصر بل على كل منطقة الشرق الأوسط».

•••

أدت المواقف الأمريكية منذ الثالث من يوليو الماضى إلى إغضاب طرفى الصراع فى مصر، فهى لم تصف رسميا ما حدث ذلك اليوم بالانقلاب العسكرى، ولم ترها ثورة شعبية. وما زال تخبط الإدارة الأمريكية يثير الكثير من التساؤل عن سر رغبة إدارة أوباما فى الوقوف فى منطقة الحياد بين الطرفين، وهو ما أدى لإغضابهما معا.

وعلى الأرجح لا تعتقد إدارة أوباما أن وجود سفير من عدمه يؤثر على مصالح واشنطن الإستراتيجية، من هنا يعد موضوع السفير خطوة تكتيكية وليس إستراتيجية من جانب واشنطن، طالما أن هناك قنوات اتصال عسكرى مفتوحة بين الدولتين. ولن نفهم قضية غياب السفير الأمريكى بصورة كاملة إلا بعد انتهاء الاستحقاقات الانتخابية فى مصر ووضوح معالم العملية السياسية، والاطلاع على رد الفعل الأمريكى من تطورات الأحداث فى مصر.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات