استعرضنا فى آخر مرة ردود الفعل المتوقعة لاثنتين من الدول العربية المجاورة لليبيا فى حالة طرح تدخل عربى مشترك لإنهاء أزمة طرابلس المتفاقمة، وانتهينا إلى توقع أن يكون رد الفعل التونسى حاسما فى رفض هذا الطرح بل ومعرقلا لأى تحرك مصرى على هذا الصعيد، فى حين يبدو الموقف الجزائرى أقل حسما وأكثر غموضا مع توقع ألا يبتعد كثيرا عن خيارات القاهرة لاعتبارات كثيرة مشتركة، وبذلك لا يتبقى سوى السودان من دول الجوار العربى لليبيا لنخضع رد فعلها المتوقع للدراسة.

نظام البشير تتشابك مصالحه بشكل أو بآخر مع جماعة الإخوان المسلمين سواء فى الداخل أو فى الخارج، ولا شك أنه قد تأثر سلبا بموجة الانقضاض العربى على التمدد الإخوانى وتحديدا فى القاهرة حيث معقل الجماعة الأم، ففى الوقت الذى كان يتجهز فيه ليس فقط للخروج من عزلته عن طريق القاهرة وطرابلس ومن ورائهما تونس، بل وأيضا لتحقيق تكامل فريد بين أربعة أنظمة إخوانية تحكم أكبر مساحة أرض وأعداد بشر فى المنطقة العربية كلها، فوجئ بالانهيار الدراماتيكى فى القاهرة ومن بعدها طرابلس وأدرك أن سريان موجة الانقضاض إليه ليس بعيدا.

أى ُتدخل عربى فى طرابلس للقضاء على خطر التنظيمات المسلحة وتلك التكفيرية، لن ينتهى به المطاف إلى تمكين جماعة الإخوان مرة أخرى، بل ستحسم الأمور بلاشك لصالح المجموعات المناهضة لها، وهو ما سيتدخل نظام البشير مباشرة للحيلولة دون حدوثه.

وقبل أسبوعين من الآن وفى سابقة توحى بدخول القتال فى ليبيا طورا جديدا اتهمت الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان الجديد نظام البشير صراحة وفى بيان رسمى بالتورط فى إمداد بعض التنظيمات بالسلاح عن طريق طائرة نقل عسكرية سودانية دخلت المجال الجوى الليبى من دون إذن أو طلب رسمى من مصلحة الطيران المدنى وفق البيان الرسمى.

وقالت الحكومة فى بيانها إن «هذا العمل من قبل الدولة السودانية يتجاوز الدولة الليبية ويتدخل فى شئونها، ويُقحم السودان كطرف داعم بالأسلحة لجماعة إرهابية تعتدى على مقدرات الدولة، ويمثل مخالفة صريحة للقرارات الدولية وآخرها قرار مجلس الأمن الدولى بحظر توريد الأسلحة إلى ليبيا».

إذن وسط ردود أفعال تتراوح بين المعترض والداعم للجماعات المسلحة والمتحفظ، لن تعول القاهرة فى أى تدخل عربى مباشر أو غير مباشر سوى على شريكيها الاستراتيجيين فى الخليج (الرياض/ أبوظبى).