قرف بعلم الوصول! - بلال فضل - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 3:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قرف بعلم الوصول!

نشر فى : السبت 20 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 20 أبريل 2013 - 12:50 م

السيد الدكتور محمد مرسي القاطن بقصر الإتحادية أو بالتجمع الخامس أو حيثما كان وجودك كعدمه.. أما بعد:

 

ليست هذه رسالة من تلك اللواتي يرسلها الكُتّاب إلى الحكام من باب إسداء النُّصح وإبراء الذمة، بل هي رسالة تهدف فقط إلى إبلاغك أنني صرت كلما شاهدتك أشعر بالقرف بسبب ماوصلت إليه حالتنا على يديك، قرفٌ وصل ذروته عندما شاهدتك تقف قبل أيام وسط أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كل شيئ في وقفتك تلك كان محزنا ومهينا وموجعا: إرتباكك الشديد برغم حرصك على التخشب للإيهام بالثبات، نظراتك القلقة التي تنضح بخليط من مشاعر متناقضة لا يبدو أن من بينها الإحساس بالذنب، وخطابك المرتعش الذي كررت فيه على طريقة «أنا عتريس» أنك القائد الأعلى للقوات المسلحة، مع أنك تدرك أنك لن تستطيع محاسبة من تورط في إسالة دماء مصرية من قادة المجلس العسكري السابقين، لأن يديك بدورهما باتت ملطخة بدماء تتحمل مسئوليتها السياسية تماما كسابقيك مبارك وطنطاوي الذين لن تنجيهما من عار الدماء التي سالت في عهديهما كل ثغرات القانون وتعقيدات الواقع وتوزانات القوى وطوفان كذب الأجهزة، تماما مثلما لن تنجيك جماعتك التي تستقوي بها من عارين: عار إفلات مبارك وطنطاوي من الحساب مؤقتا بسبب أخطائك، وعار الدماء التي سالت في عهدك لأنك لم تكن «قَدّ» الأمانة التي حملتها.

 

ليس عندي أدنى أمل في أن يؤثر كلامي هذا فيك قيد أنملة، كما لم يؤثر كل ما كتبته في من سبقوك، لم أصدقك عندما قلت في حوار لك أيام الإنتخابات أنك تقرأ لي أنا وآخرين، هم الآن من أشد ناقديك، ومع ذلك فقد كتبت في هذه الصحيفة بتاريخ 27 يونيو 2012 بعد أيام من إعلان فوزك، أقول لك ناصحا بصدق «عزيزي الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي: بعد التهنئة والسلام والدعوات للعلي القدير أن يسترها معانا ومعاك ويعديها لنا ولك على خير، أما بعد: فإنك من الآخر إما اعتدلت وإما اعتزلت، لقد سخر منك المصريون قبل مجيئك فسموك الإستبن، لكنهم على إستعداد لأن يضعوك في أرفع مكانة فقط لو تذكرت أنك رئيس لمصر وللمصريين، ولست عضوا عاملا في جماعة الإخوان المسلمين مما يجعل السمع والطاعة واجبين عليك لجموع الشعب وليس لقرار المرشد، ولو استحضرت دماء الشهداء التي أوصلتك إلى ما أنت عليه الآن فطلبت لهم القصاص العادل الناجز، ولو أدركت أن الثورة لم تقم من أجل إقامة دولة الخلافة بل من أجل إقامة دولة الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية، ولو عصمت نفسك من بطانة السوء من عينة الدكتور صفوت حجازي وأشكاله الذين لو استمعت لهم سيغرقونك ويغرقون البلد معك، ولو تذكرت أن من هتفوا بسقوط واحد ظل يحكمهم بشرعية حرب أكتوبر لن يهون عليهم أبدا رجل جاء إلى كرسي الحكم بالصدفة وسترها ربنا معاه ربما لإنه طيب وإبن حلال، على الأقل حتى تَولِّيه منصب الرئاسة. أتمنى عليك أن تتذكر أيضا أن تسمية الناس لك بالإستبن كانت «إفّيها» لطيفا لكنه لن يكون إفيها ولا لطيفا لو حوّلت ذلك إلى حقيقة واقعة وحكمت البلاد كواجهة للسيد خيرت الشاطر وبقية إخوانك في مكتب الإرشاد. أتمنى أن تجعل نصب عينيك دائما ليمونة صغيرة أو كبيرة لتتذكر أن كثيرين ممن انتخبوك عصروا على أنفسهم ليمونة وهم يدلون بأصواتهم لك، لأنهم يكرهون تصرفات جماعتك وخيانتها للثورة في أكثر من لحظة حاسمة أدت بنا إلى أن نخسر الكثير، وكان يمكن أن نخسر كل شيئ لولا أن روح الثورة تغلبت على الملايين وقرروا أن يساندوك فقط لكي لا يصل إلى الحكم رجل من رجال مبارك، أتمنى أخيرا أن تتذكر أنك كما دخلت كتب التاريخ كأول رئيس مصري منتخب منذ سبعة آلاف سنة، فإن من المهم لك أيضا ألا تخرج من التاريخ بوصفك أول رئيس مصري منتخب يشيعه الناس باللعنات وهم يقومون بتفسية إطارات كاوتش ويهتفون من أعماق قلوبهم «يسقط يسقط حكم المرشد».

 

كان هذا ما كتبته لك يومها بالنص، وأعترف أنني شعرت بعد أسابيع من كتابتي له، أنني يجب أن أكتفي به وأتوقف عن الكتابة الصحفية والظهور الإعلامي تماما، لكي لا أشعر أنني أظلمك بما أقوله، ويشهد الله أنني كنت أتمنى أن تدرك المسئولية الملقاة على عاتقك فتحيل الفرصة التي جاءتك بعصر الليمون إلى لحظة تاريخية تستحقها دماء الشهداء، لكنك أهدرتها  بسرعة لا أظن أن أحدا من كارهيك قبل محبيك كان يتوقعها، ثم اخترت المرة تلو المرة أن تكذب على ناخبيك وتخلف وعودك لهم وتسيل دماء المصريين وتشق صفوفهم وتحيي كل الأسافل من قبورهم، بفضلك لن تجد شخصا وسخ الفكر والسلوك والعقلية كانت الثورة قد أخرسته إلا وقد علا حسه الآن وتبجحت عيناه وأخذ ينفث وساخته في كل إتجاه، فيزداد الثوار أسى ومعاناة ويُمتحونا في إيمانهم بثورتهم وأحلامهم بتحقيق أهدافها.

 

ما أعلمه أنهم يصورون لك أن السبيل لإسكات معارضيك الذين اختلط فيهم الحابل الثوري بالنابل الفلولي، هو أن «تغضضضضضب» كما يناشدك إخوانك على صفحاتهم الإلكترونية بأن تفتك بكل من يتطاولون عليك أيا كانت نواياهم، هم يقولون لك كل يوم: افعلها، ولعلك تريد أن تفعلها، لكن ما ستكتشفه أنك حتى لو فعلتها، فإن ذلك لن يغير من أمرك شيئا، لأن ما بنيته على باطل الكذب لن يقودنا إلا إلى المزيد من الباطل، ولم يعد أمامك سوى خيارين لا ثالث لهما، أن تُضَحِّي بطاعتك لجماعتك لكي تعيش، أو أن تُضَحِّي جماعتك بك لكي تعيش هي.

 

وحتى يقضي الله فينا وفيك أمرا كان مفعولا فتعتدل أو تعتزل، لا أقول لك إلا ما قالته أصالة نصري «اغضب كما تشاؤووووو»، لأنه سيكون في ذلك الغضب تمامك، فما أطال الغضب عُمراً لكاذب، ولا قصّر في الأعمار قول كلمة الحق عند سلطان يحلم أنصاره بأن يكون جائرا.

belalfadl@hotmail.com