الفخ الليبي - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفخ الليبي

نشر فى : الخميس 19 فبراير 2015 - 9:20 ص | آخر تحديث : الخميس 19 فبراير 2015 - 9:20 ص

حسنا فعلت القيادة المصرية بردها العسكرى السريع على جريمة إعدام 21 عاملا مصريا على أيدى إرهابيى تنظيم داعش. فلم يكن مقبولا أن تمر هذه الجريمة التى أراد مرتكبوها إذلال المصريين مرور الكرام، لذلك فإن العملية العسكرية الجوية التى نفذها الجيش المصرى بعد ساعات قليلة من بث شريط داعش نزلت بردا وسلاما على قلوبنا جميعا.

العملية الجوية كانت جيدة بالفعل فى توقيتها ودلالتها لكن لا يجب أن تكون مقدمة لتدخل عسكرى مصرى واسع فى ليبيا يعيد إنتاج مأساتنا فى اليمن قبل أكثر من 70 عاما.

بالطبع ليبيا أصبحت تهديدا خطيرا للأمن القومى المصرى بعد أن انهارت فيها كل مؤسسات الدولة وأصبحت مرتعا للجماعات المسلحة والإرهابية من كل شكل ولون، والتحرك المصرى فى هذه الدولة الشقيقة لم يعد اختيارا. ولكن يبقى السؤال الأصعب وهو كيفية ممارسة دور فاعل يحمى الأمن المصرى وفى الوقت نفسه يحول دون سقوطنا فى المستنقع الليبى الذى هربت منه دول حلف الناتو قبل نحو 4 سنوات.

تمتلك مصر طوال الوقت حق العمل العسكرى للقضاء على أى تهديدات قادمة من ليبيا فى ظل حالة اللادولة التى يعيشها البلد الشقيق. غير أن ممارسة هذا الحق تحتاج إلى قدر كبير من التروى وعدم الاندفاع لاسيما وأن الرؤية السياسية المصرية لما يجرى فى ليبيا لا تتوافق مع رؤية أغلب الدول الفاعلة فى الأزمة بما فى ذلك الجزائر وتونس والاتحاد الأوروبى وهو ما يفرض على القاهرة ضرورة بلورة رؤية أوسع لإعادة الاستقرار إلى ليبيا حتى لا تتحول إلى ساحة حرب استنزاف لمصر.

فتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة تشير إلى انحيازه لخيار العمل العسكرى الواسع فى ليبيا فى إطار دولى وهو ما يمكن أن يتحول إلى فخ لمصر، إذا ما أعطت دول العالم الضوء الأخضر للقاهرة من أجل التدخل فتتحمل هى النصيب الأوفر من العبء، لأن السوابق الدولية تقول إن الدولة التى تطالب بتدخل دولى فى أزمة ما تتحمل الجزء الأكبر من الثمن وتكتفى الدول الأخرى بالمشاركة الرمزية.

أى تدخل عسكرى مصرى برى فى ليبيا يمكن أن يتحول إلى كارثة فى ظل الحقائق على الأرض هناك. فمساحة ليبيا تبلغ 1.8 مليون كيلومتر مربع وهو ما يعادل ضعف مساحة مصر تقريبا، وعدد سكانها نحو 6.7 مليون نسمة. كما أن خريطة التنظيمات المسلحة فى ليبيا بالغة التعقيد حيث تضم نحو 10 تنظيمات مسلحة رئيسية و3 مجموعات قبلية كبرى هى القبائل العربية، وقبائل التبو، وقبائل الطوارق وهو ما يعنى أن دخول أى قوات نظامية إلى هذا المستنقع يمكن أن يكرر مأساة التدخل المصرى فى اليمن وكارثة التدخل الأمريكى فى فيتنام والتدخل السوفيتى فى أفغانستان.

مؤشرات عديدة تقول إن الفخ الليبى منصوب لمصر وجيشها، فلا يجب أن نسقط فيه تحت تأثير لحظات حماس أو غضب بعد جريمة داعش أو تحت تأثير إلحاح فصيل ليبى يخوض صراعا على السلطة ويتمنى الوصول إليها على ظهر دبابة مصرية، لأننا نحن من سندفع الثمن فى النهاية.

التعليقات