العالم لا ينتفض ضد الإرهاب - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 11:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العالم لا ينتفض ضد الإرهاب

نشر فى : الجمعة 20 يناير 2017 - 10:00 م | آخر تحديث : الجمعة 20 يناير 2017 - 10:00 م
«العالم ينتفض.. متحدون فى مواجهة التطرف» ذلك هو عنوان برنامج المؤتمر الدولى الثالث لمكافحة التطرف الذى عقدته مكتبة الإسكندرية، وافتتحه مديرها العام د.إسماعيل سراج الدين مساء الثلاثاء.

عنوان المؤتمر كان مربكا، لدرجة دفعت الكاتب الصحفى محمد صلاح مدير مكتب جريدة الحياة اللندنية بالقاهرة للتساؤل خلال إحدى جلسات اليوم الثانى: أى عالم ذلك الذى ينتفض فى مواجهة التطرف؟!.

التساؤل فى محله لأن العالم منقسم بشأن التطرف والارهاب، ولم ينتفض مطلقا ضده، وحتى التحالفات التى تقول إنها ضد الإرهاب وهمية. لدينا تحالف دولى ضد داعش من ٣٠ دولة بزعامة الولايات المتحدة، منذ منتصف عام ٢٠١٤، وصرنا ندرك انه ليس حقيقيا، لأن كل طرف كانت له أهدافه المعلنة والخفية. ثم ان العالم بأكمله منقسم على تعريف الارهاب، فكيف سيتوحد لمحاربته؟!.

من أجل كل ما سبق، فإن عنوان المؤتمر جانبه الصواب لا «كل يغنى على ليلاه»، مثلا لى شيان من الصين خصص كلمته لانتقاد الولايات المتحدة. والشيخ محمود الهباش من فلسطين دعا إلى إزالة الظلم الواقع على الشعب الفلسطينى بفعل الاحتلال الصهيونى.

الجلسة الرئيسية التى انعقدت عقب جلسة الافتتاح كانت حيوية، وبطلها الرئيسى هو المفكر والدبلوماسى المرموق الدكتور مصطفى الفقى بتعليقاته ومداخلاته الذكية أو حتى مداعباته الطريفة، وبدأ التقديم بقوله إن المواطن العربى بين نارين فهو يتعرض لهجمات داعش الإرهابية وللاتهام من العالم بأنه إرهابى!!.

الكاتب البارز فى صحيفة الحياة عبدالوهاب بدرخان قال إن الإرهاب صار جزءا من حياة الكثير من العرب الآن، لا توجد بداية تشير إلى إمكانية خروجنا من هذا المأزق.

الوزير المفوض طارق دحروج الذى يعمل فى سفارتنا باليونان، قدم ورقة بحثية مميزة عن خريطة انتشار داعش التى تضم ٢٠ ألف مقاتل أجنبى بينهم ٦٠٠ من مصر. الباحث العراقى صفاء الدين الفلكى قال إننا نتعرض لإرهاب غير تقليدى وبالتالى نحتاج حلولا غير تقليدية. الدكتور الفقى، عاد ليشير إلى خطورة ما قاله أحد مستشارى ترامب الجدد بأن المشكلة هى الإسلام وليس فهم وسلوك بعض المسلمين.

المداخلة التى حازت إعجاب كثيرين كانت للباحث الصينى المتخصص فى الحركات الإسلامية لونج دينج، الذى شكا فى البداية من أن الصين تتعرض لإرهاب باسم الإسلام، وتقديره أن التطرف ليس مرتبطا بدين معين، ويرى أن المتطرفين يريدون تفسير القرآن والسنة طبقا لأفكارهم، واقتبسوا كثيرا من ابن تيمة وابن القيم الجوزية بصورة مجتزأة من السياق.

دينج قال إن الرئيس الصينى دعا إلى نموذج جديد للإسلام الصينى أو «صيننة الإسلام»، شارحا فكرته بأن الإسلام دين واحد ولكن أى دين عندما ينتقل لبلد جديد،فهو يتأقلم مع ظروف البلد وثفاقتها وعاداتها، فى حين أن مشكلة المتطرفين أنهم يريدون فرض نموذج واحد للإسلام فى كل زمان ومكان.

الدكتور الفقى حيا الباحث الصينى وقال إنه يبدو وكأنه أحد فقهاء المسلمين، بل إنه يفهم سياق النص القرآنى مثلما فعل نصر حامد أبوزيد، ورؤيته لفكرة الإسلام البدوى والحضرى، لكن الفقى كان ذكيا جدا حينما رد على الباحث الصينى بأنه رغم انتقاد الإرهاب فى الصين إلا أنه يجب مراعاة مشاكل الأقليات فى كل مكان، مشيرا بطريقة مهذبة إلى القمع الذى يتعرض له المسلمون فى تركستان الشرقية، وهو المعنى الذى أيده الدكتور حسن أبوطالب. فى حين حذر الباحث المتميز بشير عبدالفتاح من الخلط فى قضية تجديد الخطاب الدينى، لأن بؤس الخطاب الرسمى قد يؤدى لهجرة المزيد من الشباب إلى الخطاب المتطرف.

وسأل أحد الحاضرين كيف يمكن تفسير تطرف الجيل الثانى والثالث من أبناء العرب والمسلمين فى الغرب، ولماذا فشلت أوروبا فى دمج هؤلاء فى مجتمعاتها؟!

ذلك هو ملخص الجلسة الرئيسية الأولى التى أعقبتها جلسات كثيرة يومى الأربعاء والخميس، تحدث فيها الكثير من الكتاب والمتخصصين مصريا وعربيا ودوليا.

العناوين كانت ملفتة، لكن السؤال الذى ينبغى أن نهتم به كثيرا هو، ما هى جدوى كل الندوات والمؤتمرات العربية، إذا كنا لا نجد نتائج وتغيرات على الأرض؟!.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي