الفرق بين جنيف ونيويورك - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفرق بين جنيف ونيويورك

نشر فى : الخميس 21 سبتمبر 2017 - 9:50 م | آخر تحديث : الخميس 21 سبتمبر 2017 - 9:50 م
المقر الرئيسى للامم المتحدة موجود كما هو معروف فى نيويورك، ويعقد فيه الآن، الاجتماع السنوى للجمعية العامة للامم المتحدة، على مستوى القادة. لكن هناك العديد من مقرات الامم المتحدة موجودة فى جنيف. 

حتى عام ١٩٦٦ كان مقر جنيف يعرف باسم «المقر الاوربى»، وبعدها صار يطلق عليه رسميا مقر الامم المتحدة فى جنيف، وبالتالى فإن تعبير المقر الاوربى لم يعد دقيقا، ولا يحبذه غالبية الدبلوماسيين العاملين فى جنيف، والبعض يتعامل معه بالخطأ، وكأنه مصيف أو منتجع، يأتى إليه السياسيون من نيويورك لقضاء بعض أوقات الراحة. 

فى نيويورك هناك مؤسسة وحيدة هى الامم المتحدة، لكن فى جنيف هناك ٢٦ منطمة دولية، لا يوجد لها فروع فى نيويورك، بل هى المقرات الاصلية. 

من بين هذه المنظمات «التجارة العالمية» والعمل الدولية، والصحة العالمية، والمنظمة الدولية للملكية الفكرية، والمفوضية السامية لشئون اللاجئين، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والاتحاد الدولى للاتصالات، والمنظمة الدولية للهجرة، والاتحاد الدولى للبريد. 

خلال الايام الماضية قابلت أكثر من سفير ودبلوماسى عربى مرموق فى جنيف، وعرفت منهم أنهم يحتاجون الكثير، لملاحقة هذا العمل الذى لا يتوقف. 

غالبية البعثات العربية الدبلوماسية فى جنيف صغيرة العدد، بعضها عبارة عن السفير وثلاثة مساعدين، وأحيانا يكون هناك ملحق تجارى يتولى بالاساس التعامل مع منظمة التجارة العالمية. وبالتالى تحتاج هذه السفارات كوادر كثيرة، خصوصا فى ظل كثرة الاجتماعات المتوالية لهذه المنظمات، وبعضها يعقد اجتماعات شبه يومية. فى ظل هذا النقص لا يكون هناك تمثيل عربى فى هذه الاجتماعات. 

صحيح أن معظم البلدان العربية لديها سفير مقيم ومستقل فى العاصمة السويسرية الاتحادية برن، وسفير مقيم مختص بتمثيلها أمام المنطمات الدولية فى جنيف، لكن وباستثناءات قليلة، هناك نقص كبير فى أعداد الدبلوماسيين العرب فى جنيف، والسبب هو التقشف الذى لجأت إليه غالبية هذه البلدان العربية. بعض الدول الفقيرة أو ذات الظروف الاقتصادية الصعبة تلجأ إلى أن يكون سفيرها فى برن هو نفس ممثلها فى المنظمات الدولية فى جنيف. أو أن يكون سفيرها فى بروكسل هو نفس سفيرها فى برن. وفى هذه الحالة كان الله فى عون أى سفير يجمع بين المنصبين.أما إذا كان سفيرا فى برن فقط، فأغلب الظن، أنه سيقضى فترة رائعة مستمتعا بالطبيعة الخلابة والمناظر الرائعة. والمعروف أن الوزير الاسبق عمرو موسى خدم فى العاصمة الاتحادية برن فى بداية حياته الدبلوماسية. 

بعض الدول العربية لا تدرك للاسف خطورة وأهمية المنظمات الدولية الموجودة فى جنيف. فى هذه المنظمات يتم تقرير العديد من الاجراءات والسياسات والقرارات الدولية، وكذلك الاتجاهات والتيارات المختلفة فى كل المجالات خصوصا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

الدبلوماسيون الذين يذهبون إلى جنيف يفترض أن يكونوا على أعلى مستوى من الحرفية، وملمين بكل شىء من السياسة إلى الاقتصاد، ومن الملكية الفكرية إلى قوانين العمل والهجرة واللاجئين، ومن حقوق الإنسان وتشعبها إلى الاتصالات، ومن الصحة إلى البريد. 

فى جنيف كان هناك طابور طويل من الدبلوماسيين المصريين المتميزين من حسين خلاف فى الستينيات إلى عمران الشافعى وعبدالرءوف الريدى وسعد الفرارجى، ونبيل العربى ومنير زهران، إلى فايزة أبوالنجا، ونائلة جبر والوزير سامح شكرى ثم هشام بدر ووفاء بسيم ووليد عبدالناصر، وصولا إلى السفير الحالى عمرو رمضان، الذى يفترض أن تنتهى مهمته فى جنيف الشهر المقبل، ليسلم الراية إلى السفير علاء يوسف المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، الذى نتمنى له كل التوفيق فى مهمته الجديدة والصعبة.

فى جنيف ليست المشكلة فقط هى نقص أعداد الدبلوماسيين وحالة التقشف التى تعيشها معظم السفارات، لكن الصراعات والخناقات والملاسنات بين الدبلوماسيين العرب، خصوصا بعد نشوب الازمة القطرية، وتلك قصة تحتاج إلى تناول منفرد.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي