قبل أن نطبق «التأمين الصحى» - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قبل أن نطبق «التأمين الصحى»

نشر فى : الجمعة 21 أبريل 2017 - 10:05 م | آخر تحديث : الجمعة 21 أبريل 2017 - 10:05 م
حينما أثير مشروع قانون رؤساء الهيئات القضائية انقلبت الدنيا رأسا على عقب، خصوصا وسائل الإعلام وهو أمر منطقى نظرا لأهمية الموضوع، لكن الغريب أن هناك مشروع قانون ــ تحول قبل ايام إلى قانون ــ لم ينل حظه من النقاش الذى يستحقه إعلاميا، رغم أنه يؤثر فى حياة كل شخص فينا، أقصد قانون التأمين الصحى الشامل. وحتى عندما تحدث عنه وزير الصحة د. أحمد عماد قبل أسابيع فى لجنة الصحة بمجلس النواب، فإن غالبية الاعلاميين ــ بمن فيهم كاتب هذه السطور ــ اهتموا فقط بانتقاد الوزير لمجانية التعليم والصحة!.

الذى لفت نظرى للقانون هو الصديق الإعلامى المتميز عمرو عبدالحميد، الذى خصص ساعتين لحلقة نقاشية ممتعة، قبل اقرار القانون بساعات، فى برنامجه «رأى عام» على قناة «تن» بحضور د. على حجازى رئيس هيئة التأمين الصحى ود. أيمن أبوالعلا وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، د. أسامة عبدالحى رئيس الهيئة التأديبية فى نقابة الاطباء، وعلاء الغنام عضو لجنة إعداد القانون الجديد، وكوثر محمود نقيبة الممرضين.

تشرفت بالمشاركة بالبرنامج، وقبل ذهابى للقناة حاولت ان اعرف اكبر قدر ممكن من المعلومات عن القضية.

التفكير فى القانون بدأ قبل سنوات ثم صار جديا بعد ثورة يناير، وكان الهدف الاسمى هو تغطية جميع المواطنين بالتأمين الصحى، وأن تكون الأسرة هى وحدة التغطية داخله. تم مناقشة أكثر من ٣٨ مسودة، كما طرح مشروع القانون ثلاث مرات على طاولة الحكومة فى فبراير ومارس الماضيين.

الدكتور على حجازى قال ليس لدينا تأمين صحى فى مصر، لكنه شرح هذه العبارة التى قد تبدو صادمة، بأنه لا يوجد قانون خاص للتأمين الصحى، بل هو مجرد مادة واحدة داخل قانون التأمين الاجتماعى رقم ٧٩ لعام ١٩٧٥.

التأمين بشكله الحالى يغطى ٥٨.٨٪ من المصريين أى نحو ٥٢ مليون شخص، أى إن ٤٢ مليون مصرى خارجه.

جميعنا يعرف سلبيات المنظومة الصحية. وتكمن المشكلة الاساسية فى نقص التمويل المالى، وضعف المؤسسات العلاجية والتفكك والتفتت الذى تعانى منه المنظومة الصحية، وبالتالى فإذا تم تنفيذ القانون بصورة صحيحة، فسيكون بداية لإصلاحها وإعادة بنائها من جديد.

النظام الجديد يستحدث ثلاثة كيانات رئيسية هى هيئة التأمين الصحى الشامل، ثم هيئة الرعاية الصحية والعلاجية، وأخيرا الهيئة المصرية للجودة.

والهدف الرئيسى من هذه الهيئات الثلاث أن يتم الفصل للمرة الأولى بين من يقدم الخدمة ويمولها ومن يديرها وأخيرا من يفترض أن يتابعها ويراقبها، لأن النظام الحالى فى هيئات ومؤسسات كثيرة ــ وليست الصحة فقط ــ هى أن من يقدم الخدمة ويديرها هو أيضا من يراقبها والنتيجة هى «حالة الكنافة» التى نعيشها!.

وقد شرحت الكاتبة المتميزة بالشروق سلمى حسين المخاوف من سوء تطبيق القانون فى 15 إبريل الحالى تحت عنوان: «التأمين الصحى.. ثورة أم انقلاب؟»، خصوصا لجهة أن يتحول الامر إلى «سبوبة وتجارة» تستفيد منها المستشفيات الخاصة فقط!.

السؤال الذى يتبادر لذهن كثيرين هو: لماذا تأخر قانون التأمين الصحى الشامل كل هذه السنوات؟.

الإجابة هى غياب التمويل الفعلى والكامل الذى يجعل أى قانون أو نظام جدى فعالا وقابلا للاستمرار، ثم الدراسة الاكتوارية، وبالطبع سوف يسأل البعض «يعنى إيه اكتوارية؟!»؟. هى باختصار بيانات معينة يتم إدخالها على معادلات معينة لحساب تكلفة هذا النظام ومن يضعه وبأى كيفية، وصولا إلى حساب كم عاما يمكن تطبيق هذا النظام، وعدد المراحل وحجم التكلفة.

وقد تم استدعاء واحد من أهم بيوت الخبرة الإنجليزية المتخصصة عالميا لوضع هذه الدراسة. وقد تم إعادة النظر مرتين فى هذه الدراسة، لأن المعلومات لم تكن كاملة.

نعود مرة أخرى لنقول إنه لكى ينجح التأمين الصحى فلابد أن تكون كل الحسابات دقيقة وصحيحة وقائمة على معلومات صحيحة، وأهم سؤال هو ما هى التكلفة الفعلية ومن الذى سوف يدفعها وكيف؟، إضافة إلى تأهيل الكوادر البشرية من أطباء وممرضين وإداريين وكذلك تأهيل المستشفيات والمؤسسات العلاجية المختلفة.. فهل نحن جاهزون لذلك؟.. وإذا كانت الإجابة هى لا، فماذا يفترض أن نفعل؟!.

مرة أخرى الموضوع يستحق نقاشا أوسع وأعمق من الجميع حتى يكون التطبيق سليما.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي