الجهاد طبيعة الأمة ووجهة حياتها (3ـــ3) - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 7:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجهاد طبيعة الأمة ووجهة حياتها (3ـــ3)

نشر فى : الجمعة 20 يوليه 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 20 يوليه 2012 - 8:00 ص

الجهاد بالنفس

 

ما أن يذكر الجهاد بالنفس حتى يظن كثير من الناس أن المقصود هو التضحية بالحياة والموت فى سبيل الله، وهذا «المفهوم» هو الدرجة الأعلى من الجهاد التى لا يحبذ الشرع الوصول إليها إلا إذا فشلت الدرجات الاولى فى حل الصراع.

 

والجهاد بالنفس درجات فأبواب الجهاد بالنفس كثيرة وهى مراحل ومراتب:

 

● فمن جهاد بالنفس أن «تضحى بما تشتهى» وتصبر على البعد عنه، وعدم وجوده، بمعنى أن يصوم المسلم عما يحبه وتشتهيه نفسه إذا كان حراما أو مكروها.. وفى هذا جاء قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات» فمن يضحى برغبته ويتنازل عن الاستجابة لشهوته يكون قد جاهد نفسه بنفسه جهادا عظيما.

 

● ومن الجهاد بالنفس: تحمل علاقات القربى والصبر عليها، واستمرار التواصل مع الأصول (الوالدين) والفروع (الأبناء) والحواشى (الإخوة والأخوات) وذوى القربى (أقارب النسب) وذوى الأرحام (من صلة القرابة بينك وبينهم انثى) كأبناء وبنات الخال والخالة، وأبناء وبنات العمة، وذوى الصهر (أهل أحد الزوجين بالنسبة للآخر). فكل من يستطيع حفظ توازن العلاقات مع هذه الأطراف والصبر والمثابرة على وصل ما أمر الله به أن يوصل فهو لا شك مجاهد بنفسه ومجاهد لنفسه، ومضح بحقوقه بقوله تعالى (.. وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ...).

 

● كذلك مصابرة الجار، وتحمل كل جار لجاره واعتبار النفس مسئولة عن الجار الآخر هو جهاد بالنفس حيث إن النفس البشرية غالبا لا تطبق كثيرا من التصرفات (.. إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّى...).

 

● من جهاد «الوالدين» مباشرة تربية الأبناء بأنفسهما، وعدم الاتكال على جهود المدارس والمؤسسات الاخرى، والتعرف على نوع العلم والعمل الذى يتوافق مع «قدرات الأبناء»، وليس ما يتوافق مع «رغبات» الآباء والابناء، فمن أرفع مراتب الجهاد بالنفس توجيهها لما تتميز فيه وتبدع، وليس للأسهل أو الأسرع أو الأقرب أو الأكثر وجاهة.. وعلى المجتمع والدولة أن تعين الأسرة على هذا الأمر، وذلك بالمساواة النفسية والاجتماعية والعدالة المالية مع جميع المهن والحرف والتخصصات.

 

● من أعلى مراتب الجهاد بالنفس: تجويد العمل واتقانه، وإحسان انجازه دون إسراف أو تبذير فى المادة أو الوقت أو الكم أو الكيف، فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد علم الناس «أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه»، كما أخبرنا أن مضمون الإحسان هو «أن تعبدالله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» أى ضرورة مراقبة الله فى كل ما تعمل حتى لا تهمل فى العمل ابتغاء رعاية وخشية الله.

 

● ومن مراتب الجهاد بالنفس: أن يتحمل الإنسان ما فيه مشقة وجهد غير مبال بالآخرين فإذا كان المطلوب موزعا على فريق وكان بعض الأجزاء أشد ثقلا من غيرها، فليبادر المجاهد لتحمل ثقيل المسئوليات، فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حينما رافقه جماعة وحان وقت الطعام وبادر كل واحد باختيار عمل قريب وسريع: قال بعضهم على شاه، والآخر على ذبحها، والثالث: على شيها (انضاجها واعدادها) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «وأنا على جمع الحطب،  وهو أشق الأعمال فى تلك الظروف».

 

● ومن مراتب الجهاد بالنفس: مرتبة الحرب وأنواعها وتبدأ الحروب بالحرب الإعلامية ثم النفسية، ثم الدبلوماسية ثم الاقتصادية ثم الحرب القتالية وذلك بالتدريب والاستعداد لمهام الحرب والقتال وخدمة المجاهدين وذلك بصفة دورية بين الاشخاص ودائمة على مستوى البلاد، ولو كان التدريب شاقا ومهلكا، فلا يصح الغفلة على مجرد الاستعداد قال تعالى « وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ............».

 

● ومن مراتب الجهاد بالنفس:التزام اخلاق الجندية وذلك بطاعة قائد الجيش سواء بالزحف واللقاء، أو التربص والرصد، أو البقاء فى صفوف المقاتلين، أو العودة لخطوط الدفاع والحراسة، أو القيام بالأعمال المساعدة من انواع الاتصال/ الامداد/ التموين/ النقل/ الاستطلاع....إلخ.

 

● وآخر مرتب الجهاد هى مرتبة القتال وذلك بتنفيذ الأمر بالزحف للقاء العدو، والثبات فى مواجهته وعدم الانحراف عنه أو التولى والانسحاب، وجميع ما ذكرنا من أبواب الجهاد المطلوب حسب الظرف القائم فليس هناك باب للجهاد أولى من غيره إلا حسب ما يشغل الأمة من مهام.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات