سياسة فرّق تسُد - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سياسة فرّق تسُد

نشر فى : الجمعة 21 نوفمبر 2014 - 8:30 ص | آخر تحديث : الجمعة 21 نوفمبر 2014 - 8:30 ص

افتتاحية «هاآرتس» الشجار الكبير الذى جرى فى قرية أبوسنان المختلطة، والذى أدى إلى جرح 41 شخصا، مازلنا نبحث عن أسبابه الحقيقية. فهل وقع الشجار بسبب إهانة مواطن درزى لفتاة مسلمة؟ أم أنه كان ردا مزدوجا: درزيا، على مقتل الضابط الدرزى من حرس الحدود جدعان أسعد فى هجوم الدهس فى القدس؛ ومسلما، على مقتل خير الدين حمدان على يد شرطى درزى من حرس الحدود فى قرية كفر كنا؟ أم أنه يتعيّن البحث عن جذور الحادث فى قانون التجنيد الإجبارى العائد إلى سنة 1956 الذى فرض الخدمة العسكرية الإلزامية على الدروز فى إسرائيل، وتسبّب بشرخ عميق فى الانتماء والهوية لدى الطائفتين؟

يمكننا تفسير الشجار بأنه مظهر من مظاهر الخلافات والتصدعات داخل الأقليات التى تعيش فى دولة إسرائيل. وفى نظر العديد من مواطنى إسرائيل، فإن ما جرى مواجهة بين «عرب يعتدون على عرب» ولا علاقة لذلك بالمجتمع الإسرائيلى اليهودى بتاتا، وتتحمل الزعامة الدرزية والمسلمة مسئولية خاصة فى معالجة التفاهم بين الطائفتين.

لكن الدولة مسئولة أيضا عن التوتر، فهى منذ سنوات تثير المشاعر الطائفية وتميز بين «العرب الطيبين» و«العرب الأشرار»، وتصوّر المسيحيين بأنهم أوفياء للدولة، والمسلمين كطابور خامس، والدروز كجزء منها.

إن تصنيف الأقليات وفق «درجة ولائهم» للدولة، وعندما يكون مقياس هذا الولاء هو الخدمة فى الجيش الإسرائيلى، فإن هذا يقوّض أهمية مصطلح المواطنة المتساوية بين الجميع. ويقدّر هذا التصنيف إلى حد كبير حجم الحقوق التى تكون الدولة مستعدة لمنحها لطائفة من الطوائف، الأمر الذى يفاقم التوترات الداخلية بين الطوائف التى «تتمتع بالحقوق» والتى لا حقوق لها. إن استغلال النزاعات الإثنية والدينية بهدف إبعاد أو تقريب الأقليات، كان أسلوبا سائدا فى الدول الاستعمارية التى سعت إلى منع ثورة المدنيين ضد الاحتلال الأجنبى. ويبدو أن إسرائيل تتبنى هذه المقاربة فى نظرتها إلى الدروز والعرب والمسيحيين وأبناء سائر الطوائف، الذين تعتبرهم يشكلون تهديدا، وليسوا مواطنين لهم حقوق شرعية، من دون أن يكون لذلك علاقة بخدمتهم العسكرية فى الجيش، أو بمدى تبنيهم لسياسة الحكومة. إن الأقليات فى إسرائيل لا تشكل كتلة متجانسة، والمواجهات على خلفية شخصية أو محلية أو دينية ليست أمرا مستعبدا. لكن يتعيّن على الدولة أن تبذل كل ما فى وسعها للتخفيف من التوتر وجسر الثغرات بين الأطراف بدلا من إذكاء النيران خدمة لأهداف سياسية على طريقة «فرّق تسُد».

التعليقات