برنامج عمل لذوى الاحتياجات الخاصة.. شركاء الحياة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:12 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

برنامج عمل لذوى الاحتياجات الخاصة.. شركاء الحياة

نشر فى : السبت 18 أكتوبر 2014 - 12:25 م | آخر تحديث : السبت 18 أكتوبر 2014 - 12:32 م

نص المادة 81 ــ الوثيقة الدستورية 2014:

تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالا لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.

كما فى مجالات حقوق الإنسان وحريات المواطن الأخرى، لم يرتب النص الدستورى الملزم للدولة بضمان حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة والعمل على دمجهم مجتمعيا تحولات إيجابية فى الواقع المصرى.

فالبيئات العامة والخاصة للتعليم والعمل والخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية تواصل ممارساتها التمييزية إزاء ذوى الاحتياجات الخاصة، ووسائل الإعلام تهمش همومهم وقضاياهم ومطالبهم العادلة. والسلطة التنفيذية وإن أصدرت فى سبتمبر 2014 (ممثلة فى رئيس مجلس الوزراء) قرارا بإنشاء «المجلس القومى لشئون الإعاقة»، إلا أنها تتجاهل أولوية إدارة نقاش عام حول منظومة قوانين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (وقانون العمل فى مقدمتها) والقوانين الضريبية وضرورة إعادة النظر فيها وفى الكثير من اللوائح الإدارية والإجرائية المعمول بها بهدف تمكين ذوى الاحتياجات الخاصة. بل يتورط بعض ممثلى السلطة التنفيذية بين الحين والآخر فى تصريحات وأحاديث علنية عن «المعوقين» أو «المعاقين» تنضح بمحتوى تمييزى صادم. والمنظمات الحقوقية والتنموية والجمعيات الأهلية المعنية بذوى الاحتياجات الخاصة تواجه شأنها شأن الفاعلين الآخرين فى المجتمع المدنى «هجمة السلطوية الجديدة»، ومازالت على الرغم من إنشاء المجلس القومى لشئون الإعاقة لا تجد أمامها سوى مساحات ضيقة للغاية للتواصل مع السلطة التنفيذية والتأثير فى توجهاتها وسياساتها، ويغيب عنها بفداحة عون ودعم أطراف كالأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية.

•••

إزاء هذا المشهد السلبى، ولكى لا أقف عند حدود التشخيص لتسجيل الموقف والنقد لإرضاء الضمير ثم أعود إلى خانات المتجاهلين ولأن هموم وقضايا ومطالب ذوى الاحتياجات الخاصة يستحيل اختزالها فى ثنائيات الحكم / المعارضة (أى فى الخلاف المبدئى بين أنصار سلطوية تتجدد وبين دعاة تحول ديمقراطى تعطل لن أفقد الإيمان بأفضليته وباستحقاقنا له) كما أن طبيعتها الفنية والتفصيلية تستعصى حين تأخذ بجدية على صياغة مواقف مع / ضد الأحادية، أقترح الشروع الفورى فى إدارة ملف ذوى الاحتياجات الخاصة فى مصر وفقا للعناصر والتوصيات التالية:

1 ــ إطلاق نقاش عام حول التعديلات التى يتعين إدخالها على منظومة قوانين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والقوانين الضريبية بهدف صون كرامة ذوى الاحتياجات الخاصة، والقضاء على الممارسات التمييزية، وتمكينهم من التعلم والعمل ومن الحصول على الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية والإنسانية الشاملة فى بيئات تتسم بالمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص وتضمن دمجهم المجتمعى ــ فقانون العمل المصرى يحتاج إلى تعديلات جذرية شأنه شأن قانون المعاشات وقانون التأمين الصحى والعلاج على نفقة الدولة، وشأن قوانين الضرائب التى تمتنع عن إقرار مبدأ المعاملة التفضيلية المستحقة لذوى الاحتياجات الخاصة بل تتعسف معهم بفرض ضرائب كضريبة المبيعات على السيارات ووسائل التنقل المستوردة للاستعمال الشخصى والجماعى وفى ظل غياب المنتج المحلى.

ومع غياب البرلمان واحتكار السلطة التنفيذية للاختصاص التشريعى، ينبغى أن يشارك فى النقاش العام حول تعديلات القوانين لجان ومجالس السلطة التنفيذية المعنية كلجنة الإصلاح التشريعى والمجلس القومى لشئون الإعاقة والهيئات ذات الوضعية شبه الحكومية كالمجلس القومى لحقوق الإنسان والمنظمات المدنية والجمعيات الأهلية المعنية بذوى الاحتياجات الخاصة والأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية ذات الاهتمام الأصيل بالأمر والتى تملك بعض الرؤى والتصورات المحددة. وحال تشكل البرلمان، يطلب منه إما النظر فى التعديلات القانونية التى تم بالفعل إدخالها لإضفاء «الشرعية التشريعية» عليها أو مواصلة النقاش والتداول بشأنها داخل أروقة البرلمان وإصدارها إن كانت لم تصدر بعد.

2 ــ تكليف المجلس القومى لشئون الإعاقة بالشراكة مع المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية بـ: (أ) تطوير آليات مؤسسية وشفافة للتواصل مع ذوى الاحتياجات الخاصة فى المناطق الحضرية والريفية دون تمييز. (ب) إجراء مسح مجتمعى شامل لأوضاع ذوى الاحتياجات الخاصة وواقعهم المعيش فى المدارس والمعاهد والجامعات وفى أماكن العمل الحكومية وفى القطاع الخاص وفى المؤسسات والأجهزة المختلفة من المحاكم وأقسام الشرطة إلى المستشفيات ودور الترفيه وإصداره فى تقرير علنى يتفق على تحديثه دوريا ــ الأفضل بصورة سنوية. (ج) التعاون مع مراكز استطلاعات وبحوث الرأى العام لتحليل توجهات المصريات والمصريين بشأن شركائهم فى الحياة من ذوى الاحتياجات الخاصة ومن ثم التعرف على ما تدركه وما لا تدركه الأغلبية عنهم والصور النمطية السائدة والمفاهيم الصحيحة وكذلك المغلوطة. (د) صياغة برامج وحملات لتوعية الرأى العام بهموم وقضايا ذوى الاحتياجات الخاصة وتشجيع الجهات الحكومية ومؤسسات وهيئات القطاع الخاص وكذلك الأحزاب السياسية القادرة والنقابات المهتمة ووسائل الإعلام على الإسهام فى تنفيذها.

3 ــ تكليف المجلس القومى لشئون الإعاقة بالشراكة مع المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية بتكوين «المرصد المصرى للممارسات التمييزية ضد ذوى الاحتياجات الخاصة» وأهدافه: (أ) توثيق وقائع التمييز عبر تلقى الشكاوى والمظالم الشخصية والجماعية. (ب) مخاطبة المعنيين بين الجهات الحكومية والخاصة ــ من شركات ومصانع ومستشفيات إلى مكاتب للمنظمات الدولية والإقليمية ــ لمعالجتها والحيلولة دون تكررها. (ج) مراقبة أداء الجهات الحكومية والخاصة وتقييمه دوريا. (د) العمل فى المناطق الحضرية والريفية المهمشة والبعيدة عن أعين «العاصمة» والتى تتراكم بها الممارسات التمييزية كآلية إنذار وتحصين مبكر.

4 ــ تكليف المجلس القومى لشئون الإعاقة بالشراكة مع المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية بتشكيل «مجموعة تواصل إعلامى» تستهدف: (أ) دفع وسائل الإعلام المختلفة للاهتمام المطرد بهموم وقضايا ذوى الاحتياجات الخاصة ــ بأقسام متخصصة فى الصحف وعلى المواقع الإلكترونية كما ببرامج إذاعية وتليفزيونية جادة، وفى الحالتين سيستدعى ذلك انفتاح وسائل الإعلام المصرية على اجتذاب وتشغيل البعض من ذوى الاحتياجات الخاصة. (ب) المراجعة النقدية للغة المستخدمة من قبل وسائل الإعلام حين تناول ذوى الاحتياجات الخاصة لضبط اعوجاجاتها ومضامينها ورمزيتها التمييزية ــ لا يوجد سبب مقنع واحد لعدم تعميم استخدام وصف ذوى الاحتياجات الخاصة والتخلص إعلاميا وكذلك فى اللغة الرسمية (الدستور، القوانين، القرارات والمخاطبات الحكومية) من مفردات كالمعوقين والمعاقين وذوى الإعاقة التى ترتب آلاما نفسية وإنسانية كثيرة، (ج) تمكين ذوى الاحتياجات الخاصة من التواصل مع الرأى العام والتأثير فى توجهاته وإدراكه عبر وسائل الإعلام.

5 ــ تشجيع المدارس والمعاهد والجامعات ومراكز البحث العلمى، وكذلك مؤسسات وهيئات القطاع الخاص المهتمة بالمسئولية المجتمعية والعمل التنموى على استثمار جزء من مواردها وطاقاتها البشرية والتنظيمية فى: (أ) تطوير وصياغة وتنفيذ مبادرات طوعية لتفعيل مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بشأن ذوى الاحتياجات الخاصة وتمكينهم من الدمج المجتمعى. (ب) تحديث برامج التعليم المدرسى والجامعى المتوجهة إلى ذوى الاحتياجات الخاصة وربطها باحتياجات سوق العمل والفرص التى يتيحها. (ج) تحديث برامج التأهيل المهنى والترقى الوظيفى المتوجهة إلى ذوى الاحتياجات الخاصة ودعم الممارسات الإيجابية فى القطاع الخاص. (د) فتح باب المشاركة فى المبادرات الطوعية لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات وعمال وإدارات القطاع الخاص وتحفيزهم على الاقتراب من شركائهم فى الحياة من ذوى الاحتياجات الخاصة ــ والمؤكد أن الموظفين العموميين والعاملين فى الجهات الحكومية فى أمس احتياج للاقتراب ذاته الذى قد يحصنهم إزاء المفردات المضامين والممارسات التمييزية ويحد من الألم النفسى والأذى الإنسانى الواقعين على ذوى الاحتياجات الخاصة.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات