نادر جلال - كمال رمزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 7:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نادر جلال

نشر فى : السبت 20 ديسمبر 2014 - 8:55 ص | آخر تحديث : السبت 20 ديسمبر 2014 - 8:55 ص

كل الطرق أدت به إلى السينما.. والده، أحمد جلال، المثقف ثقافة رفيعة، الصحفى، المترجم، هو أحد رواد السينما المصرية. والدته، الممثلة، المنتجة المرموقة، مارى كوينى، هى ابنة أخت النجمة، سيدة الإنتاج الرفيع، آسيا.. أما أعمامه، فإنهما المخرجان الكبيران، حسين فوزى، وعباس كامل.

نادر جلال، ولد فى بيئة فنية تماما، يمضى أوقاتا طويلة فى «ستوديو جلال»، يقف أمام الكاميرا طفلا. يظهر فى أفلام «ضحيت غرامى» لإبراهيم عمارة 1951، «ابن النيل» ليوسف شاهين 1951، «أميرة الأحلام» لأحمد جلال 1954.. يلتحق بمعهد السينما ليتخرج فيه عام 1964.. يعمل مساعدا للإخراج مع حسن الصيفى، توفيق صالح، صلاح أبوسيف، عباس كامل.

قصة لأحمد جلال، لا تغادر سينما الأربعينيات جوهرا، وإن جاءت متسمة بإيقاع السبعينيات، تدور حول الشاب ـ سامى ـ بأداء نور الشريف، الذى يتعرف إلى ألفت ـ نيللى ـ تحمل منه، يقرر التخلص من الجنين. أثناء الإجهاض يندفع معترضا، وبعد الابتعاد عنها، يدرك أنه يحبها، فيعود لها.. الموضوع، قديم ومطروق، لكن ثمة لمسة نضارة لا تخطئها العين، ستنمو وتتبلور فى أفلامه التالية، تتمثل فى قدرته على «تجسيد» الأجواء التى تدور فيها الأحداث، فمثلا، فى مشاهد إجهاض البطلة، يختار نادر جلال أن يكون بيت القابلة بين المقابر، قاتم وكئيب، وبينما يأتى الفيلم بالألوان، يتعمد مخرجنا أن يكتفى هنا بالأبيض والأسود، فضلا عن اهتمامه المتميز بالأداء التمثيلى، الأمر الذى سيتجلى بوضوح فى أعماله اللاحقة.. أما فيلمه الثانى «ولدى» فإنه يحكى عن رجل العصابات، جابر ـ فريد شوقى ـ المكلوم بسبب مقتل ابنه على يد أفراد عصابة، يثأر منها، فردا فردا.. تندلع المطاردات، ليلية غالبا، فى الشوارع المعتمة، والبيوت القديمة الآيلة للسقوط، والملهى الليلى، وأوكار تعاطى المخدرات، وتتساقط الجثث مضرجة بالدماء، مشفوعة بالطبول والموسيقى التى تكثف الإحساس بالتوتر.. «ولدى» بالأبيض والأسود، يتسم بالحيوية، سرعة الإيقاع، تنوع اللقطات والزوايا، الاستخدام الموفق للنور والظل، نشاط كاميرا لا تتوقف عن اللهاث.. هكذا، كأنه بمثابة تقديم أوراق اعتماد نادر جلال، مخرجا جديدا، فى عالم أفلام «الأكشن».

فى العالم التالى، 1973، حقق نادر جلال فيلمى «رجال لا يخافون الموت»، و«أبوربيع»، بطولة وحش الشاشة، ملك الترسو، فريد شوقى. الفيلمان ينتميان لأفلام الحركة، أو «الأكشن».

على مدار أربعة عقود، يحقق نادر جلال «52» فيلما، يراعى فيها التوازن بين المستوى الفنى وشباك التذاكر.. يتجنب المخاطرة أو المغامرة، ويراهن، فى ذات الوقت، على قوة لغته السينمائية التى تزداد رسوخا، فيلما بعد الآخر، وهو فى هذا يندرج فى كتيبة المخرجين الكلاسيكيين، أو التقليديين إن شئت، الذين يجيدون ويصقلون أعمالهم، على نحو لا يزعج الجمهور، ولكن يجذبه لدار العرض.. وهؤلاء هم سبب بقاء صناعة السينما على قيد الحياة.

فى العديد من أفلامه، تحرر نادر جلال من «الأكشن» الخالص، القائم على صراعات العصابات، واقترب من القضايا الاجتماعية، والسياسية، ذات الطابع الوطنى، بفضل زملائه وأصدقائه، كتاب السيناريو، وحيد حامد، بشير الديك، ولينين الرملى.. وحيد حامد فتح له طريق الفيلم الاحتجاجى، الاجتماعى، الكاشف عن الفساد، فى «أرزاق يا دنيا» 1982، حين يطالعنا المواطن الغلبان، الأعرج ـ نور الشريف ـ الذى يحاول أن يجد لنفسه مكانا فى مدينة لا ترحم.. هنا، يتألق نور الشريف، بأداء متفهم، عميق، يتواءم فى تفاصيله مع قوة بناء الشخصية الصلبة برغم ضعفها الجثمانى.. وكعادته، يثبت نادر جلال قدراته الإبداعية فى تجسيد الأجواء المتباينة، وكر العصابة التى يرأسها على الشريف، مكاتب معتمة لشركة مظهرها محترم وباطنها شديد الفساد.

مع بشير الديك، كاتبه الأثير، يخرج «الإرهاب» 1990، «شبكة الموت» 1991، «عصر القوة» 1992، «مهمة فى تل أبيب» 1993.. وهى، إجمالا، من بطولة نادية الجندى، التى تبدو فى أفضل حالاتها، فى أفلام نادر جلال.. جدير بالذكر، أن مخرجنا، لأول وآخر مرة، يجمع نادية الجندى مع عادل إمام، فى «خمسة باب» 1983.

عن سيناريوهات لينين الرملى، يقدم «الإرهابى» 1994، شديد الأهمية، الذى يتضمن تحذيرا له شأنه، وتوقعات، حققتها الأيام.. «الإرهابى»، بطولة عادل إمام، الذكى، الذى قادته أريحيته إلى التعاون مع الانتقادى الماهر لينين الرملى، والراسخ نادر جلال، لتقديم «بخيت وعديلة» 1995، «الجردل والكنكة» 1997، «هالو أمريكا» 2000.. وكلها، نجحت نقديا، وطبعا، فى شباك التذاكر.

قائمة أفلام نادر جلال، تتضمن أعمالا لا يمكن أن يطويها النسيان، منها، على سبيل المثال لا الحصر «جحيم تحت الأرض» 2001، الذى كتبه مصطفى محرم، بطابعه التاريخى، الذى يبين، بجلاء، دور القوات البريطانية فى تهريب السلاح إلى العصابات الصهيونية، إبان الحرب العالمية الثانية، و«حسن اللول» 1997، الذى يعد أحد كلاسيكات أفلام «الأكشن»، حيث المواجهات الدامية، برا وبحرا، وفيه، يصل أحمد زكى، إلى أفضل مستوياته فى الأداء التمثيلى.. بجملة واحدة: نادر جلال «1942 ـ 2014»، هو أحد أعمدة السينما المصرية.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات