حينما قال الرئيس للفلاحين: اسمعونى - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حينما قال الرئيس للفلاحين: اسمعونى

نشر فى : الجمعة 19 سبتمبر 2014 - 2:15 م | آخر تحديث : الجمعة 19 سبتمبر 2014 - 2:15 م

«يتشرف الأستاذ الدكتور عادل البلتاجى، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، بدعوة سيادتكم لحضور الاحتفال بعيد الفلاح رقم 62 بمركز القاهرة الدولى للمؤتمرات قاعة خوفو، وذلك فى الساعة السابعة والنصف صباحا يوم الخميس الموافق 18 سبتمبر 2014، ويرجى الحضور قبل ساعة من الموعد وعدم اصطحاب التليفون المحمول».

ذلك هو نص الدعوة التى وصلت إلى المدعوين لحضور الاحتفال الذى تم بحضور رئيس الجمهورية.

وصلت فى السابعة والنصف، لم أجد من يدلنى على البوابة المحددة للدخول، وقفت فى طابور طويل. كان من الواضح أن وزارة الزراعة هى التى تتولى الجانب التنظيمى داخل القاعة، وللأسف كان التنظيم كارثيا.

غالبية الزملاء الصحفيين والفلاحين وصلوا إلى المكان فى السادسة والنصف صباحا تنفيذا للتعليمات وانتظروا حتى العاشرة حينما بدأ الاحتفال، حيث كان المنظمون يجربون الميكروفون، والقادة النقابيون منقسمون حول من يجلس فى المقدمة.

لم يكن هناك أى إعداد أو مناقشة مسبقة مع قادة الفلاحين لترتيب المداخلات والكلمات، وعندما تحدث الوزير عادل البلتاجى فى كلمته تعرض لثورة حقيقية من الفلاحين، الذين قاطعوه فى كل جملة تقريبا، وفعلوا ذلك مع الرئيس لدرجة أنه ترجاهم أكثر من ثلاثين مرة وتحدث قبل موعد كلمته قائلا: «انتم بترحبوا بى بالطريقة دى.. أنا جاى أقولكم كل سنة وانتم طيبين.. هى دى معقولة طريقة الترحيب»!!.

فى هذه اللحظة تمكن الرئيس من استيعاب ثورة الفلاحين حينما قال لهم: «انتم متصورين إن مشاكل كل السنين اللى فاتت هتتحل فى القعدة دى.. والله لو أطول أجيب حتة من السما وأعطيها لكم لفعلت». صفق الحاضرون كثيرا وهدأ الفلاحون. لكن أحد الحاضرين قال لى إن بعض الذين قاطعوا الوزير والرئيس فعلوا ذلك لأهداف دعائية انتخابية، استعدادا للمعركة المقبلة.

لكن مقاطعات الحضور الكثيرة كشفت عمق المشاكل التى يعانى منها الفلاحون، فعددهم أكثر من 51 مليون نسمة يشكلون أكثر من 60٪ من السكان لكنهم لا يساهمون إلا بحوالى 14٪ من الناتج المحلى الإجمالى، كما قال الرئيس.

المؤكد أن جزءا كبيرا من الفلاحين الحاضرين هم من طبقة كبار ملاك الأرض والنقابيين وبعضهم كانوا أعضاء فى المجالس النيابية السابقة، وعندما يثورون على السياسات وعلى الواقع الموجود، فالمؤكد أن هناك مشكلة ضخمة، وعلينا أن نتخيل حال الفلاحين البسطاء ذوى الأملاك الصغيرة أو الفلاحين الأجراء الذين يعملون فى المهنة ولا يملكون قيراطا واحدا.

الفلاحون هم ربما أكثر من يعبر عن الشخصية المصرية. هم عاطفيون جدا، يفكرون كأنهم جالسون على المصطبة. أحدهم قال إنه نقيب بنى سويف وإن إحدى السيدات هناك طلبت منه أن يبلغ الرئيس بضرورة وقف عمل الكراكات فى قناة السويس حتى يذهب الفلاحون ليؤدوا العمل بدلا من الكراكات!.

وزير الزراعة قال إنه لو استمر تجريف الأرض الزراعية بهذا المعدل فلن يكون هناك أى فدان زراعى فى مصر بعد مائة عام.

الرئيس تحدث بهدوء للفلاحين عن ضرورة استصلاح الأربعة ملايين فدان، مؤكدا أن كثيرا من الناس يشكك فى إمكانية ذلك وأنه يؤكد أن الأمر سيحدث إن شاء الله.

الفلاحون تحدثوا بحرية وجرأة حقيقية ومحمودة وعبروا عما يمنع تقدمهم.

القوانين التى صدرت بالأمس من تأمين صحى على الفلاحين والمعاش تطور مهم، وعلى الحكومة أن تحول شعاراتها إلى واقع ملموس على الأرض.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي