كلمات العسيرى.. الأهداف والتوقيت - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 9:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كلمات العسيرى.. الأهداف والتوقيت

نشر فى : الثلاثاء 18 أبريل 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 18 أبريل 2017 - 9:35 م
قبل شهور قليلة تلقيت دعوة كريمة من السفير السعودى وعميد السلك الدبلوماسى بالقاهرة أحمد القطان، لمقابلة الأمير تركى الفيصل مدير المخابرات السعودية الأسبق فى منزل السفير بالزمالك. حضور هذه الجلسة كانوا إن لم تخنى الذاكرة ــ مع حفظ الالقاب والمقامات ــ عمرو موسى ومصطفى الفقى وأحمد أبوالغيط وفاروق جويدة وأحمد الجمال وعادل حمودة ومحمد السيد صالح.

اللقاء تم بعد ايام قليلة من وقف السعودية للامدادات البترولية فى اوائل نوفمير الماضى، أى كنا فى عز الازمة المصرية السعودية. الامير السعودى جاء للقاهرة فى اطار ترؤسه للجنة الحكماء التابعة للجامعة العربية، لكن كان واضحا ان الجلسة هدفها البحث عن افكار أو مداخل أو رؤى لحل الازمة بصورة غير رسمية. الأمير تركى والسفير القطان تحدثا بكل خير عن مصر ودورها. كلنا تحدثنا فى هذه الليلة، وعرضنا وجهات نظرنا، وأذكر اننى وغيرى من الحضور الكريم، سألنا الامير تركى: هل سبب الخلاف الرئيسى بين البلدين إضافة للازمة السورية هو غضب السعودية من مصر لرفضها ارسال قوات برية إلى اليمن؟!.

الرجل قال كلمات قاطعة ليلتها ما تزال ترن فى اذنى حتى اليوم خلاصتها الآتى: «لم يحدث أن عرضت مصر ارسال قوات برية، ولم يحدث ان طلبنا منها ذلك، وإذا كنا نحن فى السعودية لم نرسل قوات برية، فهل نطلب من مصر ذلك، لا نقبل على انفسنا ان نطلب ذلك، ولو وافقت مصر فسوف يعنى انها ترسل جنودها كمرتزقة، وهو ما لم يمكن تخيله بالمطلق».

انتهى اللقاء، وكتب عنه بعض الحاضرين بصورة عامة بصورة، ثم تكرر مرة ثانية بعدها بشهر، ولم أتمكن يومها من الحضور لوجودى خارج القاهرة، وعرفت من الحاضرين انه كان استكمالا للقاء الاول.

ما دفعنى اليوم للكتابة عن هذه النقطة تحديدا هو ما قاله العقيد أحمد العسيرى الناطق الرسمى باسم قوات التحالف التى تقودها السعودية لاعادة الشرعية إلى اليمن، ان الرئيس عبدالفتاح السيسى، عرض ارسال ما بين 30 و40 الف جندى مصرى للقتال بريا فى اليمن، وأن السعودية والتحالف رفضوا ذلك، باعتبار ان تلك مهمة القوات اليمنية فقط.

كلمات المسئول العسكرى ــ التى جاءت فى مقابلة تلفزيونية مع الاعلامى السعودى تركى الدخيل على قناة العربية مساء يوم الاحد الماضى ــ اظهرت مصر وكأنها تتاجر بجنودها، وأن ما تقوله فى العلن، غير ما تتفاوض عليه فى السر. لكن ومن حسن الحظ، وبعد نحو ٢٤ ساعة فقط تراجع العسيرى معتذرا عن كل مقاله، مؤكدا ان العرض المصرى، كان فى اطار التفاوض على تشكيل القوة العربية المشتركة، وليس لارسال قوات مصرية برية إلى السعودية.

تراجع المسئول السعودى أخمد فتنة كبيرة، لكنه ترك العديد من الاسئلة معلقة فى الهواء، عن السر والهدف والتوقيت لهذه التصريحات.

كل من يتابع العلاقات المصرية السعودية يدرك جيدا ان القاهرة رفضت مرارا وتكرارا عروضا متنوعة لارسال قوات مصرية للقتال البرى إلى اليمن. وعندما انتقد مسئولون سعوديون تراجع القاهرة عن «وعد مسافة السكة» لنجدة شقيقاتها العربيات، جاء التفسير المصرى بأن المساعدة لها اكثر من شكل مثل ارسال خبراء أو قوات جوية أو بحرية، ولا تعنى بأى حال التورط البرى غير المحسوب، وهو ما ثبتت صحته لاحقا.

السؤال هو لماذا خرجت تصريحات العسيرى، بعد ان بدأت علاقات البلدين تستعيد عافيتها، عقب لقاء السيسى وسلمان فى البحر الميت أخيرا، وقبل ايام قليلة من لقاء مفترض بينهما فى الرياض؟!

هل كانت كلمات العسيرى مجرد سهو أو سوء تعبير ام انها جاءت لتجهض هذا التقارب بين البلدين؟

وهل هناك تيار فى السعودية يريد ان تستمر حالة الجفاء بين البلدين، ام ان التصريحات كانت فعلا مجرد سوء تعبير من العسيرى؟!.

كل ما نتمناه ان يكون الامر مجرد التباس بحسن نية، لان الخيار الثانى يعنى اننا بصدد سيناريو خطير.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي