العنف عم العالم الإسلامى - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 3:58 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العنف عم العالم الإسلامى

نشر فى : السبت 21 يونيو 2014 - 5:45 ص | آخر تحديث : السبت 21 يونيو 2014 - 5:45 ص

نشهد هذه الأیام المذابح وعملیات القتل الوحشیة فى العالم الإسلامى. فالدماء تسفك والأرواح تزهق فى العراق وسوریا وأفغانستان ولیبیا، وهو ما یثیر حقا الأسف والقلق.

وأنا لا أنظر إلی التاریخ بتشاؤم، فقد حاولت فى الغالب أن أكون متفائلا، ولكننى أری أننا نشهد بفعل كل هذه المذابح والدماء التى تسفك ظلما، أن الإنسان یتقدم یوما بعد آخر نحو المزید من الإنسانیة، ذلك لأنه یدرك حق الإدراك أن كل هذه المذابح لا تدل علی الإنسانیة، بل علی الوحشیة والهمجیة.

وفى وقت من الأوقات ارتكب بعض سفاكى الدماء من أمثال جنكیز خان مآسى یرتجف لسماعها جسم الإنسان، فقد سووا المدن والقری بالتراب وصنعوا من رؤوس البشر منائر، وإذا ما تقرر أن یسلك الإنسان نفس هذا السلوك وبنفس الوحشیة وقساوة القلب، رغم كل مظاهر التقدم التى حققها، وخصوصا فى مجال التكنولوجیا، فلا شك أننا سوف نعجز حتی فى ذهننا أن نتصور مدی الجرائم والمآسى التى سترتكب.

ویری بعض الفلاسفة أن الحرب وسفك الدماء مترسخة فى ذات الإنسان، وأن الحرب مستمرة، ولا یمكن أن یسود الصلح أبدا، ولكنى أرید أن أشیر إلی ملاحظة أصبحت فى هذه الأیام كابوسا یهیمن علی العالم الإسلامى، وهى أن الدین الذى لا یقترن بالتعقل، یمكن أن یكون خطرا وبلاء یحدق بحیاة البشر وأرواحهم.

وللأسف فإننا نشهد الیوم تیارا من اللا عقلانیة والطاعة غیر العقلیة بین كل المسلمین، وهى تتنافی مع روح الإسلام؛ فالإسلام دین وضعت تبييناته حول الله والإنسان والعالم ومجموعة أخلاقه وواجباته علی أساس العقل.

فلقد نفی الإسلام بظهوره، دین الآباء والأجداد وسننهم التى لا تقوم علی العقل والتفكیر السلیم. ویری الإسلام أن التزكیة والأخلاق والتعقل سوف تجتمع ذات یوم، وتحل المشاكل.

ولكننا لا نزال للأسف نتفرج علی المذابح مكتوفى الأیدى.

وأنا أری أن الأجیال الأربعة الماضیة من البشر شهدت تطورات لافتة للنظر إلی حد كبیر فى مجال الفكر والنظر حول السلام، وتحقق المثل العلیا فى حقوق الإنسان، ومن العدل أن نقول إننا ینبغى ألا ننكر الإجراءات العملیة التى قیم بها فى هذا المجال.

ولكن السؤال هو: هل یمكن القول ــ تبعا للإجراءات النظریة من جهة والمثل والأهداف السامیة للمفكرین فى هذا المجال من جهة أخری ــ إن الخطوات العملیة قد تمت بما یتناسب مع النظر والفكر، وهل یمكن أن نتصور أفقا مضیئا یبعث علی التفاؤل بالنسبة إلی مستقبل الإنسان؟

لقد أیقظت مأساة الحربین العالمیتين الإنسان من غفلته بشكل یبدو فیه أن الإنسان كان یری أن عصر طفولته وجهله قد ولی، وأن العهد الجدید هو بداية بلوغه، وذلك بتشكیل منظمة الأمم المتحدة وصدور میثاقها، إذ صدق الإنسان تماما أن الحروب الساخنة التى تستخدم فیها الأسلحة الفتاكة والمدمرة بین البشر قد انتهت إلی الأبد.

ولكننا لا نزال مع ذلك نشهد سماع أزیز الرصاص وهدیر القنابل المدمر، حتی إن وسائل القمع السیاسیة، وعدم التعقل فى الدین والتطرف كل ذلك حاق بالعالم الإسلامى إلی درجة بحیث إننا لا نمتلك الشواهد علی السلوكیات المنطقیة والحكیمة.

إن المنظومة الأخلاقیة للإسلام برمتها والتى نعتبرها متطابقة مع الفطرة، هى منظومة تشتمل علی البنیة التحتیة العقلانیة، التى یمكن الدفاع عن كل عناصرها بالمنطق والعقل. ولقد كانت تشریعات الإسلام وأحكامه تصدر طیلة التاریخ علی أساس التفكر وهذا هو معنی الاجتهاد.

أما إن حل الجهل محل الإسلام، فسرعان ما ستنفذ فى الإسلام مفاهیم أخری بدلا من العقل والتدبیر والأمل. وسنشهد التطرف والعنف ولن یعود مفهوم الحیاة ومعناها یحملان شیئا من الإنسانیة.

التعليقات