من يدفع الـ80 مليون جنيه؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 11:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يدفع الـ80 مليون جنيه؟

نشر فى : الأحد 19 أكتوبر 2014 - 9:20 ص | آخر تحديث : الأحد 19 أكتوبر 2014 - 9:20 ص

صباح أمس السبت نشرت صحيفة الأهرام خبرا فى الصفحة رقم 14 ــ مع إشارة بارزة فى الصفحة الأولى ــ يقول إن الخسائر الناتجة عن الحريق الذى تعرضت له الوحدة البخارية الثانية بمحطة توليد كهرباء شمال القاهرة يوم الأربعاء الماضى لن تقل عن 80 مليون جنيه. التقرير المبدئى كشف أيضا أن الوحدة التى تعرضت للحريق تم بدء تشغيلها عام 2006 وأنها خارج فترة الضمان. حتى الآن التحقيق فى الحادث لم ينته ورئيس الجمهورية لم يتسلم التقرير الشامل عن الحادث من رئيس الوزراء إبراهيم محلب.

المفارقة أن الحادث وقع فى نفس اليوم الذى تحدث فيه الرئيس السيسى فى افتتاح تجديدات المجمع الطبى بالقوات المسلحة وطالب فيه المسئولين والمواطنين بالتدقيق فى إنفاق كل جنيه والتأكد من أنه سيتم إنفاقه فى مكانه الصحيح حتى لا يتم إهدار المال العام. ويومها قال الرئيس أيضا إننا لم يعد لدينا مال ليتم سرقته فى إشارة إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تضرب البلاد.

حتى كتابة هذا المقال ليلة الجمعة وصباح السبت لم يكن قد تم حسم السؤال الجوهرى وهو هل الحريق نتيجة الإهمال أم أنه يرجع إلى عمل تخريبى إرهابى.

وإلى أن نعرف حقيقة ما حدث علينا أن نلفت نظر الجميع إلى أن أخطر ما يواجه مصر فى المستقبل شعبا وحكومة هو حالة الكسل والبلادة والتراخى والإهمال والانفلات لدى غالبية الشعب.

تخيلوا فى غمضة عين تخسر البلد ثمانين مليون جنيه ونحن فى الواقع «نشحت» هذه الفلوس من الأشقاء لشراء الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.

لو افترضنا أن الحادث غير متعمد فإن السؤال البسيط هو: أين الصيانة والمتابعة والمراقبة والتدريب والتأهيل وكيف يقع مثل هذا الحريق الضخم فى مثل هذه المنشأة المهمة؟. وإذا كانت فترة الضمان انتهت فلماذا لم يتم عمل تأمين جديد مثلا؟

ولو كان الحادث تخريبيا فالمصيبة أعظم لأننا جميعا نشكو ليل نهار من محاولات إرهابية لاستهداف محطات ومحولات وأبراج الكهرباء وفى نفس اليوم كانت هناك محاولة فاشلة لاستهداف محطة كهرباء العين السخنة.

لدى شكوك عميقة بأن غالبية المنشآت الحيوية لا تحظى بحماية أمنية فعالة ويمكن اختراقها بسهولة. هذه الشكوك لا تستند إلى معلومات مؤكدة بل مبعثها مشاهد ومؤشرات وملاحظات عامة يمكن رصدها من المعايشة اليومية.

لكى نوفر كل جنيه وننفقه كما ينبغى فالمفترض أن يكون رئيس أو مسئول كل شركة أو هيئة أو مؤسسة خبيرا ومؤهلا بجد ويدير شركته بجد، ومساعدوه على نفس الدرجة من الكفاءة ومعايير العمل الصارمة تطبق على الجميع مع وجود أسس وقواعد للمحاسبة. وأغلب الظن أن معظم هذه الصفات غير متوافرة فى مجتمعنا فى الوقت الراهن. صحيح أن هناك محاولات فى بعض المرافق لكن الصحيح أيضا أن هناك مقاومة جبارة من كل البلداء والكسالى وأى موظف فاشل يخشى على منصبه.

من المهم أن يتم تحقيق شفاف وكامل وشامل فى حادث حريق محطة شمال القاهرة لكن الأهم أن يتم القضاء على البيئة التى تشجع وتقود إلى وقوع هذه الحوادث كل يوم دون أن يرمش لنا جفن. صار معظمنا يتقبل هذا الانهيار وذلك أخطر ما يواجه مستقبل هذه البلاد. أى التعايش مع الفشل والانهيار.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي