روبن وليامز - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

روبن وليامز

نشر فى : الثلاثاء 19 أغسطس 2014 - 8:35 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 أغسطس 2014 - 8:35 ص

«تجمعن أيتها البراعم طالما تستطعن، الزمن الغابر لا يزال طائرا، ونفس الزهرة التى تبتسم اليوم، ستموت غدا».

هذه الكلمات، من قصيدة يشرحها المدرس الرقيق، المتمرد، روبن ويليامز، لتلامذته، فى فيلم «جمعية الشعراء الميتين» لبيتر وير 1989، حيث ينجح الأستاذ، بخبرته، وروحه الشفافة، فى أن يجعل طلبته أعمق حبا للحياة، والانتباه إلى مناطق الجمال، والايمان بالصداقة والقدرة على المحبة.. ومع اختياراته المرهفة لمقاطع شعرية، وبسلوكه الحانى عليهم جميعا، ينتهى الفيلم بتغيير جوهرى فى أفكارهم التى أصبحت أكثر نضجا، وإرادتهم، التى غدت أشد صلابة.

روبن وليامز «1951 ــ 2014»، وحده، مدرسة مستقلة فى الأداء التمثيلى، شأن كبار نجوم العالم، مثل جاك نيكسون، وانتونى هوبكنز.. من مزاياه ذلك الوجه الشفاف. يبين لك ما يجرى فى وجدانه من انفعالات، بصدق وبساطة، فضلا عن صوت أقرب للحرير، تكاد تلمس نعومته، وترى صفاء ألوانه. بالإضافة لذلك التوافق والتناغم بين الحركة واللفتة وملامح الوجه، والقدرة على الايحاء بالمعانى، قبل النطق بها.

ورث ويليامز الذوق الرفيع من والدته الفرنسية، عارضة الأزياء، كما ورث عن والده قدرا غير قليل من المرح، وروح الدعابة، ودرجة ما من السخرية، وأكثر من مرة، يحكى، بطريقته الآسرة، يوم فاتح والده فى رغبته لاحتراف التمثيل، فأجابه والده: هذا رائع.. انها مهنة احتياطية، تماما مثل اللحام».

ويليامز، عمل فترة غير قصيرة، فى الصالات والملاهى الليلية والحفلات، حيث يقدم فى الفواصل، وصلات كوميدية، تعتمد على الارتجال، العناء، التعليق على الأحداث الجارية، سرد حكاية يقوم فيها بأداء لعدة شخصيات، إلقاء نكات، الحديث المباشر مع الجمهور.. انه فن ينتمى إلى ما يعرف بـ«وان مان شو»، يتطلب مهارات متعددة، ثقافة، سرعة بديهة، خفة ظل، توافق فورى مع المتابعين.. جاء حصاد هذه الفترة من العمل متمثلة فى أمرين، أولهما، إتاحة فرصة الارتجال، بإضافة جمل حوار، فى الأفلام التى يمثلها. طبعا، مسألة إضافة كلمة، تعتبر من الأمور المستهجنة، المرفوضة، الممنوعة، فى صناعة الأفلام الأمريكية، لكن، مقبولة من ويليامز، سمح بها أشد المخرجين صرامة: ستيفن سبيلبرج، الذى أخرج له فيلم «هوك» 1991.. وقال عنه، بعد وفاته «عبقرية ويليامز الكوميدية كانت بمثابة عاصفة صاعقة، وكان ضحكا هو الرعد المصاحب لها».

الأمر الثانى الذى جاء نتاجا لفترة عمله بالصالات، قيامه، ببطولة «صباح الخير، فيتنام»، بتوقيع بارى ليفنسون 1987.. وفيه يؤدى ويليامز دور مجند أمريكى، ينتقل من كريت إلى فيتنام ليدير محطة إذاعية للجنود، يملأ فضاءها بصخب الحكايات والتعليقات والحديث الذى لا ينقطع مع الجنود، مع فواصل لأشرطة غنائية.. لكن، لشخصيته، جانب آخر.. فهو ينزل إلى الفيتناميين، يتعرف على حياتهم، يخالطهم، يحبهم ويشفق عليهم، الأمر الذى يزعج قياداته العسكرية، فيسببون له المتاعب.

قدم روبن وليامز «69» فيلما، وقام ببطولة العديد من المسلسلات، ووقف على خشبة المسرح عشرات المرات، وأعار صوته لعلاء الدين، بالإضافة إلى شخصيات تمتعت بالحضور فى أفلام التحريك، التى حققت نجاحات هائلة فى العقدين الأخيرين. بالنسبة لى، أزعم أن «مسز داو بتفاير» لكريس كولومبس 1993، من أجمل أفلام الكوميديان، وأعمقها، فنيا وإنسانيا.. بطلنا، الذى انفصل عن زوجته، لا يطيق الابتعاد عن أطفاله.. يتنكر، فى هيئة مربية، شديدة الطيبة، بدينة، تقطر محبة، مما يجعل الأبناء يهيمون بها.. إنها، عندهم، وعندنا، الحنان المفتقد عند الجميع، أغدقه علينا ويليامز، خلال تلك الشخصية الوديعة، كأنها حلم جميل، ربما كان ويليامز يتمناه، ولم يعثر عليه.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات