عزوف الشباب - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 7:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عزوف الشباب

نشر فى : الثلاثاء 21 أبريل 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 21 أبريل 2015 - 9:25 ص

قبل ثورة 25 يناير، كانت وسائل الإعلام لا تكل ولا تمل من ترديد أسطوانة «عزوف الشباب عن العمل السياسى» وكتبت مئات التحقيقات والدراسات، العلمى منها وغير العلمى، عن أسباب إيلاء الشباب ظهورهم للعمل العام، وعدم رغبته المشاركة فى الحياة السياسية، تارة لضحالة أفكارهم، وأخرى عن انخفاض نسبة الانتماء إلى الوطن لديهم مقارنة بأجيال سابقة، وثالثة عن غياب القدوة، إلى آخر تلك الأسباب التى تحطمت فى ميدان التحرير.

اليوم عاد الشباب سيرتهم الأولى، إلى ما يشبه التجاهل لما يدور حولهم، واختفت من المشهد عشرات الأسماء التى برزت فى ميدان التحرير وكنا نعول على تقدمها الصفوف لتحمل العبء فى مرحلة ما بعد الثورة، غير أن البعض فضل الانزواء من المشهد الذى طفت على سطحه طحالب، وأوراق ذابلة، لم نكن نتمنى أن تجد لها موطئ قدم فى المرحلة الجديدة من عمر مصر التى حلمنا بها.

لم يجد الشباب مشروعا واضح المعالم ينخرطون من خلاله فى العمل العام، وتناهشت بعض القوى السياسية الفرادى منهم، وجرى توظيف بعضهم فى حوارى وأزقة جانبيه، فيما القوى الأعظم منهم وجدت نفسها خارج المعادلة، بعدما اختلط التعبير عن الموقف السياسى من خلال التظاهر بأعمال العنف فى أكثر من موقف، فأثر هؤلاء البعد عن الساحة، وسط غضب مكتوم مما يدور حولهم.

واليوم نعود مرة أخرى إلى السؤال التقليدى: ماذا يريد الشباب؟ ولماذا ينسحبون من المشهد؟!

والإجابة التقليدية أيضا: الشباب يبحث عن ذاته فى كل زمان ومكان، يريد تحقيقا لأحلامه المشروعة فى «العيش والحرية والكرامة الإنسانية»، يريد الشباب أن يجد ذاته فى قيادة بلده، وهو يرى وزراء فى العشرينيات من أعمارهم فى بلدان عدة، ويقرأ عن وزراء فى مصر نفسها تولوا مناصبهم فى الثلاثين من أعمارهم وكانوا قادرين على تنفيذ خطط المشروعات الصناعية العملاقة.

تود الأجيال الجديدة ألا تسمع عبارة «الشباب شباب القلب» فالشباب يعد بأعوام الفتوة، لا بسنوات الشيخوخة، ولا يود الشباب عندما ينعم الكبار عليهم بوظيفة كبرى أن يكونوا «وردة فى عروة الجاكتة»، وأن يكون الهدف فى توليهم المناصب الكبرى مجرد ذر للرماد فى العيون.

روى أمامى واحد من الشباب الذين تولوا منصبا كبيرا فى إحدى الوزارات، كيف وضعت أمامه العراقيل والمعوقات التى كانت سببا فى تطفيشه بعد ذلك رغم سعيه لإدخال الحيوية والأفكار الجديدة إلى ديوان عام وزارته العجوز، وكيف كان يعمل ولا يغادر مكتبه قبل 14 ساعة على الأقل يوميا.

الشاب الثلاثينى كان يتحدث بمرارة شديدة ــ رغم ما يحمله من نبوغ علمى وقدرات على اتخاذ القرار فى المواقف الصعبة ــ عن تجربته التى جاءت عقب ثورة 25 يناير، فى فورة الحماس المؤقتة للشباب، قبل أن يتحول الأمر إلى مجرد حديث من وقت لآخر عن اختيار مساعدين للوزراء والمحافظين من الشباب من دون أن يرى الكلام النور، وأن نرى شبابا دون الثلاثين فى مواقع الصف الثانى من الوزارات والمصالح الكبرى، ومن غير أن يثير الأمر غيرة وحفيظة أصحاب الشعر الأبيض.

سنة الحياة التقدم، ومصر أحوج ما تكون إلى طاقة وعنفوان الأجيال الجديدة، وهذا ليس انتقاصا من جيل الآباء والأجداد، بمقدار ما هو اعتراف بطبيعة الحياة، إذا كنا نريد التخلص من ميراث ثلاثين عاما من الجمود.

التعليقات