دستورنا.. المزدرى به! - عصام الإسلامبولي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:29 ص القاهرة القاهرة 24°

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دستورنا.. المزدرى به!

نشر فى : السبت 20 يناير 2018 - 11:40 ص | آخر تحديث : السبت 20 يناير 2018 - 11:40 ص

أربعة أعوام مضت على بدء العمل بدستور 2012 المعدل بدستور 2013 حيث أصبح نافذا اعتبارا من 18 يناير 2014 وكانت الشعارات والمبادئ الأربعة التى رفعتها ونادت بها ثورة 25 يناير 2011 تلك الثورة المجيدة الخالدة التى فجرها شباب مصر والتحم بها الشعب المصرى فى ظاهرة فريدة من نوعها لا تتكرر إلا نادرا، كانت هذه الشعارات تجسد احتياجات الشعب إلى (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية) كان التعديل الذى جرى على الدستور هو الرد على محاولة التيار المتأسلم أن يضفى عليه رؤيته وفلسفته الخاصة لكن الشعب استرد ثورته فى 30 يونيو 2013 واستطاع أن يعيد إلى الدستور المنظومة التى تعبر وتجسد طموحاته وآماله.

كانت ثورة 25 يناير 2011 بين أهم أسبابها غياب سيادة القانون الذى تمثل فى عدم احترام الدستور وخرقه بتدبير مؤامرة التوريث خروجا وانتهاكا صارخا على النظام الجمهورى كأساس لنظام الحكم فى الدستور وأيضا عدم تنفيذ أحكام القضاء بخصوص بطلان انتخابات مجلس الشعب التى جرت أواخر عام 2010.

إن الدولة القانونية بخلاف الدولة البوليسية لا تجعل القانون مجرد أداة لعملها، بل تجعله أداة لتقييد سلطاتها لصالح الحقوق والحريات بجميع صورها. ولهذا قيل وبحق إن الديمقراطية ليست سيادة الحكم وإنما هى سيادة القانون والدولة فى مفهومها المعاصر تقوم على مبدأ مشروعية السلطة، مقترنا بمبدأ خضوع الدولة للقانون.

إن الدساتير التى تأتى نتاج ثورات سابقة عليها تتضمن مقدمة أو تسمى توطئة أو ديباجة تحتوى على أسباب الثورة والدوافع والظروف التى جرت لقيام الثورة ووضع الدستور الجديد والدستور الحالى حسم هذا الأمر عندما نص فى المادة 227 منه أن «الدستور بديباجته وجميع نصوصه نسيج مترابط وكلٌ لا يتجزأ و تتكامل أحكامه فى وحدة عضوية متماسكة». وقد تضمن الدستور أحكام انتقالية ملحة التى تفرضها الظروف التالية لوضع الدستور وهى بطبيعتها نصوص تنتهى بنفاذها وإعمالها وتطبيقها أيضا استخدمت بعض العبارات من المشرع الدستورى للتعبير عن مدى الحاجة الملحة فى أعمال وتطبيق نصوص الدستور.

•••

إلا أنه ورغم مرور أربع سنوات على تاريخ العمل بالدستور تعرض الدستور للازدراء والمخالفة من السلطات الثلاث القائمة، تجسد ذلك عندما صرح السيد رئيس الجمهورية بحسبانه رئيس السلطة التنفيذية بعد مرور ما يقرب من 15 شهرا من تولى مهامه وتحديدا فى 13 سبتمبر 2015 وبمناسبة افتتاح مهرجان طلاب الجامعات بالاسماعيلية صرح بأن بعض مواد الدستور كتبت بنوايا طيبة ولكن النوايا الطيبة لا تصنع الدول! والغريب فى الأمر أن الأصل فى الأشياء أن تكون طيبة وليست شريرة وأن الدوافع النبيلة المتمسكة بالقيم هى التى تصنع الدول ولكن ما إن أطلقت هذه العبارة حتى انطلقت أبواق تطالب بتعديل الدستور قبل أن يُفعل أو يُطبق، إلا أن مخالفة أخرى صارخة جاءت من السيد الرئيس بعدم التزامه بما ورد فى الفقرة الثانية من المادة 145 التى تقضى «ويتعين على رئيس الجمهورية تقديم إقرار ذمة مالية عند توليه المنصب، وعند تركه، فى نهاية كل عام، وينشر الإقرار فى الجريدة الرسمية»، لكن أيا من هذا لم يحدث ولا ينال من ذلك القول بأنه قد تنازل عن نصف ميراثه ونصف راتبه فإن كان هذا تصرفا نبيلا صادرا عنه إلا أن الالتزام بالدستور الذى أقسم باحترامه هو والقانون يوجب عليه هذا، كما أنه لا ينال من هذا أيضا ما ردده البعض من أنه عند الترشح كان قد تقدم هذا الإقرار لأن نص الدستور صريح فى مخاطبة رئيس الجمهورية فور أدائه اليمين تقديم هذا الإقرار باعتباره قد أصبح رئيسا للجمهورية ملزما بتنفيذ الدستور والقانون، ثم جاءت مخالفة مجلس النواب الذى هو فى حقيقة الأمر ــ عمليا ــ مجرد جهاز تشريعى منفذ لرغبات السلطة التنفيذية جاء فى ممارسة بواكير أعماله المخالفات الدستورية عندما رفض أحد أعضائه فى الجلسة الإجرائية بأداء اليمين بالمجلس أن يلتزم بما ورد فى الدستور بالمادة 104 باحترام الدستور والقانون وتم التحايل والالتفاف حول النص والهجوم على ثورة 25 يناير التى لولاها لكانت ثورة 30 يونيو ولا كان الدستور ولا كان المجلس وكانت بداية تبشر بالتجاوزات والمخالفات فلم يصدر قوانين ألزمه الدستور بإصدارها فى أول دور انعقاد له على سبيل المثال قانون العدالة الانتقالية، كما لم يصدر قانون ينظم التعويض العادل عن الإضرار الناجمة عن الإرهاب أو قانون لمكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، وقد أهمل الدستور قوانين كان يتعين عليه إصدارها لتفعيل نصوصه منها على سبيل المثال لا الحصر، العدالة الاجتماعية، المجالس الشعبية والمحلية، المناطق العمرانية والمناطق الحدودية، كما لم يصدر قانون ينظم حق الإضراب السلمى، كما تقاعس عن تعديل قوانين فى غاية الأهمية لتتلاءم مع الوضعية الجديدة لمفهوم السلطة القضائية التى تبناه الدستور مثل: السلطة القضائية، مجلس الدولة، المحكمة الدستورية العليا، القضاء العسكرى، هيئة النيابة الإدارية، هيئة قضايا الدولة، المحاماة، وقوانين النقابات المهنية الإجراءات الجنائية والمرافعات بل تخاذل بشدة عن إصدار قانون ينظم حق التظاهر الدستورى بما يحافظ على قيمة التظاهر كتعبير عن الرأى لولاه ما كانت 25 يناير وما كان التفويض الذى صدر من الشعب من وزير الدفاع آن ذاك وما كانت 30 يونيو وهو ما أوقع الدولة فى صدام مع الشباب الذى هو أمل الأمة.

•••

ثم كانت قمة المخالفة لنص المادة الأولى من الدستور عندما وافق على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بالمخالفة لنص المادة الأولى من الدستور وبالمخالفة للأحكام الباتة بالقضاء فى هذا الشأن، كما سبق له ارتكاب جريمة عدم تنفيذ الأحكام القضائية بشأن الحكم الصادر بمحكمة النقض بصحة عضوية أحد الأعضاء الذى له حق التصعيد، ومخالفة إصدار قانون يعطى الحق لرئيس الجمهورية فى اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية وأيضا قانون يمنحه الحق فى عزل رؤساء الهيئات المستقلة، وأخيرا تأتى السلطة القضائية التى مازالت تحول دون تعيين النساء فى الجهات القضائية لاسيما النيابة العامة ومجلس الدولة بالمخالفة لمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة، والمخالفة الصارخة لنص المادة 11 من الدستور الفقرة الثانية التى تنص على «وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها»، وكذا حرمان بعض الفئات الاجتماعية الفقيرة من حق تولى هذه الوظائف القضائية.

كان هذا هو الازدراء بعينه وكانت هذه بعض المخالفات.

عصام الإسلامبولي عضو مجلس الدولة
التعليقات