حتى لا نعيد إنتاج الكارثة - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 7:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حتى لا نعيد إنتاج الكارثة

نشر فى : الخميس 18 سبتمبر 2014 - 8:15 ص | آخر تحديث : الخميس 18 سبتمبر 2014 - 8:15 ص

لا يخفى على أحد أن انفراد التيار الإسلامى بالتواجد الحقيقى على الساحة السياسية قبل 25 يناير وبعدها قاد البلاد إلى كارثة. كما لا يخفى على أحد أن سياسات نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك هى التى قادت إلى تلك الكارثة عندما أصر على تأميم الحياة السياسية لصالحه فطارد أى تجربة حزبية واعدة، وحاصر أى حركة سياسية يمكن أن تهدد سلطانه ولو بعد سنوات، فأصبحت التربة خصبة لنمو وانتشار التيار الإسلامى بمختلف أطيافه.

والآن نرى مؤشرات كثيرة تقول إن نظام حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى يتحرك فى اتجاه يهدد بإعادة إنتاج الكارثة. فالقيادات الجامعية التى عاد قرار تعيينها إلى يد الرئيس بعد أن كان بالانتخاب أصبحت تتسابق من أجل تأميم الحياة الجامعية لصالحه، ورأينا رئيس جامعة بنى سويف يعلن أن «الإساءة للرئيس جريمة عقوبتها الفصل النهائى من الجامعة» ورأينا رئيس جامعة القاهرة يتبرع بأموالها لصندوق تحيا مصر تزلفا للرئيس مع أن الكل يعلم أن الجامعة أولى بالتبرع، ورأيناها يعلن الحرب على الأسر الجامعية ذات الخلفية الحزبية المعارضة ويغض النظر عن الأسر التى تدور فى فلك نظام الحكم وهو ما يعنى توفير بيئة خصبة نمو التيارات الإسلامية وليس العكس.

ورأينا الرئيس عبدالفتاح السيسى يلتقى الإعلاميين أكثر من 5 مرات فى 100 يوم ولم يلتق تقريبا قيادات الأحزاب السياسية حتى تلك التى طلبت لقاءه للاحتجاج على قانون الانتخابات. ورأينا الغموض الذى يحيط بمصير الانتخابات البرلمانية وتقسيم الدوائر من أجل ضمان «برلمان مستأنس» وهو ما يقضى على الأمل فى ظهور حياة حزبية قوية تقطع الطريق على عودة الإسلاميين.

ورأينا الرئيس يتحدث عن السياسة مرة وعن الاقتصاد مرات وهو نفس خطيئة نظام مبارك الذى أغرق البلاد فى دوامة الكلام عن الإصلاح الاقتصادى وتأجيل الحديث عن الديمقراطية، فلا إصلاح اقتصاديا تحقق ولا ديمقراطية قامت، فى حين وجدها التيار الإسلامى الذى لا يحتاج إلى أطر قانونية للنمو والتوغل فرصة ليفرض وجوده على الجميع.

ثم إن العدالة الاجتماعية التى يتحدث عنها الرئيس كثيرا لن تتحقق بمجرد زيادة معدلات النمو الاقتصادى وإنما بوجود نظام سياسى ديمقراطى حقيقى يجعل عين الحكام على الشعب ورغباته وليس على مجموعة رجال الأعمال الذين يمولون حملاتهم الانتخابية ويحققون مصالحهم العائلية ولا على ولاء الأجهزة الأمنية والسيادية التى تضمن لهم الحماية.

ونأتى للمعركة الوطنية ضد الإرهاب والتى يكرر فيها النظام نفس أخطاء مبارك عندما اعتمد لسنوات طويلة على الأمن كسلاح وحيد فى المعركة فدفعت البلاد ثمنا فادحا من اقتصادها وتطورها السياسى والاجتماعى. ولن نربح الحرب ضد الإرهاب إذا لم نخضها بمفهوم «معركة الأسلحة المشتركة» فالإصلاح السياسى وسيلة حاسمة لتجفيف الكثير من منابع الإرهاب والتطرف، والإصلاح الاقتصادى الحقيقى الذى لا يدفع الفقراء الجزء الأكبر من ثمنه سلاح مهم، والإعلام النزيه الذى لا يبث الكراهية ضد كل من يعارض نظام الحكم سلاح مهم. وإصلاح النظام القضائى والتشريعى بما يضمن عدم تحول الحبس الاحتياطى إلى عقوبة وإبعاد القضاء عن ساحة السجال السيسى سلاح مهم.

وأخيرا فالفرصة مازالت قائمة أمام النظام ليعيد حساباته ويختار مسارات بديلة تتفادى تكرار الكارثة وتصل بالبلاد إلى بر الأمان.

التعليقات