شهر العسل الخليجى - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شهر العسل الخليجى

نشر فى : الجمعة 21 نوفمبر 2014 - 8:30 ص | آخر تحديث : الجمعة 21 نوفمبر 2014 - 8:30 ص

لمدة 255 يوما عاش مجلس التعاون الخليجى واحدة من أعنف أزماته، لم يكن مستبعدا مع هذه الأزمة أن نرى دولة وقد عُزلت خارجه. مائتان وخمسة وخمسون يوما هى العمر الرسمى على الأقل، للخلاف الخليجى الثلاثى مع قطر، وأفرز سحب سفراء الرياض وأبوظبى والمنامة من الدوحة، وتجميدا للعلاقات الثنائية بشكل غير مسبوق، قبل أن تنفرج الغمة وتنقشع الأزمة، ويعلن رسميا من الرياض عن نهاية الخلاف، وعودة قطر لحضنها الخليجى الذى غردت عنه بعيدا.

من رصد الأزمة الخليجية القطرية منذ بدايتها، كان يرى بوضوح الرغبة القطرية الجامحة فى إنهاء هذا الخلاف بأى صورة كانت. الاعتراف بكثير من التحفظات التى أبدتها الدول الثلاث وعدم المكابرة. التوقيع على اتفاق الرياض الذى يمنع تدخل أى دولة خليجية فى شئون دولة أخرى. زيارات رسمية على مستوى عال لا تنتهى. رسائل دبلوماسية فى كل الاتجاهات.

فعلا لم تتوقف الدوحة يوما عن طرق كل الأبواب، وهو ما أحرج الدول الثلاث، التى ترى أنها تريد أفعالا وليس أقوالا. كانت الرغبة القطرية جامحة فى إصلاح ما انكسر، وفى نفس الوقت كانت هناك مشكلة عدم قدرة الجانب القطرى انتزاع ثقة الدول الثلاث وإقناعها بأنه جاد وقادر على إغلاق نوافذ الشر أساس المشكلة. ومع كثير من المحاولات القطرية لردم الهوة، وشد وجذب حول ضمان عدم تكرار أى من تجاوزات الماضى، كان لا بد من حكمة تأخذ بيد هذا المجلس من أخطر أزماته، وقد كان لها خادم الحرمين الشريفين، الذى - وللتاريخ - لم يتعامل مع الأزمة فقط لأنه ملك للسعودية، ولكنه تعامل معها أولا وأخيرا باعتباره كبير البيت الخليجى. يقول لى وزير خليجى، تعليقا على المصالحة: «الملك عبدالله هو رب العائلة الخليجية، لا نشك فى حكمته، ونؤمن أنه يأخذ فى الاعتبار مصلحة الجميع، وليس مصلحة بلاده فقط». يبقى السؤال: هل انتهت الأزمة؟ وهل سيعود الخليجيون للغناء كما كانوا بكل براءة: «خليجنا واحد؟».

من السابق لأوانه اعتبار الأزمة طويت بالكامل، ولنعترف بأن هناك جذورا للمشكلة حُلَّ بعض منها، والبعض الآخر معلقا، وجزء ثالث لا يزال غامضا، ربما الأشهر القادمة تكون كفيلة باختبار حسن النيات لتغليب المصالح العامة، وليس المصالح الضيقة لدوله، مع عدم إغفال أن الأزمة العنيفة هذه أفرزت أيضا ردود فعل شرسة فاقت المتعارف عليه عند الخلاف بين الخليجيين، عندما فجر من هم محسوبون على بعض الأطراف فى الخصومة، وما زالوا، ضد دولة ما أو شخصيات بعينها، وهذا بالتأكيد لن تغفره تلك الأطراف مهما مدت يدها لأشقائها. فرق كبير بين أن تختلف معى وتسجل موقفك بنقد موضوعى، وبين أن تشتمنى بأبشع الأوصاف أو تطعننى. صحيح أن الخليجيين يتجاوزون الخلافات السياسية، ولديهم من البراغماتية الشيء الكثير، لكنهم لا ينسون الاختلافات الشخصية، وما يصاحبها من تعريض وشتائم. سيعيش مجلس التعاون الخليجى فى شهر عسل حتى انعقاد القمة الخليجية المقبلة فى الدوحة فى ديسمبر المقبل، والتى كانت مهددة بعدم الانعقاد لأول مرة منذ تأسيس المجلس عام 1981. من يدرى قد يستمر شهر العسل وقطر تترأس هذه القمة طوال العام المقبل، وتستضيف اجتماعات اللجان الوزارية الخليجية، وشهر العسل هذا كاف لأن نستطيع القول إن الخلاف الخليجى كان سحابة صيف مرت وانتهت إلى غير رجعة، أم أن السماء لا تزال ملبدة بالغيوم؟

الخطير لو عادت الأزمة وانفتح الجرح مجددا ــ لا سمح
الله ــ ، الأكيد أنها ستعود بأشد وأخطر وأعقد مما كانت، وستفرز قرارات لا أحد قادر على استيعاب تأثيراتها.

دعواتكم لأن يستمر شهر العسل ولا ينتهى أبدا، حتى لو كانت الأمنيات تحتاج أن تصاحبها أفعال أيضا.

التعليقات