استصراخ حب العدل وحب الحياة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استصراخ حب العدل وحب الحياة

نشر فى : السبت 21 ديسمبر 2013 - 8:55 ص | آخر تحديث : السبت 21 ديسمبر 2013 - 9:06 ص

حسنا، أخاطبكم جميعا مجددا، مستصرخا حب مصر وحب العدل والعيش المشترك على أرضها وحب رحابة الحياة الذى ضخه إلى قلوبنا وضمائرنا النيل العظيم، مستصرخا رفض العنف ورفض الانزلاق إلى دوائره اللعينة ورفض تهديد كيان الوطن ورفض الاعتداء على كرامة الإنسان، مستصرخا الأمل فى دولة قوية وعادلة ومجتمع يضمن الحقوق والحريات وجموع مواطنات ومواطنين يبحثون عن المشاركة الإيجابية فى الشأن العام، ويرفضون نفى وإقصاء واستبعاد الآخر.

أخاطبكم جميعا أن السياسة الرسمية فى مصر تعود لتصبح ذات البيئة الطاردة والمنفرة للمواطن والمشيدة للجدران العازلة بينه وبين الفاعلين المشاركين بها، أن مصداقيتها تهاوت على وقع الإخفاق إن فى تحسين الظروف المعيشية للناس أو التعامل مع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وعلى وقع تراكم انتهاكات حقوق الإنسان وتواتر العنف.

•••

أخاطب جماعة الإخوان ومؤيديها ومن هم على هوامشها أن التورط فى الممارسات العنيفة تجاه مؤسسات الدولة والمجتمع كارثى شأنه شأن الصمت عن الإدانة القاطعة للعنف ولتوحش دوائره، أن الانزلاق إلى العنف أو إلى تبرير العنف ضد المؤسسة العسكرية أو ضد الأجهزة الأمنية أو غيرها من المؤسسات والمنشآت العامة هو عنوان حرب خاسرة تهدد كيان الوطن ولن تقبلها أبدا وبغض النظر عن القناعات السياسية أغلبية المصريات والمصريين ولا يمكن إلا أن تدان وتنبذ بالكامل، أن تبنى موقف الرفض للترتيبات القائمة بعد ٣ يوليو ٢٠١٣ لا يبرر ولا يشرعن أبدا العنف لا فى الجامعات المصرية ولا خارجها لا فى المساحات العامة أو بعيدا عنها لا فى المنصورة التى قتل بها بوحشية سائق سيارة أجرة على هامش مسيرة إخوانية ولا فى مناطق أخرى، أن عودة القمع الرسمى وانتهاكات حقوق الإنسان والانتقاص من الحريات وتغول الأمن على استقلال الجامعات هى جميعا ظواهر ظالمة ومرفوضة وينبغى مواجهتها إلا أنها وحين تتجه إلى الإخوان أو إلى غيرهم تفيد من التورط والانزلاق إلى العنف ضد مؤسسات الدولة وإلى العنف الأهلى ضد الناس والمجتمع.

أخاطب مؤيدى القمع الرسمى والممارسات الأمنية أنكم لن تستطيعوا لتبرير انتهاكات الحقوق والحريات سبيلا، لا بالاتهامات الزائفة والجزافية ولا بترويج الإفك وتشويه المعارضين، أن مآل الدولة والمجتمع إن لم تتوقف هذه الانتهاكات هو إلى تواريخ مظلومية جديدة وانتشار للنوازع الانتقامية وإعادة إنتاج لفولكلور التشفى الشعبى والشخصى وفى أطر متنوعة، أن الاستنزاف المستمر للمدافعين عن الحقوق والحريات عبر التعقب والتقييد وترويج الإفك والتشويه لن يقضى على خطابهم أو مقولاتهم، أن الألم الذى يشعر به البعض وأنا منهم من جراء تشويهنا يوميا بأكاذيب الأبواق الإعلامية المؤيدة للقمع وللممارسات الأمنية لن يميتنا ولن يجهز على عدالة مبادئنا وقضايانا، كما لن يجهز عليها شيوع الصمت والإيغال فى التجاهل من قبل هيئات وأشخاص كنا نعتقد أنهم سيتصدرون الدفاع عن الحقوق والحريات والتضامن مع ضحايا الإجراءات الاستثنائية ومع النشطاء كعلاء عبدالفتاح وأحمد ماهر وأحمد دومة وغيرهم ممن سيظلون غير معلومين للرأى العام.

•••

أخاطبكم جميعا أن تثقوا أن التغيير السياسى والاقتصادى والاجتماعى وفى ترابطات الدولة والمجتمع والمواطن الذى خرجت من أجل المطالبة به جموع المصريات والمصريين خلال السنوات الماضية وحملته الإرادة الشعبية قبل يناير ٢٠١١ وبعده ستتواصل عملياته ولن تنجح قوى السكون والجمود فى فرض أى من الخطيئتين على مصر مجددا، أن شروط النجاح فى إدارة عمليات التغيير هذه كثيرة ومركبة وليست مأمونة العواقب كما تدلل خبرات عالمية متنوعة سقطت بها دول ومجتمعات إلى هاوية اللامحكومية والعنف وانهيار العيش المشترك والتفتت، أن فرصتنا الوحيدة فى مصر للإدارة الناجحة للتغيير هى عبر البناء الديمقراطى الذى يضمن الحقوق والحريات ويمكن المواطن من التفاوض مع الدولة والمجتمع من البحث الجاد عن حياة وعيش مشترك فى إطار التعددية وقبول الآخر، أن فرصتنا الوحيدة هى عبر الابتعاد عن الظلم والعقاب الجماعى والعنف والعنف المضاد وتواريخ المظلومية والتشفى الشعبى والشخصى التى تسلبنا طاقاتنا الإيجابية وتقضى على إنسانيتنا، أن فرصتنا الوحيدة هى عبر استعادة العدالة للدولة والسلمية للمجتمع والأمل للمواطن.

أخاطبكم جميعا مستصرخا الفعل الرشيد ومن قبله حب العدل وحب الحياة.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات