الكواكب.. تضىء عيد ميلاد أبوسيف - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكواكب.. تضىء عيد ميلاد أبوسيف

نشر فى : الثلاثاء 19 مايو 2015 - 12:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 19 مايو 2015 - 12:35 م

تسترد مجلة «الكواكب» عافيتها من جديد، تنفض عن نفسها تراب البلادة والمعتاد، وتنتبه، بعقل يقظ، إلى الأهم والأجدى.. فى عددها الأخير، تفرد جزءا ثمينا من صفحاتها، عن صاحب الحضور الراسخ، صلاح أبوسيف، بمناسبة عيد ميلاده المئوى، الأمر الذى فات مؤسساتنا الثقافية والتعليمية والإعلامية.

بعيدا عن الإدانة والتأنيب، تأتى قراءة الملف منعشة للذاكرة، مثيرة للقضايا، تفتح آفاق البحث فى تراث مخرجنا الذى جعل للسينما المصرية حضورا مرموقا، فى الماضى والحاضر والمستقبل.

على امتداد أربع صفحات، تابعت «نيفين الزهيرى»، بالتواريخ، أهم المحطات فى مشوار صلاح أبوسيف، منذ ميلاده «1915»، ورحيله عام 1996، مرورا بعمله فى قسم المونتاج باستوديو مصر، ومساعدته فى إخراج «العزيمة». لكمال سليم 1939، ومحاولاته الأولى فى إخراج أفلام قصيرة، مثل «العمر واحد» أو «نمرة 6»، الذى قام ببطولته إسماعيل ياسين مع حسن كامل، لطفى الحكيم، وفؤاد منيب.. ثم إخراجه لـ«دايما فى قلبى» 1946، المقتبس من «جسر واترلو»، قبل أن يقدم كلاسيكياته التى عرفت طريقها إلى المهرجانات الدولية: «الوحش» 1954، المشارك فى مهرجان كان، و«شباب امرأة» 1956، المشارك فى ذات المهرجان، و«الفتوة» الذى عرض فى مسابقة مهرجان برلين 1957.. حتى «البداية» حيث حصل على جائزة النقاد فى مهرجان فينسيا 1986، و«العصا الذهبية» فى مهرجان فيافى 1987.

رئيسة تحرير الكواكب، المتمتعة بذاكرة يقظة، أمينة الشريف، أوردت فى افتتاحيتها الرقيقة، معلومة جديدة تماما بالنسبة لى، لا أعرف مدى صحتها، ذلك أنى لم أطلع عليها من قبل.. تقول إن صلاح أبوسيف «عندما شارك فى أحد المهرجانات بفيلم «ريا وسكينة» انبهر الكاتب العالمى البير كامى وطلب الإذن من أبوسيف لتقديم حكاية الفيلم الغارقة فى المحلية فى عمل من تأليفه وأبلغه المخرج الكبير أن هذه الواقعة أصبحت مشاعا طالما تم نشرها ويستطيع تقديمها كيفما شاء، وقدمها كامى فى مسرحية سماها «سوء تفاهم».

المعلومة مغرية بالتصديق، خاصة أن «سوء تفاهم» تتضمن شخصيتين قاتلتين، تمارسان جرائمهما بانتظام، وبلا تردد. لكن تاريخ كتابة البير كامى لعمله المذكور، ينسف المعلومة ويذهب بها أدراج الرياح، ذلك أن «سوء تفاهم» نشرت، لأول مرة، فى فرنسا، عام 1943، وقدمت على أحد مسارح باريس فى العام 1944.. أى قبل عرض «ريا وسكينة» بعشر سنوات.

جدير بالذكر أن «سوء تفاهم» تحولت إلى فيلم مصرى بإخراج أشرف فهمى 1948، بعنوان «المجهول» وقامت سناء جميل ببطولته إلى جانب نجلاء فتحى وعزت العلايلى وعادل أدهم.. دارت الأحداث فى كندا، وبالتالى افتقر لأى إحساس مصرى، وبالضرورة، لم يحقق نجاحا يذكر.

«المصرية» هى السمة الجوهرية فى أعمال أبوسيف، والتى دفعت بمؤرخ كبير كجورج سادول إلى اختياره فى مقدمة أهم مائة مخرج، وحسب النص الوارد فى الملف، يقول سادول «أنه المخرج الأكثر مصرية»، لتميزه فى المعالجة الدرامية التى تعبر عن اللون الشعبى، وحرصه على البيئة المصرية بوصفها نموذجا له تاريخه وقيمته ومدافعا عن قضايا مجتمعه الخاسرة».

فى شهادة أخرى، تقول الناقدة الألمانية، إريكا ريشتر، أن أعمال أبوسيف هى «التعبير الحقيقى والمنصف عن مصر طوال نصف قرن من الزمان، حيث استطاع أن يواجه الأفلام اللاواقعية التى تنتجها هوليود الشرق بأفلام ذات مضمون شعبى وإنسانى اشتراكى، وأصبح بذلك سندا ومحرضا وممهدا للسينما المصرية التقدمية».

فى الملف، قد يفتقد القارئ أصوات النقاد المصريين، لكن مقالة الناقد الكبير، المخضرم، حسن عطية، تغطى مساحة مرموقة من ذلك الغياب.. برحابة أفق، وتحليل صائب، يرفض التفسير السهل، الكسول، الذى يرجع واقعية أبوسيف إلى تأثره بواقعية السينما الإيطالية، فعنده أن مخرجنا كان جزءا من تيار أدبى وفنى يبحث عن ذاته «رافضا تيار الرومانسية الشعرية الذى مثلته مدرسة أبوللو فى الثلاثينيات، وساعيا لتجاوز الإغراق فى ميلودرامية سينما الصعود الفردى القائم على الصدفة فى الأربعينيات» ويصل عطية إلى نتيجة مؤداها «جاءت أفلامه تشبهه هو ولا تشبه أحد سواه، وتعبر عن مجتمعه المصرى».

احتفالية الكواكب بميلاد رجل أغدق علينا العطايا، أمر واجب، يستحق التحية، لعل عدواه تنتقل إلى بقية مؤسساتنا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات