الإسلام كما أدين به 46 ــ خير أمة ج- الخطوة الأولى - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلام كما أدين به 46 ــ خير أمة ج- الخطوة الأولى

نشر فى : الخميس 19 يناير 2017 - 10:00 ص | آخر تحديث : الخميس 19 يناير 2017 - 10:03 م
إذا أراد المسلمون إنجاز تكليف الله لهم أن يصبحوا ويستمروا خير أمة، فلابد من تخليص الخيرية مما شابها من تجاوزات ابتعدت عن حقيقة الخيرية. كذلك تخليصها من المعانى والمفاهيم المغلوطة التى تسربت إلى فكر الأمة عبر حروب ساخنة وباردة جعلت المسلم فى حالة توتر ورفض فضلا عما صاحب مسيرة التاريخ من تفتت لوحدة الأمة إلى تخلف حضارى مريع. فقد أدى كل ذلك إلى ردود فعل لا تنطلق من الوحى بل من تصورات متعددة تتبنى السلطات بعضها ويتبنى المجتمع المدنى البعض الآخر حتى تم تفريغ مفهوم «خير أمة» من مقوماته الصحية.

ــ1ــ

بادىء ذى بدء لابد من معرفة أن «خير أمة» لا يعنى ولا يسعى أن تصبح خير أمة هى أمة رئيسة ترأس غيرها وتفرض سلطاتها وتقنن شريعتها قانونا واحدا لجميع الأمم والشعوب، فذلك أبعد ما يكون عما جاء به الإسلام وبينه القرآن وفعله الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. فأمة التوحيد والخير ليست صاحبة سلطة أو نفوذ على الآخرين، ولكنها ــ إذا استطاعت ــ صاحبة نموذج حضارى يدفع الآخرين إلى التقارب والاقتداء أو التنافس الحضارى المشروع... وعلى ذلك فإن «فريضة الجهاد» التى بلورها القرآن الكريم وفعلها رسولنا العظيم لا تعرف ولا تقبل هذا التحريف المتسربل برداء التفسير والفقه، يزعم أن للجهاد نسقان هما ــ حسب قولهم ــ جهاد الدفع وجهاد الطلب.. فالقرآن الكريم وصحيح البيان النبوى لا يعرفان هذا الخلط الشنيع. فالفقه الرشيد يفرق بين ثلاثة آليات لرد العدوان ودفعه، وهذه الآليات الثلاث هى الجهاد، والحرب، والقتال. والجهاد هو بذل غاية الجهد لمنع العدو من العدوان، أو لإقناعه بالحياد وضبط النفس، فإذا لم يثمر واستمر العدو فى عدوانه فهى الحرب.. والحرب بأنواعها على أن تكون الحرب من نوع محاربة العدو، فالحرب إما أن تكون نفسية أو سياسية أو دبلوماسية، وربما كانت اقتصادية ومعرفية وعلمية، فإذا استنفدت كل تلك الحروب دون نتيجة فلابد من مواجهة القتال بالقتال. وهنا نتبين البون الشاسع بين الجهاد وبين القتال. وحينما يتحول الجهاد قتالا فهو قتال الدفع والصد، وليس قتال اعتداء وتسلط.

ــ2ــ

كذلك فـ«الأمة الخيرة» لا تتعرض لغيرها من الأمم عنفا وإكراها على العقيدة.. فالأصل العام ((لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ))، كما أن المسلمين أمة دعوة وبلاغ ((..فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ..)). ولابد من إدراك حقيقة هامة وهى أن جيوش الفتوح التى خرجت من الحجاز إلى الشرق والغرب لم تخرج لنشر الدين أو التعريف به بل خرجت لتصفية الاستعمار الفارسى أو الرومانى وإزاحة الظلم عن الشعوب المغلوبة على أمرها.. وقد خرجت جيوش الفتح بأمر الخلفاء كـ«سياسة شرعية» فرضت ظروف العالم وقتها أن يتصدى المسلمون ــ حيث كانوا أجدر وأقدر ــ لتلك الإمبراطوريات المستعلية على الشعوب.

ــ3ــ

و«الأمة الخيرة» كما يقرر القرآن: ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ..)) وليس «على الناس»، والذى يفهمه العقلاء من تعبير «للناس» أن المقصود خدمة الناس، وتجديد فكرهم وإقامة نماذج للتغيير تدعو الناس إلى ترك ما هم عليه والإسراع نحو السلام العالمى والعمران الكونى والخلق الإنسانى الرفيع.. ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرا لَّهُم مِّنْهُمُ المُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ))...
يتبع
جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات