السبيل إلى وقف الانزلاق إلى الدولة الواحدة - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 3:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السبيل إلى وقف الانزلاق إلى الدولة الواحدة

نشر فى : الأحد 20 يناير 2019 - 8:45 م | آخر تحديث : الأحد 20 يناير 2019 - 8:45 م

فى إطار عملية أنابوليس خلال الفترة 2007 ــ 2008، فى أثناء ولاية رئيس الحكومة إيهود أولمرت، جرى نحو 300 اجتماع تفاوضى بين الطرفين [الإسرائيلى والفلسطيني]. وكونى عملت آنذاك رئيسا لإدارة المفاوضات، جلست عشرات الساعات مع نظرائى الفلسطينيين. قلت لصائب عريقات الذى كان يتولى رئاسة الطاقم الفلسطينى، إن أمامه فرصة ربما لن تتكرر للحصول على 97% من المطالب التى طرحها على الطاولة، وبهذه الطريقة يتغير الوضع الفلسطينى بصورة دراماتيكية وتاريخية. فأجابنى على الفور: «كل شىء أو لا شىء».
نحن أسرى هذا الواقع منذ بدء العملية السياسية قبل ثلاثة عقود تقريبا، حيث الفيتو الفلسطينى يقضى عمليا على القدرة على التوصل إلى إنجازات كبيرة. فى الوقت عينه، تواصل إسرائيل التمركز فى الضفة الغربية، وزعماؤها غارقون فى الأوهام، وفى مكان مريح لا يتطلب منهم اتخاذ قرارات. وتحت ستار الحائط المسدود ننزلق إلى واقع الدولة الواحدة من دون أن نفهم الدلالات. ويبدو أن كلمة مبادرة اختفت من القاموس الصهيونى.
فى معهد دراسات الأمن القومى جرى فحص مجموعة مختارة من السيناريوهات المستقبلية المحتملة والبديلة بالنسبة إلى إسرائيل، بهدف تحصين المصلحة العليا فى المحافظة على دولة يهودية، ديمقراطية، آمنة، وأخلاقية. وكانت الخلاصة أن علينا تغيير الاتجاه والبدء فورا بخطوات انفصال تبلور بصورة مسئولة وبالتدريج، واقع كيانين سياسيين منفصلين ــ إسرائيل وفلسطين. من المهم أن نعرف أنه على الرغم من العناوين والشعارات الفارغة، وبالاستناد إلى مؤشرات كثيرة، فإن أغلبية الجمهور فى إسرائيل تؤيد الانفصال (75% من الجمهور فى إسرائيل يؤيد الانفصال، و58% يؤيد حل الدولتين).
الفكرة هى عدم انتظار المفاوضات المرجوة التى ستحل جميع المشكلات فى آن معا، لأن ذلك غير ممكن ولا نريد الانتظار. يجب علينا أن نبادر إلى خطوات لا أن ننجر إليها. بهذه الروحية وضع المعهد مخططا سياسيا ــ أمنيا استند إلى أربعة مبادئ: أولا: بدء تطبيق خطوات انفصال بصورة مستقلة لإثبات إصرار إسرائيل على بلورة واقع كيانين سياسيين منفصلين ومتميزين، ثانيا: ترتيبات انتقالية أو على الأقل تعاون مع السلطة [الفلسطينية] لترسيخها كشريك مسئول مستقر يعمل بصورة جيدة وشريك فى العملية، ثالثا: تجنيد دول الخليج، ومصر والأردن من أجل تقديم ضمانات للسلطة مقابل تعهدها القيام بدور إيجابى ومساعدتها على بناء البنى التحتية للدولة، رابعا: إبقاء مفاتيح الأمن فى يد الجيش الإسرائيلى، ومواصلة حرية العمل فى محاربة البنى التحتية للإرهاب فى المنطقة كلها، من خلال توثيق التعاون مع أجهزة الأمن الفلسطينية، على قاعدة مبدأ هم يقومون بأكثرية العمل ونحن بأقله.
بعد أن عرضنا المخطط على الجمهور فى إسرائيل حصلنا على مجموعة من الردود تضمنت تعليقات كثيرة ومفيدة. وعرضنا المخطط أيضا على كبار المسئولين فى دول عربية وعواصم العالم. كان من الصعب إقناعهم بضرورة التخلى عن نموذج الوضع النهائى والتسوية الدائمة اللذين لا يمكن تحقيقهما. فقط عندما عرضنا بديلا عمليا لبلورة واقع انفصال سياسى، وإقليمى وديموغرافى عن الفلسطينيين، يحفظ حل الدولتين ويخرق الحائط المسدود، وجدنا أن هناك تأييدا واسعا لمبادئ المخطط.
أجرينا حوارا مع مسئولين فلسطينيين كبار. هم لا يستبعدون فكرة ترتيبات انتقالية لبلورة واقع الدولتين. هذه هى المرة الأولى التى يكشف فيها مسئولون فلسطينيون مرونة واستعدادا للحوار على أمر هو أقل من التسوية الدائمة. هم يدركون أن أسهم الفلسطينيين فى انخفاض وأن النزاع مع إسرائيل فقد مركزيته فى المجتمعين الدولى والإقليمى، وهم قلقون بعد رفضهم «صفقة القرن» للرئيس دونالد ترامب، من أن يبقوا معزولين ومتهمين مجددا بالرفض. وبينما حصلت «حماس» منذ الآن على دولة فى قطاع غزة، ظلت السلطة و«فتح» وراءها، مع مبادئ من دون نتائج. لذلك تزداد فرص استعدادهم للتعاون من أجل تنفيذ المخطط.
لقد عرض المخطط على زعماء أحزاب إسرائيل الذين يعتبرون أنفسهم الزعماء المقبلين لإسرائيل. أغلبيتهم مستعدة لتبنى المخطط، لكن فقط بعد الانتخابات. المشكلة أنه فى الأجواء السائدة اليوم على الساحة السياسية، وخصوصا قبل الانتخابات، فإن معظم السياسيين يتباهون ويلوحون بهويتهم الصهيونية، ويتخوفون من أن يعرضوا على الناخبين رؤيتهم لحل النزاع مع الفلسطينيين.
فى هذا الوقت من الضرورى أن نتذكر أن الصهيونية تعتمد على مبادرة وعمل وحركة مستمرة لتحقيق رؤيا دولة يهودية ديمقراطية آمنة تكون منارة للأمم، وليس انتظار المسيح هو الذى سيقرب الخلاص، بل الزعامة، والشجاعة فى اتخاذ القرارات، والعمل من دون تأخير.

أودى ديكل

باحث فى معهد دراسات الأمن القومي
يديعوت أحرونوت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات