إمـارة أم إمامة - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إمـارة أم إمامة

نشر فى : الأحد 22 يوليه 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 22 يوليه 2012 - 8:00 ص

(1)

 

اجمع الصحابة (رضى الله عنه) على ترجيح لقب «أمير المؤمنين» على لقب خليفة ترجيحا للمعقول، واعتزاما بأن (القرآن والسنة) فرض إقامة الدولة وحسن إدارتها بتوافق الناس ولم يفرض لها اسما محددا، وقد تكفل الفقه ببيان الأركان والشروط والضوابط الواجب اتباعها فى إقامة الدولة وإدارتها، والفقه أولا وأخيرا هو القدرة على ادخال الواقع تحت مظلة الشريعة، ولهذا تتكاثر الأقوال، وتتعدد وجهات النظر، ولا حرج فى ذلك بل كلما اتسعت الآفاق كلما اتضح أصوب الآراء وأيسر التكاليف والأقرب إلى التزام الشرع ورضا الأمة

 

(2)

 

وكان الاختيار الأول للناس لقب «خليفة» مع أبى بكر ثم بعد التمهل والدراسة والتجريب تتوافق الأمة على لقب «أمير المؤمنين» مع عمر ومن بعده، فالعجب يشتد حينما يأت التصور الأخر بلقب «إمام».. وحينما يعترض عليه بأنه لقب الإمام قد خصصه الفقه لإمامة الصلاة فهو لقب شعائرى فيشتط أصحاب الاقتراح يجعلون لقب الحاكم هو «الإمام الأعظم».. وفى هذا من الخطأ الفقهى ما فيه، ومن الغلو والمبالغة وإلا يحمد عقباه.

 

(3)

 

فتلقيب الحاكم (بالإمام) هو تحويل وتغيير وتحريف للشرع ــ لأن الحاكم يمارس وظيفة إدارة فريق الحكم من أهل الشورى وأهل الفقه وأهل الحل والعقد وأهل القضاء فهو ليس منفردا بقراره، أما إمام الصلاة فهو يمارس تجميع الناس على نمط شرعى محدد الأركان لا قدرة للإمام على تغييره، ولا حق للجماعة فى الاقتراح بشأنه وبتعبير بسيط، فالحاكم يمارس فى نطاق الرأى والبحث والتجديد والتعبير أى فى منطقة الرأى أما إمام الصلاة فهو يمارس فى نطاق النص.. وأى تصرف فى النص بغير الاتباع غير مقدور من الإمام وغير مقبول من المصلين فأنظر كيف يسبب ــ القصور الفقهى ــ عبثا يحول العادة إلى شعيرة ويمنح المسئول حصانة ليست له، ويمنع حق الناس فى مراقبة من اختاروه

 

(4)

 

هكذا ذهب المتشيعون مذهبا يخالف القرآن فى نصه فحينما حدد االقرآن عمل النبوة قال لإبراهيم «...إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما..» إماما يتبع ويتأسى الناس به دون أدنى حق فى التبديل بالإضافة أو الحذف، بينما حدد القرآن لقب « خليفة « لداود (ص) وهو يمارس عمل الحاكم والملك «يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَة فِى الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى.......» فإدارة شئون الناس خلافة عن الناس أى «مندوب عنهم» يفعل ما يريده الناس أما الإمامة فهى عمل شعائرى يؤدى كما هو لا تصرف فيه للإمام ولا اعتراض فيه للمأموم.

 

(5)

 

كذلك فإن مصطلح «الإمام» الذى قال به المتشيعون. أرادوا به ما لا تعرفه السنة النبوية، فالإمام لا يقاطع ولا يناقش ولا يراجع لأنه يؤدى أداء نمطيا حدده الوحى كما وكيفا، فهل يقاس الحاكم المدير لشئون الناس على إمام الصلاة المفروض اتباعه وعدم سبقه ولا مساوته ولا مخالفته

 

(6)

 

ثم تجاوزوا وقالوا بما لم يقل به جميع المسلمين «لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئا إِدّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّا» (90) فهذا هو قولهم بعصمة الإمام وانفراده بالتشريع باعتباره مهبطا للوحى من بعد الرسول! وهل يجوز أن يتولى الناس إنسان ينفرد بسلطتى التشريع والتنفيذ؟ إنها ألوهية مبطنة لا مساغ لها فى القرآن الكريم ولا فى صحيح السنة ولا فى عقل عاقل

 

(7)

 

ثم تجاوزوا بعد ذلك فجعلوا الإمامة ــ التى يقولون بها ــ ميراثا ــ وكيف تورث الإمامة وقد منع القدر الإلهى وراثة النبوة، فلم يجعل له ولدا يبقى من بعده، وأخيرا الست معى

 

إن لقب الإمام، والإمام الأعظم، وعصمة الإمام، وتوارث الأمة كل تلك معانيهم مغلوطة ينبغى أن يتورع أهل الفقه وأهل الدعوة عن استعمالها.

 

يتبع..

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات