الدين والأخلاق والتحرش - عزة سليمان - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 3:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدين والأخلاق والتحرش

نشر فى : السبت 20 سبتمبر 2014 - 10:55 ص | آخر تحديث : السبت 20 سبتمبر 2014 - 11:04 ص

هكذا صدمتنى صديقتى الأجنبية، والتى تدرس الدكتوراه بجامعة بلندن بجملتها (لا دين ولا أخلاق لكم) عندما زارت مصر فى شهر مارس الماضى حيث أنها تعرضت لتحرش جنسى بذىء لم تتعرض، ولم تتخيل أن هذا يحدث لها فى دولة مثل مصر. حيث إنها أخبرتنى بأن المصريين يتحدثون كثيرا عن الأخلاق والدين، وهم بعيدون عنها كل البعد. وتساءلت وكانت ملامح وجهها تنم عن اشمئزاز واستياء شديدين أن رجال الدين فى مصر يرفعون لواء الدفاع عن القيم والأخلاق فلماذا لم يحققوا هذا الهدف البسيط، وهو منع التحرش بالفتيات والنساء فى مصر وعجزت عن الإجابة عن تساؤلاتها المشروعة.

وبدأت التأمُل فى معالم الخطاب الدينى لدينا حيث إننا نجد بعض رجال الدين فى المساجد وفى الكنائس يتحدثون عن المرأة أنها الأم والأخت والزوجة والحبيبة وأنه يجب رعايتها والمحافظة عليها، وحقيقة الأمر أن هذا الخطاب لم يعزز من كرامتها وإنسانيتها، حيث إن صدى هذا الخطاب لدى المتلقين هو أن المرأة عاجزة عن حماية نفسها وأنه يجب أن يعين عليها قيم وحارس لرعاية شئونها. وهذا أمر عار تماما عن الصحة لأن المرأة والفتاة هم من خرجوا دعما ثورة يناير، وهن من خلعن المخلوع وعزلن المعزول بل وهن من اصطففن فى الصفوف وأقررن الدستور. وطوال هذا كانت محل تفاخر من كل الموسسات بما فيها المؤسسة الدينية.

أما البعض الآخر من رجال الدين فهم يصدرون خطابا ينال من كرامة النساء ويضعها فى مرتبة أقل من الرجال، ويدعى أن سبب التحرش هو الفتاة أو المرأة نفسها بإدعاء كاذب أن ملابسها هى السبب أو شكلها أو حركاتها، ويعطى لنفسه الحق فى التفتيش فى نواياها والتدخل فى حياتها بل وفى طريقة ارتدائها للملابس أو طريقة مشيها.

ولم نجد فى كل هؤلاء من يتمتع بإنسانية حقيقية أو الحد الأدنى من الأخلاق ليدافعوا عن المناضلات اللاتى تعرضن للتحرش على سلالم نقابة الصحفيين إبان حكم المخلوع أو تعرضن للضرب والسحل فى ميدان التحرير (ست البنات) إبان حكم المجلس العسكرى وكشوف العذرية اللاتى تعرضن لهن أثناء الثورة المجيدة أو الضرب أمام الاتحادية أثناء حكم المعزول أو التحرش بالمعتقلات فى السجون والمعتقلات حاليا.

•••

وخلال هذا العام والعام الماضى خرج علينا اثنان من رجال الدين المسلم والمسيحى المشهور عنهم آراؤهم المثيرة للجدل. فالأول يشير إلى أن أسباب التحرش الجنسى هى شيوع التبرج وتركهم للحجاب.

رغم أن الكثيرات جدا من المتحرش بهن مرتديات للحجاب بل والنقاب. وكان هذا التصريح منه بمثابة إشارة بالضوء الأخضر للمتحرشين باستباحة التحرش بالفتيات والنساء غير المرتديات للحجاب.

أما الآخر فقد طالب الفتيات المسيحيات بالاقتداء بملابس المسلمات والارتداء من لباس الحشمة.

والحقيقة أن جميع هؤلاء الدعاة لم يتجرؤوا عن الإفصاح عن السبب الحقيقى للتحرش، وهو غياب الأمن وتهاون رجال الأمن فى أداء واجبهم بحماية المواطنات والمواطنين من جميع الانتهاكات والاعتداءات التى تحدث لهم.

وكذلك لم يتجرؤوا على مساءلة رجال الشرطة والأمن عن الانتهاكات التى حدثت للنساء وما زالت تحدث على أيديهم.

ولم يتجرؤوا على مساءلة المسئولين فى الدولة عن غياب استراتيجيات وخطط واضحة عن مناهضة العنف ضد النساء.

•••

وهنا يجب أن أذكر ما كتبه أستاذنا الدكتور نصر أبوزيد فى كتابه (دوائر الخوف قراءة فى خطاب المرأة): «هل نحن إزاء خطاب دينى؟ مغالطة أن نقول ذلك. بل نحن إزاء تخلف قد يتوسل لغة الدين أو لغة السياسة أو لغة الاجتماع والاقتصاد. لكن فى الحقيقة خطابا تخلف يكرس أزمة بقدر ما يعكسها، وهو ليس خطاب تخلف فقط، ولكنه خطاب إرهابى معتد يمارس ضد المرأة كل صنوف الاعتداء التى وجدناها فى حادث فتاة العتبة والمعادى». وأنا أذكركم بفتيات ونساء التحرير ومجلس الوزراء.

صوت المرأة ثورة

عزة سليمان محامية ورئيسة مجلس امناء قضايا المراةالمصرية
التعليقات