جديد المصالحة - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جديد المصالحة

نشر فى : الإثنين 20 يونيو 2016 - 8:45 م | آخر تحديث : الإثنين 20 يونيو 2016 - 8:45 م

لا تعرف السياسة العداء الدائم أو الصداقة المفتوحة، فثمة أسباب للتقارب بين الأطراف، سواء كانت دولا، أو جماعات، وأسباب أخرى للنفور والتباعد، وجميعها يندرج تحت بند مصلحة كل طرف فى الزمان والمكان، وغير ذلك يكون ضربا من التخبط والعشوائية فى إدارة العلاقات حتى بين الأفراد بعضهم البعض.


وفى العداء، وقبل أن تضع الحرب أوزارها، عادة ما تكون هناك قنوات خلفية، تسهل الجلوس إلى طاولة التفاوض، كى تضمن للأطراف المتصارعة الوصول إلى أفضل الشروط لإسكات صوت المدافع ودوى الرصاص فى الميدان، وفى السلم لا تعطى الأطراف المتنافسة شيكا على بياض للطرف الآخر، بما يجعله يأمن جانبها، ولا يضع فى الحسبان قاعدة المصالح المتغيرة.


وعبر التاريخ، القريب منه والبعيد، دخلت الدول والجماعات فى صراعات وصلت إلى حد خوض الحروب النظامية بين الدول بعضها البعض، أو الحرب الأهلية بين القوى المتناحرة فى البلد الواحد، أو رفع بعض الجماعات السلاح فى وجه الدولة فى وضع ثالث، وهى حالات ربما متكررة، ولا تخص بلدا بعينه من دون سواه على خريطة العالم، وعادة ما يأتى الوقت، لتصبح هذه الخلافات العنيفة نسيا منسيا ومن الماضى، لأن عجلة التقدم، تكون قد انتقلت بالجميع إلى مرحلة جديدة تحتم طى صفحة من الألم لصالح الحياة.


إذن الحديث الدائر عن مصالحة الدولة مع جماعة الإخوان التى أعلنتها الحكومة «جماعة إرهابية»، ليس غريبا، وبالونات الاختبار التى خرجت عن المستشار مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، يمكن فهمها فى إطار تعبيد الطريق أمام النقلة المنتظرة فى دائرة الصراع مع الإخوان منذ الثلاثين من يونيو عام 2013، وما تلاها من أحداث، كان العنف عنوانها العريض.


المستشار العجاتى الذى تحدث عن إمكانية التصالح مع الإخوان ممن « لم تلوث أيديهم بالدماء» حسب تعبيره، ليس وحده الذى خاض هذاالمضمار، فقد تبعه اللواء سعد الجمال رئيس «ائتلاف دعم مصر» صاحب الأغلبية فى مجلس النواب، والذى وضع عددا من شروط للمصالحة مع اعضاء الجماعة فى مقدمتها«عدم تلوث أيديهم بالدماء، وأن تكون لديهم نوايا صادقة وليس مناورة، وأن يعترفوا بأخطائهم ويدينوا العمليات الإرهابية».


اللواء سعد الجمال فى تصريحات للزميل على كمال «نشرتها الشروق ــ الأحد 19 يونيو»، وضعنا فى أجواء ما يجرى حاليا فى السجون من مراجعات فكرية مع بعض شباب الجماعة وغيرهم من المنتمين إلى تيار الإسلام السياسى وإن أنكرها البعض، إذ شدد على ضرورة قيام الإخوان بمراجعات فكرية وفقهية كما فعلت الجماعت الإسلامية فى التسعينيات من القرن الماضى، اعترفت فيها بأنها «ضلت الطريق».


وأيا كانت الشروط الموضوعة، فإن الرغبة فى المصالحة تبدو قائمة، سواء لأن الدستور «يحتمها»، وفق قانون العدالة الانتقالية الواجب صدوره عن البرلمان فى الفصل التشريعى الأول، أى فى الوقت القريب، أو لأسباب موضوعية تحتمها الظروف الاقتصادية والأمنية، أو ربما لضغوط خارجية كما يعتقد البعض، نقول إن المصالحة بين مكونات المجتمع الرئيسية عقب حقبة من المظالم، التى كانت وراء الثورة على نظام مبارك، أمر تمليه المصلحة، وأن تشنج المتشنجون، وهاج البعض وماج، مطالبين بالاستمرار فى إقصائهم، الذى قد يقول البعض إنه النهج الذى اختاره الإخوان، بلجوئهم إلى العنف، ومناصرة الإرهاب.


نعم أخطأ الإخوان، ولا بد أن يعترفوا بذلك، وأن يعلنوا صراحة تبرؤهم من العنف، وإدانتهم لكل أشكال الإرهاب، غير أن المصالحة معهم وفق الشروط الموضوعية، لن تكون خطيئة كبرى، كما قد يظن بعض المتخوفين، فالسياسة لها أحكام، وسبحان «مغير الأحكام».

التعليقات