مستقبل العلاقات مع إسرائيل - إبراهيم يسري - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 9:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مستقبل العلاقات مع إسرائيل

نشر فى : الجمعة 22 نوفمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 22 نوفمبر 2013 - 8:00 ص

شبه جزيرة سيناء هو الاسم الجغرافى وسيناء هو الاسم التوراتى الذى يستعيد تيه اليهود فيها بعد خروجهم من مصر بقيادة موسى عليه السلام الذى يعزز أطماع اسرائيل فى الاستيلاء عليها أو استخدامها كمرتع لسياسة الترانسفير، وهو الاسم القرآنى اقترن بقصة هروب اليهود من طغيان فرعون مصر عبر امواج البحر الأحمر (خليج السويس) فى الطريق الذى شقه موسى بعصاه والذى اغرق فرعون، وهو افتراض مثير للجدل حيث يرى بعض المؤرخين أن فرعون لم يعبر البحر وتبقى هذه المقولة فى ذمة التاريخ.

والسؤال الهام الذى يثار هنا هو هل سيناء مصرية وهى مقتطعة من آسيا لمصر الافريقية؟ ويتبعه بالضرورة البحث عن مدى اهمية سيناء الاستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية لمصر.

وقبل أن أمضى فى عرض المقال ارجو أن أنبه وأن يوافقنى القارئ الكريم وأن تقتنع عبره اجهزة الدولة والاعلام وكتب الدراسة إلى عدم ملاءمة استخدام المسمى الجغرافى لوصف قطعة من ارض الوطن لأن ذلك يقدح فى حقيقة كونها جزءا من التراب الوطنى ويوحى بأن أهل مصر ينكرون عليها وعلى سكانها الصلة بشعب مصر وبالتراب المصرى، أقترح بالتالى أن نشير إليها بالوجه الشرقى كما نسمى الوجه البحرى والقبلى، ويترتب على ذلك عدم تسمية محافظاتها بشمال سيناء وجنوب سيناء بل تنسب كل محافظة إلى اكبر مدينة فيها كالعريش والطور وغيرها. وأرى أن هذه بداية لإصلاح سياسة ساذجة ومرتجلة تخلو من الفكر الاستراتيجى والاجتماعى.

•••

ولست بحاجة إلى أن أذكر القارئ الكريم بالأهمية الاستراتيجية والحيوية التى تمثلها سيناء ولنقل من الآن الوجه الشرقى لمصر، فهى كانت عبر التاريخ القديم والحديث معبرا الغزاة للأرض المصرية، كما كانت طريق الحملات المصرية المنتصرة لقهر الغزاة وحماية أمنها الذى يمتد مجاله من فلسطين إلى شمال سوريا الكبرى التى تضم الآن فلسطين والأردن وسوريا.

وفى الزمن القريب غزت إسرائيل سيناء مرتين الأولى فى العدوان الثلاثى بالتآمر مع فرنسا وبريطانيا عام 1956 عقب تأميم قناة السويس والثانية فى 5 يونيو 1967 يوم أوقعت بنا هزيمة منكرة رغم العنتريات التى علا بها صوت زعمائنا ومزاعم تفوقنا وغزونا لتل ابيب.

وكان سبب الهزيمة سهولة اجتياح سيناء نتيجة تغافلنا عن تنميتها ومعاملة سكانها ذات المعاملة التى نلقاها فى الوجهين البحرى والقبلى حسنت هذه المعاملة أم ساءت، كانت سيناء فى الحالتين وحتى الآن ارضا خاوية مهملة يعامل سكانها معاملة خاصة غير متساوية مع معاملة المصريين فى وادى النيل.

ولعلنا ورثنا هذا النهج من نظام الاحتلال البريطانى حيث كان الانتقال من وإلى سيناء يحتاج لموافقة المخابرات الانجليزية، وانتقل ذات النظام بعد جلاء الإنجليز بكل سذاجة وقصر نظر إلى المخابرات العسكرية المصرية، وفى السنوات الأخيرة تطور الأمر من الحصول على تصريح إلى التعرض لكمائن عديدة على الطريق وهو ما زال يحدث حتى الآن.

وقد نبه المفكرون والاقتصاديون والاستراتيجيون إلى الأهمية القصوى لتنمية سيناء اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا واعدت لذلك مشروعات ضخمة وطموحة قبرت فى الادراج بقدرة قادر واحيلت ميزانياتها إلى مجالات أخرى بفعل ضغوط اسرائيلية وامريكية مع القيود المهينة التى فرضتها معاهدة السلام على سيادتنا على ارضها.

