الدرس الليبى.. والخوف من انهيار الدولة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 7:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدرس الليبى.. والخوف من انهيار الدولة

نشر فى : الجمعة 18 يوليه 2014 - 4:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 18 يوليه 2014 - 4:35 ص

على ذمة وكالة رويترز فإن صراع الميليشيات الليبية المتنافسة فى العاصمة طرابلس قد أدى إلى تدمير 90٪ من الطائرات الرابضة بمطار المدينة.

وعلى ذمة جريدة الحياة اللندنية فى عددها الصادر أمس الأول الأربعاء فإن القتال حول المطار والقصف العشوائى بصواريخ جراد أدى إلى نزوح عدد كبير من العائلات وسقوط 26 قتيلا وعشرات الجرحى وخسائر بملايين الدولارات. ونتيجة لذلك فإن المنظمة الدولية للنقل الجوى «آياتا» أمهلت الحكومة الليبية شهرا واحدا لإخلاء مطاراتها من الميليشيات، والا اضطرت إلى سحب الرموز الملاحية مما يؤدى إلى وقف العمل نهائيا بالمطارات الليبية.

كان الله فى عون الأشقاء الليبيين فى مأساتهم الحالية. المجرم الأكبر فيما يحدث هو معمر القذافى ونظامه الذى أعاد الليبيين إلى عصور ما قبل التاريخ، وجرف الحياة السياسية بصورة أسوأ بمراحل مما فعله حسنى مبارك وبقية الطغاة العرب فى بلدانهم.

ونتيجة لذلك فإن الطبقة السياسية تشوهت، والأكثر خطورة أن عنف القذافى تم استنساخه ليصير عنفا بين كل القوى والمنظمات بل والأفراد، وصار هو الأصل فى حسم كل القضايا بدلا من الحوار.

كيف يمكن لكتائب وميليشيات متقاتلة ــ كلها تزعم حبها وإخلاصها لليبيا ــ أن تطلق صواريخ على المطار وتدمر غالبية منشآته وتجهيزاته وطائراته.

الطائرات المدنية كلفت الخزانة العامة ملايين وربما مليارات الدولارات، وهى ملك لكل الشعب الليبى الذى دفعها من ثرواته.. فكيف يمكن فهم العقلية التى اتخذت قرار مهاجمة المطار؟!.

تدمير أى منشآت ليبية سيدفع ثمنها الشعب الليبى، ولذلك فإن أى دينار أو دولار تخسره ليبيا الآن فالمواطنون هم الذين سيدفعونه لاحقا.

ما يحدث فى ليبيا الآن أقرب إلى العبث والجنون منه إلى السياسة، وهو نموذج حى لنعرف إلى أى مدى يمكن للجنون أن يقود دولة.

قلوبنا مع الشعب الليبى الشقيق حتى يتخلص من هذا الكابوس، وفرصة لنا فى مصر أن نتدبر المصير الذى كان يمكن أن ننتهى إليه لو أن دولة الميليشيات قد تمكنت من مفاصل الدولة.

لنتفق أو نختلف مع 30 يونيو أو مع 3 يوليو، لنسمها ثورة أو انقلابا، يمكننا أن ننتقد السيسى كما نشاء وكذلك الجيش والشرطة، لكن هناك أمرا لا يمكن المجادلة بشأنه وهو أن الدولة المصرية ماتزال متماسكة والحمد لله.

تخيلوا لو أن مخطط بعض التيارات الإسلامية فى إقامة ميليشيات مسلحة كان قد تحقق أثناء عهد حكم الإخوان، وتخيلوا أيضا لو أن تهديدات طارق الزمر وجماعته بإنشاء شرطة خاصة أو مطالبات صلاح سلطان وإخوانه بإنشاء جيش القدس وغيرهم قد نجحت.. فما الذى سيكون عليه الوضع؟!.

الإجابة موجودة فى ليبيا وسوريا والعراق، ولدينا نموذج مصغر منها فى سيناء.

لا ألوم المتطرفين وحدهم على ما وصلت إليه المنطقة، لكن ألوم فشل الأنظمة المتعاقبة التى تغنت بالقومية وبالوطنية، ثم اكتشفنا أن معظمها لا يريد إلا السلطة للعائلة فقط وليس حتى للحزب!!.

فشل نماذج الحكم والتنمية المختلفة فى غالبية البلدان العربية فى الفترات الأخيرة، هو الذى أنتج التطرف ومن دون هذا الفشل ما كان يمكن للإرهابيين والمتطرفين ان يجدوا الفرصة أو البيئة الحاضنة لهم.

مقاومة التطرف والانتصار على الإرهاب لا يتم فقط بالسلاح، بل بإقامة أنظمة حكم مدنية ديمقراطية تحترم القانون والدستور وتعلى من شأن الحرية وحقوق الإنسان.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي