كيف ترى الصحافة العربية نفسها؟ - قضايا إعلامية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف ترى الصحافة العربية نفسها؟

نشر فى : الثلاثاء 19 أغسطس 2014 - 8:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 أغسطس 2014 - 8:25 ص

تشير البيانات الأخيرة إلى ضعف الصحف العربية على الرغم من أن وسائل الإعلام الرقمية تزداد قوة. وينعكس هذا الاتجاه على عدة أمور، من بينها انخفاض الاستثمار فى إعلانات الصحف. غير أن هذا الضعف أقل كارثية من تراجع أوضاع الصحف الغربية، وليس من الواضح ما إذا كانت الصحف العربية تجد نفسها بالضرورة فى أزمة عميقة. وفى ظل هذه المعطيات غامضة، وفى دراسة أجريت مؤخرا للتعرف على كيفية رؤية الصحف العربية لحالها، أبدت سبع صحف مختلفة السمات، ومناطق التوزيع، مواقف متناقضة.

فمن ناحية، أظهر العديد من المقالات والتقارير موقفا ايجابيا تجاه الصحف، يشير إلى تأثيرها الكبير، وإلى دقة معلوماتها، التى لا يمكن الاستغناء عنها. وغالبا ما تعبر هذه المواد عن موقف عدائى تجاه الإنترنت، بزعم سطحية محتواه، وأنه غير مهنى وكثيرا ما يكون مسروقا. كما شملت انتقادات واسعة ضد شبكات التواصل الاجتماعى، بحجة أنها ليست بديلا عن الصحف. وهكذا، يبدو أن الصحف تؤكد على جودة موضوعاتها، من أجل تعزيز نفسها ضد المنافس الرقمى.

من ناحية أخرى، عبر أكثر من ربع المواد التى تم تحليلها عن موقف سلبى تجاه الصحف. ومن بين الحجج الرئيسية التى أشارت إلى سلبيات الصحافة؛ أن العديد من الصحف تحرص على خدمة الحزب الحاكم، الذى يقيد حريتها فى التعبير. ولم يكن من المستغرب، أن تكون معظم هذه الانتقادات فى الصحف الجديدة التى تفخر باستقلالها. فلماذا تلقت الصحف تلفت إلى الملامح السلبية الخاصة بها؟ أحد التفسيرات المحتملة لذلك هو الاعتراف بالهزيمة أمام الصحافة على شبكة الإنترنت، التى يمكن أن تكون أداة جيدة للتغلب على الرقابة فى الشرق الأوسط العربى.

•••

وعلى الرغم من المعلومات المشجعة بشأن الصحف، أقرت معظم المواد التى تم تحليلها فى هذه الدراسة بأن الصحف العربية فى أزمة. ويعزو معظم المواد هذه الأزمة إلى الإنترنت، فيما تعزوه أقلى منها إلى قوة التليفزيون فى العالم العربى، وارتفاع معدلات الأمية، وابتعاد الشباب عن القراءة، فضلا عن حقيقة أن العديد من الصحف تعبر عن قوى سياسية. على النقيض من حالة الصحافة الغربية، لم ينسب سوى عدد قليل من المقالات فى الصحف العربية الأزمة إلى أسباب اقتصادية مثل الانخفاض فى الإعلانات. وربما يرجع اعتراف الصحف العربية بهذه الأزمة إلى حد كبير إلى عدم الرغبة فى تقديم معلومات كاذبة للقراء، الذين فقد الكثر منهم بالفعل الثقة فى الصحف.

ومن الطبيعى، عندما تسأل أنصار أى وسيلة إعلام حول مستقبلها، أن تقابل بابتسامة (حقيقية أو كاذبة)، وحكايات متفائلة عن الاحتمالات المشرقة. لكن الصحف العربية مختلفة. فقد أشار، نحو ثلث التى شملها الاستطلاع فى هذه الدراسة، إلى احتمال انقراضها او الاقتراب من الانقراض، خاصة فى ظل تعزيز الإنترنت كمصدر للمعلومات فى المنطقة العربية. وتصف الصحف العربية فكرة أنها بسبيلها للانهياب، باستخدام استعارات بلاغية تدل على الموت. ولكن فى هذا الوعى تكمن أيضا إمكانات الصحف فى مساعدة أنفسها الخروج من الأزمة. وهكذا، يمكننا أن نجد فى المواد نفسها إداركا لضرورة ان تستخدم الصحف المنابر التى تقدمها وسائل الإعلام الجديدة، من أجل البقاء على قيد الحياة.

•••

ويعتبر الخطاب المشترك الذى يطرحه الصحفيون العرب حول وضع الصحافة علامة على الكيفيالتية يرون بها أنفسهم كصحفيين. حيث يكشف الصحفيون من خلال مقالاتهم عن إدراكهم، وحتى مخاوفهم، من المستقبل الغامض لمهنتهم فى ضوء تقدم وسائل الإعلام الجديدة.

ومن المثير للاهتمام أنه فى اللغة العربية والكلمات التى تعنى «المطبعة» تحمل معنى آخر: «الصحافة ملفقة» «الصحافة غير الواقعية»، أو النظر فى هذا التفسير الثانى، ربما يمكننا القول إن اللغة نفسها، والتى هى القوة الحقيقية من الصحافة، يتوقع سقوطها الخاصة: الصحافة «الحقيقى»، وبالتالى، يكمن فى التكنولوجيات الجديدة.

ولكن المستقبل ـ وحده سوف يكون له الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بالصحف العربية. فهى مازالت تقرأ مع فنجان القهوة كل صباح، وفى نفس الوقت، توفر مواضيع المناقشة فى المجالات العامة فى جميع أنحاء العالم العربى. وينبغى أن تستمر الدراسات لبحث حالة هذه الصحف والقياس الدقيق لخواصها المتغيرة، وتوزيعها، والمجالات التى تغطيها مقارنة مع الخصائص المماثلة لوسائل الإعلام على الانترنت.

التعليقات