فوز الإسلاميين.. خطر أم تحدٍ؟ - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فوز الإسلاميين.. خطر أم تحدٍ؟

نشر فى : الأحد 18 ديسمبر 2011 - 12:50 م | آخر تحديث : الأحد 18 ديسمبر 2011 - 12:50 م

لقد كان فوز الإسلاميين فى المرحلة الأولى للانتخابات متوقعا لعدة أسباب من أهمها أن الإخوان هم أكثر القوى تنظيما على الأرض،وأنهم منذ بدأوا عام 1928وحتى اليوم يعملون باجتهاد للوصول للحكم،أما الأمر الثانى فلأنهم عانوا من النظام الجمهورى منذ عام 1954 وحتى اليوم مما أدى إلى تعاطف الكثيرين معهم وثالثا لأن الشعوب عندما تعانى فهى تتجه تلقائيا إلى الدين، هذا فضلا عن انفصال النخبة المثقفة عن الجماهير المصرية،وانصراف شباب الثورة وتفرغهم لميدان التحرير فى تقديم مطالبهم بدلا من العمل على الأرض والتحرك وسط الناس،كل هذا أدى إلى فوز الإسلاميين فى انتخابات المرحلة الأولى، والسؤال الذى نواجهه الآن كيف نرى هذا الفوز؟ هل نراه خطرا محتدما لكل ما ومن هو غير إسلامى فى مصر؟ (المسيحيون، المسلمون الليبراليون...)، لا شك أنه إذا رأى غير الإسلاميين أن ما حدث خطر شديد سوف يقاومونه بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، ويبدأ سيناريو تكسير العظام وتبادل الاتهامات ورفض كل الاقتراحات المطروحة، هنا ستكون الطامة الكبرى، لأن الإسلاميين سوف يدافعون عن أنفسهم أيضا بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة وسوف يندفعون على كل المستويات ليثبتوا هويتهم فى الحكم داخليا وخارجيا مما يؤدى إلى أخطاء جسيمة، وهذه الاخطاء سوف تصب فى صالح كل من يريد تدمير مصر سواء من الداخل أو الخارج، فرفض سماعهم أو الحوار معهم وقياسهم على التجارب الفاشلة للحكم الإسلامى مثل السودان والصومال واتهامهم بأمور لم يأت موعدها بعد مثل «رجل واحد يصوت لمرة واحدة للأبد» على حد قول برنارد لويس، وكما يقول صموئيل هتنجتون «إن الإسلام غير ديمقراطى، وأن البلد الوحيد الذى طبق الديمقراطية هو لبنان وهو بلد مسيحى ولحظة أن يصل المسلمون إلى الحكم تنهار الديمقراطية إذا بدأنا فى هذا الطريق فسوف ندخل فى نفق مظلم لا نعرف متى وكيف نخرج منه، وسوف تضيع مصر من بين أيدينا ونتبادل الاتهامات بسؤال من الذى أضاعها؟ لكن إذا اعتبر الإسلاميون وصولهم إلى مجلس الشعب تحديا لهم،واعتبر غير الإسلاميين أن وصول الإسلاميين تحديا أيضا يجب أن يتعاملوا معه، سوف نصل معا إلى بر الأمان، بل سيكون وصول الإسلاميين كوصول أى فصيل آخر للحكم يستطيع وتستطيع جميع القوى الأخرى معه بالحوار الخلاق أن تصير مصر على قمة المنطقة العربية، لكن للوصول إلى هذا الهدف يجب أن نتفق على ثلاثة أمور الأول مصلحة مصر العليا سواء فى الحاضر أو المستقبل، وأن أى أمر ينتقص من مصلحة مصر سواء فى العلاقات الدولية أو الاقتصاد والاستثمار أو فى تقييد الحريات وحقوق الإنسان،فهذا كله سيؤدى إلى الإضرار بمصر أما الأمر الآخر فهو الديمقراطية الحقيقية، من حيث الاحتكام لصندوق الانتخابات والالتزام بمدتى رئاسة الجمهورية ودورات البرلمان والمساواة للجميع أمام القانون، مع ضمانات واضحة لذلك فى الدستور والقوانين المنظمة والقوى التنفيذية على الأرض، أما الأمر الثالث فهو الحوار المستمر بين جميع القوى،و عدم اللجوء للعنف سواء كان لفظيا أوماديا من الأكثرية السياسية أو الأقلية.

 

وهنا نأتى إلى سؤالين مهمين كيف يعتبر غير الإسلاميين فوز الإسلاميين تحديا لهم؟!

 

وكيف يعتبر الإسلاميون فوزهم تحديا لهم؟

 

سوف نجيب اليوم على السؤال: كيف يعتبر غير الإسلاميين فوز الإسلاميين تحديا لهم؟!

 

أولا: تحدى الاعتراف بالفشل:

 

لابد أن يعترف المثقفون غير الإسلاميين بالفشل مع الجمهور المصرى،لأنهم انقسموا إلى ثلاثة منذ عام 1952 مثقف يخدم الحاكم المتسلط ولا يشارك فى القيادة والثورى الذى يعارض فيجد نفسه مسجونا أو منفيا والشاهد الذى ينزوى صامتا، لذلك عندما قامت الثورة تجاوزتهم جميعا حيث لم نجد لهم دورا فيها،صحيح أن كتاباتهم وأعمالهم الفنية ناهضت الاستبداد ومجدت حرية الإنسان إلا أن شرارة الثورة أنطلقت من مكان آخر من الشباب وبساطتهم، فلم يتهيأ المثقفون للثورة ولم يمتلكوا أفكارا خلاقة لقيادتها وحين نجح الإسلاميون فى الانتخابات على مستوى الوطن العربى تبين للمثقفين مدى هامشيتهم وأنهم لم يستطيعوا التأثير فى الحراك الشعبى فإذا اعترف المثقفون بالفشل وبدأوا فى إصلاح توجههم وأسلوبهم وتحركهم نحو الناس من موقع المعارضة النزيهة التى لا تجتر مرارة الفشل، فسوف تصل فى يوم من الأيام إلى الحكم أو على الأقل تشارك فيه.

 

ثانيا: تحدى الاعتراف بمبالغتهم فى الخوف من التيار الإسلامى مما أدى إلى تأثير عكسى على الأرض:

 

لقد جاءت مخاوف غير الإسلاميين من فوز الإسلاميين بسبب ممارسات حكومات إسلامية مجاورة فى تطبيق الحدود، مثل السودان والسعودية والصومال.. وهذه الممارسات من الصعب تطبيقها فى مصر لعدة أسباب، أن المبادئ المعلنة للإخوان تتحدث عن أن الدولة التى تطبق الحدود عليها أن تفى بشروط التطبيق، فالدولة الفقيرة التى لا توفر حدا أدنى كريما لجموع الشعب من المستحيل تطبيق حد الـسرقة فيها وهكذا من الصعب جدا تطبيق حد الزنا لصعوبة إثباته ولذلك فمعظم قيادات الإخوان يرون أنه من الصعب بمكان تطبيق الحدود، هذا فضلا عن أنه إذا تم الإتفاق على نظام ديمقراطى يتساوى فيه الجميع أمام القانون، وكذلك فى الحقوق والواجبات، فسوف يلتزم الجميع به حتى لو لم يكن من صلب العقيدة،فالاتفاق ملزم للجميع، كذلك كان لتصريحات بعض قادة السلفيين عن العودة إلى الجزية وتطبيق الحدود والإمارة الإسلامية وموقفهم من الفن والتماثيل.. سبب رعب لجموع المصريين إلا أن هذه التهديدات أخذها الشعب المصرى على أنها غير جادة ولا تناسب العصر وهكذا نجد أن المبالغة فى الخوف من الإسلاميين أدى إلى تعاطف الناس معهم خاصة الذين لا يرون ذلك.

 

ثالثا: تحدى وصول الإسلاميين كفرصة لإعادة التشكيل من خلال الحوار:

 

من الواضح أن الاسلاميين الذين حصلوا على الأغلبية لم يكونوا الأكثر تطرفا،بل من الذين طالبوا بالحوار وهم فى المعارضة وعانوا عندما دخل بعضهم إلى البرلمان فى العهد السابق ولم يستمع أحد لهم، وأظن أن المعتدل منهم هو الذى سيحصل على أى منصب أعلى، وهنا يتوقف الأمر على أسلوب الحوار من غير الإسلاميين، وكيف يستطيعون من خلال المنطق والعقلانية وقبول الآخر أن يصلوا إلى كلمة سواء،خاصة إذا تجاوب الإسلاميون معهم وبحسب ما نسمع ونرى أنهم على إستعداد لذلك، وهناك عبارة فى التوراة تقول» الحديد بالحديد يحدد والرجل يحدد وجه صاحبه «والمعنى هنا أن تشكيل الحديد يأتى من خلال حديد مثله فالسيف يصقل بإحتكاكه بألة حديديه حاده ويستطيع الرجال من خلال الحوار القوى والعميق والخلاق أن يحددوا وجوه بعضهم البعض، ذلك لأنهم وطنيون مخلصون وفى خلافهم يتمسكون بعلاقاتهم القوية بعضهم ببعض كمواطنين مصريين أمناء على ما استئمنوا عليه وبإعادة تشكيل كل واحد لوجه الآخر سوف يحققون المصلحة العليا للبلاد ولهم.

 

رابعا: تحدى التعاون مع التيار الإسلامى الحاكم:

 

وبكل قوة لتحقيق تنمية حقيقية للمجتمع وبحد أدنى للتعليم والثقافة والمشاركة الجادة والعمل الجاد لتتقدم مصر بدلا من النظرة القصيرة من إعاقة خطتهم لإسقاطهم فى الانتخابات القادمة فتسقط البلاد فى فخ الصراع الذى يدمر الجميع وعلينا التركيز على نماذج الدول الإسلامية الناجحة مثل ماليزيا وتركيا وأندونيسيا، والأخذ بخبراتهم، خاصة أن الإسلاميين ينظرون خلفهم إلى حضاراتهم باعتزاز ويعترفون بانهيار الحضارة الإسلامية وضعف تأثيرها فى العالم اليوم بسبب التشدد ويحتاجون إلى النجاح، وهم لذلك لديهم الاستعداد للتعاون مع غير الإسلاميين وفى النهاية أقول انه اذا أخذ غير الإسلاميين نجاح الإسلاميين كتحد أمامهم وليس كمصدر خطر سوف يحققون لمصر أكثر كثيرا من انتصارات مؤقتة على خطة تتقدم بها الحكومة الإسلامية يمكن تعديلها بالحوار لأجل مستقبل افضل حيث لاغالب ولامغلوب لكن تحقيق تجربة رائدة تتقدم بها مصرويشهد لها العالم.

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات