عهد التميمى ومحنة الأطفال الفلسطينيين المحتجزين - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:23 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عهد التميمى ومحنة الأطفال الفلسطينيين المحتجزين

نشر فى : الثلاثاء 21 أغسطس 2018 - 8:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 21 أغسطس 2018 - 8:45 م

نشرت مؤسسة بروكنجز مقالا للكاتبة «ميا سوارت» عن معاناة الأطفال الفلسطينيين المحتجزين داخل السجون الإسرائيلية. وتسلط الكاتبة الضوء على عهد التميمى التى أطلق سراحها فى أواخر شهر يوليو الماضى بعد انقضاء نحو ثمانية أشهر فى السجن.
الجدير بالذكر أنه قد ألقى القبض على «عهد التميمى»، البالغة من العمر 17 ربيعا، فى ديسمبر 2017 بسبب صفعها جنديا إسرائيليا وركله خارج منزلها فى قرية النبى صالح. وقد حدث ذلك عقب معرفتها بإطلاق جندى إسرائيلى النار على وجه ابن عمها البالغ من العمر 14 ربيعا.
وقد حظيت قضية التميمى باهتمام هائل من وسائل الإعلام، إذ تم ترشيحها لجائزة السلام فى أيرلندا ودعوتها مؤخرا لزيارة جنوب إفريقيا فى وقت لاحق من سنة 2018، كجزء من احتفالات الذكرى المئوية لمانديلا. وقد كرم فنان شارع إيطالى التميمى عبر رسم وجهها على جدار الفصل العنصرى، إلا أنه تم احتجازه لاحقا بسبب «تخريبه» هذا الجدار.
وفى خلال مؤتمر صحفى عقدته «التميمى» بعد إطلاق سراحها من السجن، تحدثت عن استجواب الجنود الإسرائيليين لها وعن عدم تطبيق القانون الإسرائيلى المتعلق بالاحتجاز. فعلى سبيل المثال، كان يحق لها وجود حارسة لدى الاستجواب، وهو ما لم يحصل قط.
ولا بد من الإشارة إلى أن الكثير قد قيل عن تسليط قضية التميمى الضوء على وضع الأطفال فى الاحتجاز الإسرائيلى. ففى السنوات الأخيرة، زاد عدد الأطفال الفلسطينيين فى الاحتجاز زيادة حادة وقد وصل عددهم الحالى إلى نحو 350 طفلا فى السجون الإسرائيلية. وأكثر ما يزعج فى الأمر أن العدد الأكبر من هؤلاء الأطفال هو فى الاحتجاز السابق للمحاكمة، وغالبا ما يكون سبب اعتقالهم غير واضح. والجدير بالذكر أن إسرائيل هى إحدى الدول القليلة فى العالم التى تضع الأطفال فى الاعتقال الإدارى. وقد أشارت المنظمة غير الحكومية الإسرائيلية «بتسيلم» إلى أن حقوق القاصرين الفلسطينيين تنتهك لحظة اعتقالهم فورا.
حتى أن القانون الإسرائيلى نفسه ليس مطبقا على الأطفال الفلسطينيين، إذ لا يقتصر تعنيف الأطفال المحتجزين وتعذيبهم على الإيذاء الجسدى فحسب ويبدأ لحظة اعتقالهم. وتعد الأساليب المعتمدة فى الاستجواب محط اهتمام خاص، فقد كشف فيديو نشر فى إبريل عن استجواب جنديين للتميمى، قال فيه أحدهما للتميمى إن عينيها «عينا ملاك»، وهددها بإلحاق الضرر بأطفال قريتها فى حال رفضت تزويده بالمعلومات.
وتجدر الإشارة إلى أن الممارسات المستخدمة ضد الأطفال تشمل ساعات طويلة فى غرف الاستجواب منذ لحظة الاعتقال وظروف معيشية متدنية فى سجون الاحتلال وسوء معاملة فيها، بالإضافة إلى عقوبات قاسية مفروضة كعقوبات السجن الطويلة. ويخضع الأطفال أيضا إلى إجراءات تعسفية، بما فيها الضرب والتعذيب والاعتداء والإيذاء، فى مراكز الاعتقال والاستجواب. هذا وبعضهم لا يصل إلى هذه المراكز ويقتل بدم بارد. وقد قتلت القوات الإسرائيلية 31 طفلا هذا العام حتى الآن. وبعض عمليات القتل هذه تحدث فى خلال الغارات الموجهة على منازل العائلات. وحتى اليوم، يسيطر غياب مخيف للمحاكمات المنوطة بهذه الجرائم المرتكبة بحق الأطفال الفلسطينيين.
ومما لا ريب فيه أن الأعمال التى تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلى تنتهك القانون الدولى. وأكثر ما يثير الإزعاج هو أن سوء معاملة الأطفال ينتهك اتفاقية حقوق الطفل التى تعتبر إحدى أكثر الاتفاقيات الدولية المصادق عليها بشكل واسع. فالطرق الوحشية المعتمدة بحق الأطفال فى الاستجواب تبلغ حد التعذيب.
والجدير بالذكر أن تحريم التعذيب منصوص فى اتفاقيات جنيف وفى اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1984 لمناهضة التعذيب، ومضمون هذه الاتفاقيات هو قانون دولى عرفى. فهذا يعنى أن مضمونها ملزم حتى للدول التى لم تصادق على هذه الاتفاقيات. وتبقى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب إحدى أكثر الاتفاقيات المصادق عليها بشكل واسع، وقد وقعت إسرائيل عليها عام 1986 ورفعت تقارير دورية للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. بيد أنه فى مناسبات مختلفة تبين لهذه اللجنة انتهاك إسرائيل لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب فى أساليب الاستجواب التى تعتمدها. ومع ذلك، تواصل إسرائيل تبرير استعمال التعذيب أمام محكمة العدل العليا وفى تقاريرها للجنة الأمم المتحدة المناهضة للتعذيب. ولا يزال تعذيب الأطفال يبرز بشكل عادى فى سياسة الاعتقال الإسرائيلية. وقد وصف تقرير صادر عن اليونيسيف سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين فى الاحتجاز العسكرى الإسرائيلى بأنه «واسع النطاق ومنهجى ومؤسسى».
وتختتم الكاتبة حديثها بالإشارة إلى أن اللوحة الجدارية للتميمى قد رسمت على جزء من جدار الفصل بالقرب من بيت لحم. وتبدو مرسومة إلى جانب اللوحة الجدارية التابعة للفلسطينية ليلى خالد التى اختطفت طائرة أمريكية. فالتميمى، خلافا لخالد، تدعو إلى المقاومة السلمية. بيد أن مساحة المقاومة فى فلسطين تتقلص شيئا فشيئا، وتدل التظاهرات المستمرة أيام الجمعة هذه السنة على زيادة نفاد صبر الفلسطينيين.

النص الأصلى

التعليقات