هل حقا نريد تجديدا؟ - نادر بكار - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 5:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل حقا نريد تجديدا؟

نشر فى : الثلاثاء 19 مايو 2015 - 9:45 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 مايو 2015 - 9:45 ص

(تجديد الخطاب الدينى) مصطلح يدندن به كثيرون سواء من استوعب الحاجة إليه ومن ثم انطلق فى تحصيل أدواته اللازمة، أو من وجد فيه سترا ينطلق من ورائه لتمرير ما يحلو له من قيم التهتك والانسلاخ عن الدين نفسه، أو من يساير الاتجاه ليحصل شهرة وينال سمعة... ويشبه الجدل الدائر حول هذا المصطلح المعارك الفكرية الطاحنة حول (التجديد) أو (القديم والجديد) و(التغريب والتحديث) التى دارت رحاها القرن الماضى ولم تنقض بانقضائه.

أما من تفهم (الإسلام) بعمق وتشرب مقاصده واستوعب أصوله التوقيفية من نصوص قرآنية وأحاديث نبوية...وأصوله العقلية من قياس ومصالح مرسلة.. وأصوله الاجتماعية من عرف وعادة محكمة إلى آخر ما هنالك، ثم استطاع أن يصهر كل هذه المعارف ويمزج معها فهما بواقع الناس المتغير ثم أخرج فى النهاية صورة كلية متناسقة عناصرها ومنسجمة ألوانها.. فذلك وحده هو أول الناس مسارعة فى تجديد (صياغة) خطاب (الشريعة) لعموم البشر، ليس بإضافة أو حذف وإنما بتفهم لحال المخاطب وواقعه.. (حدثوا الناس بما تبلغه عقولهم أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟).

ومن أراد تسترا وراء المصطلح قصد إلى كل قيمة من قيم (التغريب، العلمنة، إلخ) وأقحمها فى (التجديد) إقحاما، وألبسها عنوة رداء (سماحة الدين) و(وسطية الإسلام)، يساعده فى ذلك (متهتك) آخر يقتطف من (شذوذ) الآراء و(غرابة) المذاهب كل عجيب وغريب ليدلل له على صحة توجهه وسلامة منطقه... والويل كل الويل لمن عارضهم برأيه (العلمى) أو حديثه (المنطقى) حينها ترتفع فى وجهه كل أسلحة (الإرهاب الفكرى): تكفيرى، إرهابى، متشدد، متطرف، رجعى إلخ.

(بعثت بالحنيفية السمحة) و(ما خير بين أمرين إلا واختار أيسرهما ما لم يكن إثما) نصان خرجا من نفس مشكاة النبوة، لكن الذى لا يفهم أو لا يريد أن يفهم ينتقى ما شاء ويترك ما شاء، وإن تعسر عليه الأمر ضرب النصوص بعضها ببعض وزعم كذب الأحاديث وطعن فى نسبتها ولولا خشيته من ردود الأفعال لكذب بعض الآيات وتشكك فى نسبتها هى الأخرى.. بل منهم من تجرأ على ذلك بالفعل ووصف القرآن بالنص التاريخى أى يقبل النقد والتصويب ولما هاجت عليه الدنيا وماجت خلطوا الحابل بالنابل مجددا وقالوا: رجعيون متطرفون أعداء الاستنارة وإعمال العقول!
والصنف الثالث ممن يساير (الموضة) فلا يستحق التنويه على دوره كثيرا بل تكفى أقل مناقشة لتفضح أنه مسكين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء!