القضاء «مسئولية ــ مبادئ ــ رجال ــ مهارات».. 26ــ وسائل الإثبات والتحقق - جمال قطب - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 5:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القضاء «مسئولية ــ مبادئ ــ رجال ــ مهارات».. 26ــ وسائل الإثبات والتحقق

نشر فى : الثلاثاء 20 يونيو 2017 - 10:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 20 يونيو 2017 - 10:35 م
يتوصل القاضى إلى الحقيقة من خلال وسائل محددة ومقبولة عقلًا وشرعًا، وقد توافق الفقه الإسلامى على وسائل وأدوات لا يستطيع القاضى تجاهلها أو تجاوزها، ومن تلك الوسائل:
ــ1ــ
الإقرار
فالإنسان مؤاخذ بإقراره على نفسه ما دام هذا المقر صحيح الإرادة وحر فى ممارستها، فحمتى يعتد القاضى بإقرار شخص على نفسه لابد وأن يتبين أنه غير محجور عليه وغير مجنون أو مريض بمرض يؤثر على تفكيره وتعبيره. ويشترط فى الإقرار أن يوافق ظاهر الحال. وقد اتخذ الفقه «الإقرار» أداة صحيحة ووسيلة آمنة استنادا إلى قوله تعالى: ((بل الأنسان على نفسه بصيرة))، وقوله تعالى: ((..وليملل الذى عليه الحق)). والإقرار هو الاعتراف وهو كما قالوا: «الاعتراف سيد الأدلة». ويجىء الإقرار تصريحا بالعبارة أو كتابة أو إشارة واضحة يفهمها القاضى، وإذا كان الإقرار مقبولا فى حق المقر أو المعترف، فإن الإقرار لا يطول غير المقر. فما يصرح به المقر مما يضر به غيره لا عبرة به ولا يعتد به فى حق الغير. ومع ذلك فلا يصلح الرجوع فى الإقرار إلا فى الحدود (السرقة/ الزنا/ القذ/ القتل/ الحرابة). ولذلك يقررون: «الإقرار حجة قاصرة على صاحبها». وقرروا: «لا قيمة لإقرار من تشوب إرادته شائبة». كما أن الإقرار لا يستقيم مع مظنة الاتهام، فمثلا المريض مرض الموت لا يعول على قراره لاحتمال تواطؤه مع أحد الورثة ضد آخرين، وكذلك المفلس لا يعتد بإقراره لغير الغرماء لاحتمال رغبته فى تهريب الأموال من الغرماء الدائنين.
ــ2ــ
الشهود
من الأحوط للقاضى أن يستوثق من عدالة الشهود وخصوصا فى إقامة الحدود. ومن رأى أن يتقدم للشهادة، فليعلم أن الشهادة الناتجة عن سماع أو حكاية فلا تعتبر شهادة، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم معلما: «هل ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد أو دع، ولقد سمى الشرع الشاهد بهذا الاسم لأنه لابد وأن يكون شاهد الواقعة بعينيه. ومن مبادئ الشهادة: لا تجوز شهادة من لا يجوز قضاؤه، فلا يعتد بشهادة الأصول والفروع بعضها لبعض، ولا يجوز للقاضى أن يشهد فيما يحكم فيه. وقرروا أيضا طلب الشهادة على صحة الشهادة، فللقاضى أن يستشهد على عدالة الشهود.
ــ3ــ
اليمين
والقسم أمام القاضى وسيلة مهمة سواء من المدعى أو المتهم أو الشاهد. لذلك لابد أن يبين القاضى للأطراف خطورة القسم وعظم مسئوليته عند الله حتى يكون الإنسان أشد رهبة للقسم ولا يجرؤ عليه متسرعا، وقد بين القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى: ((..ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم..)). والقاضى مكلف بقبول يمين من ترجحت عدالته وأمانته، فالشخص الراجح أمانته يعتبر صادق اليمين فى تبرئة ذمته. ومما قرره الفقهاء أيضا عدم قبول قسم شخص معين عن غيره، إذ لا يجوز الإنابة أو التوكيل فى القسم. ومن حلف صادقًا عن علم يقين لا إثم عليه. ومن أصول القضاء أن القاضى يطلب اليمين فى الحقوق، ولا يطلبها فى الحدود. وأيضا فليس للمدعى أن يقسم بل عليه تقديم البينة أو الشهود، وإنما اليمين على المتهم أو الشاهد. وقد توافق الفقه على عدم قبول اليمين من المتهم إذ امتنع عنها قبل صدور الحكم فلا تقبل منه بعد ذلك.
ــ4ــ
بين البينة واليمين
البينة وهى تقديم دليل واضح أو شهود عدول، وهذا هو المطلوب من المدعى لأنه يدعى خلاف الظاهر، أما المتهم فيكتفى منه باليمين ــ وقد يقبل القاضى من المدعى شاهدا واحدا مع اليمين عوضا عن الشاهد الثانى. وقد لا يقبل ويتفق الفقه على أن الشهود الصادقين أولى بالقبول من يمين من لا يترجح لدى القاضى صدقه. هذه هى وسائل وأدوات الإثبات المتفق عليها فى فقه القضاء، أما ما لم يتفق الفقهاء عليه من وسائل سننظرها غدًا.
يتبع

 

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات