صديق العمر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 1:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صديق العمر

نشر فى : السبت 19 يوليه 2014 - 8:25 ص | آخر تحديث : السبت 19 يوليه 2014 - 8:25 ص

الخوف، إن لم يقتل الإبداع فإنه يطفئ ألقه، أو على الأقل، يمنع التصريح بالحقائق كاملة. يدفع المرتجف إلى السير فى المناطق الآمنة، صامتا، مؤدبا، متمنيا ألا ينتبه أحد لوجوده.. أظن أن صناع هذا المسلسل تعرضوا لعواطف متوالية من مخاوف، أثارتها عدة جهات: أسرة عبدالحكيم عامر، خاصة ابنه المحترم، الدكتور عمر، الذى يتفهم المرء ويحترم، حساسيته تجاه سيرة والده التى يختلط فيها الحق بالباطل.. وثمة حراس تراث عبدالناصر الأشداء، وعلى رأسهم ابنته المثقفة هدى، بالإضافة لأحد رجاله المقربين، سامى شرف، الذى يقف بالمرصاد، ضد كل ما يعتبره إجحافا بحق الزعيم.. بعدهما، بل قبلهما، يأتى دور «الجهات السيادية»، التى تملك مفاتيح المنع والموافقة.

كاتب السيناريو، محمد ناير، اختار شكل «الفلاش باكات»، أو العودة للماضى، من خلال ذاكرة عبدالحكيم عامر «باسم سمرة». المسلسل يبدأ بلحظة نموذجية: أعقاب نكسة ١٩٦٧ وتحديد إقامة المشير، فمن المنطقى، حين يداهم الإنسان حادث جلل، أن يراجع الماضى، فى محاولة لتفسير ما جرى ومعرفة الأسباب التى أدت إلى ذلك المأزق.. إلى جانب «الفلاشات»، ثمة الحاضر، بأيامه القليلة، القاتمة، الثقيلة، حيث الحراسة المشددة أمام فيللا الرجل الثانى فى الدولة، الذى أفل نجمه.

بعيدا عما كان من الممكن أن يحققه هذا الشكل من حيوية وقوة إقناع، جاء المسلسل على درجة كبيرة من الترهل والبلادة، فبدلا من أن تكون المشاهد سريعة، تتضمن المواقف الساخنة، تكثف اللحظات الحلوة والمرة، العامة والخاصة، فى حياة المشير، تجد أن المشاهد تتوالى، على نحو سقيم، غالبا، تبدأ بالساعى، يخطر عامر أو ناصر، أن فلان الفلانى على الباب، ويطلب مقابلته.. كالعادة، يقول الجالس أمام أو بجانب المكتب «خليه يتفضل».. يدخل الضيف، وبعد ثرثرة مضجرة عن الحال والأحوال والناس والأنجال، يدخل الضيف فى الموضوع، يسرد حكاية، كأننا نستمع لإذاعة.. أحيانا، يلقى علينا محمد حسنين هيكل، محاضرة، تتضمن تحليلات عن الموقف الدولى، وأحيانا تندلع مناقشات، لا تخلو من حدة، بين الرئيس والمشير، تنتهى غالبا بتبادل لفافات التبغ، يعقبها تعظيم سلام، من العسكرى للمدنى.

كاتب السيناريو المرتجف، تحاشى أن تكون له وجهة نظر.. وفى ذات الوقت، تجنب تملس رؤية بطله، المشير، لزملائه، أعضاء مجلس قيادة الثورة، وبالتالى، بدا أنور السادات، كمال الدين حسين، زكريا محيى الدين، وغيرهم، مجرد عناوين، أو كومبارس، ناطق أحيانا.. كذلك الحال بالنسبة للعنصر النسائى، بما فى ذلك برلنتى عبدالحميد، المقاتلة، المتسمة برباطة الجأش، التى بدت كأنها إحدى زميلات البنات الرومانسيات، خارجة توا من أفلام عبدالحليم حافظ.. جدير بالذكر أن مشهدها الافتتاحى جاء موفقا، حيث شاهدها المشير، لأول مرة، فى ندوة مع الفنانين، وكان لها موقف شجاع ضد التعامل الأمنى القاسى مع فنان شباب.. ربما يكون الموقف مختلفا، لكنه يعبر عن شخصيتها من ناحية، ويتجنب أبواب الجحيم التى كان من الممكن أن تفتح على المسلسل، لو حقق ما قال به الأستاذ سامى شرف، بشأن اللقاء الأول الذى تم فى سهرة أقامها طيب أو سيئ الذكر، صلاح نصر.

الأداء التمثيلى، إجمالا، بما فى ذلك جمال سليمان وباسم سمرة، يتسم بالتواضع الشديد، يكاد يخلو من التلوين، فالمواقف، على طول الحلقات، جوهريا، متكررة، تسير فى أفضل الأحوال، على وتيرة واحدة، فإما مجرد تقارير عرض حال ما يجرى فى سوريا، أيام الوحدة والانفصال، أو مناقشة، قد تتصاعد، تنتهى بوءام.

عثمان أبولبن، المخرج، اتبع أسلوب تسجيل الندوات التليفزيونية المملة. اللقطات عامة ومتوسطة، الكاميرا الكسول تكاد تكون ثابتة، ترصد ما يدور أمامها بخمول، لا تقترب من هذا الوجه أو ذاك، وكأنها شأن المسلسل كله خائفة من كل شىء

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات