قبل أن تغرق السفينة - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن تغرق السفينة

نشر فى : الجمعة 18 نوفمبر 2016 - 10:35 م | آخر تحديث : الجمعة 18 نوفمبر 2016 - 10:35 م

بعيدا عن «سرنجات» منى مينا، وراتب هيثم الحريرى من شركة البترول، ولقاءات محمد أنور عصمت السادات مع السفراء الأجانب، وفرحة مصر بالفوز على غانا.. بعيدا عن كل ذلك، فإن الموضوع الأهم الذى ينبغى أن يلتفت له الجميع، هو الوضع الاقتصادى المزرى، وحجم القروض الكارثى الذى حصلت عليه الحكومة، ويهدد بتكبيل مستقبل الاجيال المقبلة بقيود لن تسطيع الافلات منها إلا بـ«معجزة»؟.

لغة الارقام لا تكذب بالتأكيد، خصوصا فى مجال الاقتصاد، وعند النظر إلى المتاح منها رسميا، فإن أبسط وصف يمكننا ان نصف به الوضع الحالى هو «المخيف فعلا».. فالدين الخارجى بلغ بنهاية يونيو الماضى نحو 55.76 مليار دولار طبقا لبيانات البنك المركزى المصرى، ومن المتوقع أن تصل قيمة العجز فى الموازنة العامة للدولة، للعام المالى الجارى إلى 240 مليار جنيه، وهذا العجز يتم تمويله عن طريق طرح البنك المركزى لأذون خزانة، وأدوات الدين الحكومية الأخرى، نيابة عن وزارة المالية، فضلا عن مساعدات ومنح الدول العربية بالاضافة إلى القروض الدولية.

وبالنسبة للنقطة الأخيرة، فوفقا للبيانات الرسمية، حصلت مصر على مليار دولار من دولة الإمارات كوديعة لدى البنك المركزى المصرى فى اغسطس الماضى، كما حصلت على 2 مليار دولار من السعودية كوديعة فى سبتمبر الماضى.

ايضا حصلت مصر على الشريحة الأولى من قرض البنك الدولى بقيمة مليار دولار فى سبتمبر الماضى، وقبل أيام حصلت على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 2.75 مليار دولار.

كما طرحت مصر سندات دولارية بقيمة 6 مليارات دولار منها 2 مليار دولار للبنك المركزى المصرى، و4 مليارات دولار تابعة لوزارة المالية، ومن المنتظر حصول مصر على 2.7 مليار دولار تم الاتفاق عليها مع الصين ضمن اتفاق مبادلة العملة، كما ستطرح وزارة المالية ما بين 2 إلى 3 مليارات دولار كسندات دولارية خلال الشهر القادم، ومن المنتظر حصول مصر على الشريحة الثانية والثالثة من قرض بنك التنمية الافريقى بقيمة 500 مليون دولار لكل شريحة أى مليار دولار، وايضا ستحصل على الشريحة الثانية والثالثة من قرض البنك الدولى بقيمة مليار دولار لكل شريحة أى بمجموع 2 مليار دولار.

ومن المنتظر كذلك، حصول مصر على باقى قيمة قرض صندوق النقد الدولى 9.25 مليار دولار، اضافة إلى ان الحكومة ستوقع قريبا على اتفاق انشاء محطة الضبعة النووية، ومن ثم اقتراض نحو 25 مليار دولار من الحكومة الروسية لانشائها، كما ان وزارة المالية تتفاوض للحصول على قرض بقيمة 500 مليون دولار من اندونيسيا.

هذه الارقام المخيفة التى تحاصر بلدا، يعيش ثلث مواطنيه تحت خط الفقر، تتزامن مع ارتفاعات رهيبة فى أسعار جميع السلع الحيوية، وأزمات متلاحقة تتمثل فى نقص السكر والزيت وألبان الأطفال، فضلا عن نقص الأدوية الذى ضرب أنواعا عديدة، مثل الأنسولين وأدوية أمراض القلب والسرطان، اضافة إلى محاليل غسل الكلى، وهى ضرورية جدا لمرضى الفشل الكلوى.

المشهد باختصار «قاتم»، ويتطلب من الجميع، الانتباه إلى ان سفينة الوطن تسير فى الاتجاه الخطأ، والحكومة لا تفعل شيئا لتصحيح المسار سوى الاستدانة ورفع الاسعار والتضييق على الحريات وتعظيم عضلاتها الأمنية، والبرلمان لا يمارس دوره فى المراقبة والمتابعة والمحاسبة أو حتى الاكتراث بهموم وآلام المواطنين، بل «يبصم» على كل مشروع قانون يأتى اليه من السلطة التنفيذية، ومعظم الاعلام الموالى للسلطة، يحاول إلهاء الشعب بجره إلى معارك جانبية وهامشية على طريقة «بص العصفورة»، بدلا من أن يركز على إمكانية إصلاح وتعديل المسار قبل أن تغرق السفينة بنا جميعا.

التعليقات