هل انتهى الدور الإقليمى لمصر؟ - مصطفى النجار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:52 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل انتهى الدور الإقليمى لمصر؟

نشر فى : الجمعة 18 يوليه 2014 - 4:45 ص | آخر تحديث : الجمعة 18 يوليه 2014 - 4:45 ص

مع تصاعد الأزمات فى محيطنا العربى والإقليمى هل تشك أن دور مصر الإقليمى قد تراجع للغاية خلال الفترة الماضية؟ إذا أردت البحث عن الإجابة ابحث عن الدور المصرى فى سوريا أو ليبيا أو العراق أو اليمن، وإذا اتجهت للجنوب والقارة السمراء ابحث عن دور مصر فى السودان قبل الانفصال وبعد الانفصال ولا تجهد نفسك كثيرا؛ لأن أزمة مصر المائية مع دول حوض النيل وعلى رأسها إثيوبيا تنبئك أن الدور المصرى تراجع لأدنى حدوده التاريخية، إذا عقدنا المقارنة بين الفترة الحالية وفترات أخرى منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة.

رغم أن مصر هى أكبر دولة عربية وهى الشقيقة الكبرى كما يسمونها إلا أنها غابت ــ رغما عنها أحيانا وبإرادتها أحيانا أخرى ــ عن أغلب الملفات الإقليمية، التى تناسب ثقلها التاريخى والجغرافى والسياسى، والتى تفرضها المسئولية الإقليمية عليها كدولة كبرى فى نفس الوقت، الذى برزت فيها قوى أخرى أصغر من مصر بكثير لتلعب الأدوار، التى من المفترض أن تقوم بها مصر.

رغم خطورة ما يحدث فى سوريا وليبيا والعراق على أمن مصر القومى ومستقبلها فإن الحقيقة، التى لا بد من الاعتراف بها أننا نمارس دور المتفرجين، ونكتفى بالمشاهدة دون أن نكون طرفا فاعلا فى إدارة الأزمات، التى تمس أمننا بشكل مباشر، المشهد الإقليمى الحالى تتنازعه إيران وتركيا والمملكة السعودية وتظهر فيه قطر أحيانا وكل هذه الأطراف تتفق أحيانا أو تختلف مع الدور الأمريكى والأوروبى، ولكن تبقى المعادلة تتوزع بين هؤلاء اللاعبين وتوازناتهم، ونبقى نحن مجرد رد فعل لما يصدر عن هؤلاء.

حتى الملف الأساسى، الذى كان حصريا لمصر وهو الملف الفلسطينى تراجع الدور المصرى فيه بشدة، وعبر المشهد الحالى فى الحرب الدائرة فى غزة الآن عن هذا التراجع بعد رفض المقاومة الفلسطينية ــ حتى كتابة هذه السطور ــ للمبادرة المصرية وبعد تأخر الوسيط المصرى فى التحرك مع شعور الجانب الفلسطينى ــ على الأقل فى غزة ــ أن الطرف المصرى لم يعد مؤيدا أو حتى محايدا بسبب الآلة الإعلامية المصرية، التى تحرك عدد من وسائلها لتصطف مع الطرف الإسرائيلى فى خندق واحد لتصب لعناتها وتخوينها على الفلسطينيين والمقاومة بدلا من إدانة القاتل ودعم المقاومة على الأقل معنويا.

•••

كل الأحاديث والتصريحات التى تتحدث عن استعادة مصر لدورها الإقليمى والدولى خالية من الصدق والصراحة، وتبدو كمن يجامل نفسه على حساب نفسه. لذلك لا بد من وقفة للمصارحة لإنهاء هذا التراجع المريع للدور المصرى والدخول مرة أخرى فى دائرة التأثير

على قدر تأثيرك تكتسب مكانتك ويتعامل معك الآخرون، هذه إحدى بديهيات العلاقات الدولية، التى تعيد تعريف مفهوم القوة الكلاسيكى، وتجعل القوة مفهوما مركبا لا يعتمد فقط على القوة العسكرية أو المساحة أو عدد السكان أو حجم الموارد، بل يجعل السياسات الداخلية والخارجية أحد أهم محددات القوة واتساع دائرة التأثير ووجود الدور.

•••

من سوء حظ مصر تعاقب أنظمة حاكمة متتالية اتخذت سياسات عشوائية وأحيانا حنجورية وأحيانا خضعت لممارسات ابتزازية داخلية غير مسئولة، أسفرت فى النهاية عن تآكل الدور الخارجى وتقزم التأثير نتيجة غياب الرؤية، والتى لا بد أن تعتمد فى الأساس على مؤسسات صنع القرار الخارجى دون السقوط فى فخ شخصنة القرار طبقا لتوجهات الحاكم.

إذا كنا نبحث عن استعادة الدور المصرى الإقليمى والدولى فلا بد أن نضع فى الاعتبار:

أولا: وجود رؤية استراتيجية للدور الخارجى تعتمد على بناء قدرة التأثير فى التفاعلات الإقليمية والدولية، بما يحقق أكبر قدر ممكن من المصلحة الوطنية المصرية دون إخلال بمصالح الآخرين.

ثانيا: دعم الخارجية المصرية بمتخصصين فى شئون كل دولة بالإقليم لعمل دراسات جادة تجد المساحات المناسبة، التى يتمدد فيها الدور المصرى طبقا للرؤية والمستهدفات.

ثالثا: تصفير الصراعات والعداوات، التى تسببت فيها أنظمة حكم سابقة، جعلت مصر تخسر الكثير من تأثيرها ونفوذها العربى والأفريقى.

رابعا: إعادة قراءة أوراق القوة للدولة المصرية واكتشافها من جديد للانطلاق من خلالها مع توسيع مفهوم القوة ووسائلها والخروج به إلى أطر أخرى متنوعة تناسب التغيرات المتلاحقة.

خامسا: إدراك استحالة بناء دور خارجى قوى ومؤثر دون تلاحم الجبهة الداخلية والاستقرار السياسى وإنهاء التطاحن والإقصاء المستمر للمعارضين المختلفين مع توجهات النظام الحاكم.

سادسا: الاستقرار والإجماع على الثوابت الوطنية للسياسة الخارجية المصرية، التى لا تتغير بتغير من يحكم مصر، لأن العلاقات الدولية تحتاج للسياسات بعيدة المدى، التى لا يجب ألا تخضع لأهواء الحاكم، بل هى سياسات منهجية تتم بلورتها عبر مؤسسات ودراسات متخصصة، يجب أن ينفذها من يأتى لسدة الحكم.

•••

قوة الدور الخارجى لأى دولة ينعكس على وضعها الاقتصادى وزيادة فرص الاستثمار بها وفتح أسواق خارجية جديدة لها، وبالتالى ينعكس هذا على مستوى رفاهية المواطن. لذلك علينا الانتباه إلى تداخل الدور السياسى مع الاقتصادى، الذى من الممكن أن يخلق لمصر فرصا جديدة ويفتح آفاقا تساهم فى النهوض بمصر من كبوتها.

أعيدوا النظر وصارحوا أنفسكم بالأخطاء بلا كبر واستعلاء وتجاهل للواقع المرير، حتى لا نفقد تأثيرنا الخارجى أكثر من ذلك وقبل أن تصبح مصر بلا دور.

مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق
التعليقات