وإذ كنت انتقد هذا الاهمال غير المبرر والذى يفصح عن لا مبالاة إن لم تكن عن تسطيح فكرى استراتيجى وسياسى واقتصادى واجتماعى لحكامنا منذ جلاء الانجليز عن مصر سنة 1945 وإن أمطرونا بالخطب والشعارات الرنانة عن اهمية هذا الجزء من وطننا العزيز، فالنظرة العلمية تستوجب أن اشير إلى اهمال اقليم أو جزء أو اقليم داخل عدد من الدول أمر متداول ومتكرر لأسباب عديدة ومختلفة بل اننا لاحظناه فى عدم الاهتمام غير المبرر لصعيد مصر وتركيز الاهتمام على الدلتا.

•••

قرأت مقالا فى منتهى الأهمية والخطورة عن تطور العلاقات الاسرائيلية المصرية إلى شراكة استراتيجية نشطة وقوية، كتبه جيوفرى ارونسون المتخصص فى الشئون الاسرائيلية نشر على موقع «Almonitor» بتاريخ 13 سبتمبر 2013 بعد اسابيع من استيلاء الجيش على السلطة حيث اشار إلى اتفاق مصر واسرائيل على شكل جديد للعلاقات بينهما حول سيناء، بعنوان «Israel and Egypt Forge New Ties Over Sainai»، ذكر فيه أن مصر قامت بحملة عسكرية مكثفة منذ نصف قرن نتيجة صراع بين السلطة المصرية وبين الجهاديين الأجانب (هكذا قال) الذين يتحدون السيادة المصرية عليها وقال إن اسرائيل تعتبر شريكا هاما «key partner» فيها حيث نتج عن الاضطرابات فى سيناء بزوغ تعاون أمنى بين الطرفين وهو أمر يهدد الربيع العربى إذ قام بينهما نتيجة إلى هذا التعاون النشط والمكثف بينهما فى سيناء مما اسماه محور القدس ــ القاهرة الذى يقوم على انقاض النظام العربى القديم بما يتناغم ليس فقط مع شروط اتفاقية السلام التى وقعت سنة 1979 بل ايضا تقابلت مع هدف السياسة الامريكية التى عملت منذ جيلين على تحقيق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وخصصت لذلك ميزانية ضخمة لمساعدة الطرفين لأنها أسس استراتيجيتها الاقليمية على التقارب الذى حدث بعد حرب اكتوبر 1973، وهكذا لم تعد الولايات المتحدة مضطرة للعب دور بين الطرفين بل إن هذا التطور قد يرفع عنها عناء مسئوليتها عن الأمن الإقليمى بالمنطقة. وإن كان اوباما قد قال فى سبتمبر 2013 انه لا يعتبر مصر حليفا كما لا يعتبرها عدوا، وأصبحت إسرائيل هى التى تعمل على إقناع واشنطن بقيام هذه الشراكة الاستراتيجية بينها وبين مصر وان غياب القانون عن سيناء والوضع فى غزة قد عززا هذه الشراكة التى تخطت اهداف معاهدة السلام وسمحت بإدخال قوات عسكرية مصرية قوامها 5000 فرد كما سمح لمصر استخدام مطار فى رفح فى الطلعات الاستخبارية كما ان مروحيات الأباتشى تطير فوق سيناء بل تخترق حدود غزة, الأمر الذى اصبح فيه دور ووجود القوات متعددة الجنسيات محل نظر.

•••

وإزاء ما ذهب إليه الكاتب الأمريكى الذى يكتب لمعهد دراسات الشرق الأوسط فى واشنطن، فأجدنى مضطرا لعرض تحليلى للجانب القانونى لمعاهدة السلام التى شابها البطلان ولاغتصاب اسرائيل لأم الرشراش التى اغتصبتها اسرائيل بالمخالفة لاتفاقية الهدنة التى رعاها رالف بانش الأمريكى الجنسية والذى كان يعمل بالأمم المتحدة.

أما ما جاءت به هذه التطورات فإننا ندعو المفكرين العرب إلى بحث مدى صدقية هذا التحليل الأمريكى المذهل وعما اذا كانت مصر ومن ورائها العرب ستقبل اخيرا بشروط اسرائيل فى الحل النهائى بلا قدس ولا حدود ولا عودة ولا جيش ولا اقتصاد مستقل، وهل ضاع دم شهدائنا فى كل البلاد العربية هباء منثورا، وهل تلاشت الهوية العربية، وهل وهن التضامن العربى، وهل تضيع فلسطين والأقصى وتموت العروبة وينتقص من دين الإسلام؟

إبراهيم يسري  محام ومحكم دولي
التعليقات