فى ضرورة مواجهة التهافت والركود! - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى ضرورة مواجهة التهافت والركود!

نشر فى : الأحد 19 أبريل 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الأحد 19 أبريل 2015 - 9:25 ص

يقلق للغاية استسلام بعض الفاعلين فى المساحات الصغيرة التى تشغلها الحركة الديمقراطية ومعها معارضى الحكم / السلطة فى هوامش اليمين واليسار غير المستتبعة رسميا إلى حالة من التهافت والركود الفكريين بالامتناع عن ممارسة النقد الذاتى والعجز عن الاعتراف بالأخطاء ورفض البحث فى السبل الواقعية لاستعادة مسار تحول ديمقراطى حقيقى.

فالأمر لم يعد به إلا ازدواجية مؤلمة فى المعايير الأخلاقية والإنسانية والمجتمعية، حين يمتنع البعض فى الحركة الديمقراطية عن توظيف أدوات النقد الذاتى 1) لتفسير كيف أخفقنا فى تطوير مسار تحول ديمقراطى حقيقى بعد ثورة يناير 2011، وفى الدفاع عنه فى مواجهة مؤسسات وأجهزة دولة ونخب اقتصادية ومالية وإعلامية وقطاعات شعبية ناوأته ولم ترد له الاستمرار وكان لزاما صياغة توافقات معها تطمئنها بشأن شىء من مصالحها وتفكك بعض مخاوفها وتجعل من احتواء مناوأتها للديمقراطية أولوية، و2) لتشريح الأسباب المختلفة لإضاعتنا لتعاطف الكثير من القطاعات الشعبية حين تورطنا فى الاستعلاء على مطالب الناس الاقتصادية والاجتماعية.

والأمر لم يعد به إلا ازدواجية مؤلمة، حين يعجز البعض فى الحركة الديمقراطية عن الاعتراف العلنى بالأخطاء الكثيرة الأخرى التى تورطنا بها. منذ اليوم الأول لمراحل ما بعد 11 فبراير 2011، ودعاة الديمقراطية يجيدون بكشف انتهاكات الحقوق والحريات، ويجيدون بالمطالبة بمساءلة ومحاسبة مرتكبيها، ويجيدون بعدم الصمت عن إدانتها حتى حين يعطيها الانتشار العام لهيستيريا العقاب الجماعى قبولا شعبيا. غير أن دعاة الديمقراطية تورطوا، أيضا منذ اليوم الأول لمراحل ما بعد 11 فبراير 2011، 1) فى خطأ الامتناع عن إدارة حوار مع المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والنخب المتحالفة معها يستهدف بناء توافقات بشأن التحول الديمقراطى، 2) فى خطأ الانجرار إلى الصراعات الأيديولوجية التى كانت جماعة الإخوان وقوى اليمين الدينى تغرق البلاد فى غياهبها اللعينة دون امتلاك الحركة الديمقراطية لرؤية واضحة المعالم لا لكيفية إدارة الصراع ولا للدفاع عن مبدأ المواطنة ولا للدفع نحو حسم شروط المشاركة فى السياسة بالفصل بينها وبين الدين وبإقرار كون الدستور هو مرجعيتها النهائية، 3) فى خطأ المطالبة المتكررة بتأجيل الانتخابات والاستخفاف بمركزية حضور مؤسسات منتخبة لإدارة التحول الديمقراطى والتعجل البالغ فى دعم إلغائها والزج بمصر إلى دوامات غياب المؤسسات أو إلى استبداد المؤسسة الواحدة، 4) كما تورط الكثيرون فى خطأ تجاهل المطلب الديمقراطى لـ30 يونيو 2013 ــ الانتخابات الرئاسية المبكرة ــ واستدعاء الجيش للتدخل فى السياسة ثم تأييد إماتتها وتسليم شئون الحكم / السلطة إلى المكون العسكرى ــالأمنى بعد 3 يوليو 2013، 5) ثم تورط الكثيرون أيضا فى «صمت البدايات» على الانتهاكات الواسعة للحقوق وللحريات منذ 3 يوليو 2013 ولم يشرعوا فى إدانتها إلا بعد أن انهار من المصداقية الأخلاقية والإنسانية للحركة الديمقراطية الشيء الكثير.

واليوم، يتواصل عجز البعض فى الحركة الديمقراطية عن الاعتراف بكون 1) المعارضة المبدئية للسلطوية الجديدة و2) المواجهة السلمية لانتهاكات الحقوق والحريات لا تتعارضان مع إقرار أن عمليتى الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية فى 2014 منحتا منظومة الحكم / السلطة مشروعية قانونية وشهادة تأييد علنية من قبل قطاعات شعبية متنوعة – ولا يعنى الاعتراف هنا تجاهل استراتيجيات فرض الرأى الواحد والصوت الواحد التى أسهمت فى ذلك بوضوح. ثم برفضهم الاعتراف بكون 3) المشروعية القانونية للحكم / السلطة و4) تحديات الإرهاب والعنف والانهيارات الأمنية فى جوارنا الإقليمى تلزم بالكف عن «أحاديث» إسقاط النظام والعمل بسلمية على استعادة مسار تحول ديمقراطى حقيقى دون تعريض البلاد لهزات كارثية أو لخطر الفوضى.

أبدا لن ننتصر للديمقراطية بالاستسلام للتهافت وللركود الفكريين!

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات