•• هناك مغزى أعمق من استقالة هانز فيلهلم مولر فولفهارت طبيب بايرن ميونيخ وجهازه بالكامل، الذى ظل يشغل هذا المنصب منذ عام 1977.. وهى الاستقالة التى جاءت بعد هزيمة الفريق 1/3 أمام بورتو البرتغالى. وقد يرى كثيرون أن الطبيب متهم، خاصة انه سبق أن تعرض للنقد من طبيب منتخب فرنسا بشأن إصابة ريبيرى التى أثارت جدلا حول مشاركته فى مونديال البرازيل.

•• الشعور بالمسئولية، ليس جديدا على الألمان، لكن المغزى الأعمق هو البحث العلمى والتفكير. فالهزيمة التى منى بها بايرن ميونيخ ترجمت بأنها بسبب خطأ للجهاز الطبى بقيادة هانز فيلهلم وهو يشغل منصب طبيب المنتخب أيضا. فكان آداء بايرن ميونيخ مقبولا فى الشوط الأول، ثم تراجع فى الشوط الثانى، وهو ما عبر عنه جوارديولا قائلا: «سيطرنا فى الشوط الأول والأمور تعقدت فى الشوط الثانى، وشعرت أقدامنا بالتعب».

•• هذا التعب له سبب علمى.. إذن الجهاز الطبى هو المسئول.. فهذا العالم الآخر يشغله العلم والتفكير والبحث عن إجابات.. فما هى أسرع ضربة لكرة فى أى لعبة؟ هل هى ضربة إرسال لاعب التنس أم ضربة لاعب البيسبول أم ضربة كرة جولف؟ ولماذا يصرخ الرباع وهو يرفع الثقل؟ ولماذا يصرخ لاعبو ولاعبات التنس؟ ما تفسير ذلك؟ وهل حقا هناك ما يسمى حالة طيران لاعب السلة أو التعليق فى الهواء؟ هل توقف كريستيانو رونالدو ذات مرة بين أرض الملعب والسماء وهو يضرب كرة برأسه؟

هل نبحث نحن فى مثل تلك الاسئلة؟!

•• أسرع كرة هى الجولف، وحين تضرب بقوة تسير بسرعة 853 كم فى الساعة، وكرة البيسبول سرعتها القصوى 351 كم فى الساعة، والرياضيون يصرخون لأن الصرخة تشحن عضلاتهم بالطاقة الفعلية وبالطاقة الذهنية والنفسية، وبدون تلك الصرخات تضعف ضرباتهم، وتقل قوتهم، ولا يوجد ما يسمى بالتعليق فى الهواء، لم يفعلها أبدا مايكل جوردان ولا رونالدو، وفترة الطيران لا تتجاوز 29 ميليثانية، ولا يوجد إنسان قادر على البقاء طائرا فى الهواء لأكثر من ثانية.. وكل إجابة من تلك مسنودة بتفاصيل علمية وحركية.

•• استقبل جوارديولا خبر استقالة الطبيب بكلمتى: «بدون تعليق». وهناك من ينتقدون المدرب الإسبانى الذى غير من أسلوب بايرن ميونيخ وجعله قائما على الاستحواذ، وأن ذلك ضاعف من القدرات البدنية والذهنية التى يبذلها الفريق. إلا أن بايرن ميونيخ ربح شعبية ومالا حين أصبحت عروضه مصبوغة باللمسات الجمالية.. والفريق فى طريقه للقب الدورى الألمانى للموسم الثالث على التوالى.

•• استقالة الطبيب تعبر عن خطأ علمى، اختصره جوارديولا بجملة: «وشعرت أقدامنا بالتعب».. إنهم يبحثون ويفكرون. لقد كانت أوروبا بغضاء محتدمة تعيش حالات حرب بين الجيران.. ما من قيراط أرض واحد إلا كان محل نزاع.. عاشت القارة سنوات من الفساد والظلام والجهل والتخلف ثم خرجت من كل هذا بالتفكير العقلى بقيادة الفلاسفة.. خرجت أوروبا من الظلام إلى النور بالبحث وبالعلم. وكان الهولنديون يتميزون بعلماء الطبيعة والنبات.. وكان الإيطاليون فى مجمع سيمنتو بفلورنسا يجعلون كل ظاهرة طبييعية موضع بحث: لماذا يوجد دود فى الفواكه؟ لماذا تضىء السمكة فى الماء؟ لماذا تعصف الرياح؟

•• كانوا يفكرون ويطرحون أسئلة ويبحثون عن إجابات.. بينما نحن نطرح أسئلة فقط ولا نريد إجابات، فأنهك التعب عقولنا؟!