ترامب وقضية تسعير الدواء - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:33 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ترامب وقضية تسعير الدواء

نشر فى : الأحد 22 يناير 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الأحد 22 يناير 2017 - 9:35 م
نشر معهد المشروع الأمريكى American Enterprise Institute مقالًا لـ«روجر بات» ــ المتخصص بالسياسة الصحية ــ يتعلق بالشأن الدولى، حول قضية الأدوية بالولايات المتحدة الأمريكية وأسعارها المرتفعة بشكل مفرط، وأسباب ذلك الارتفاع وسبل معالجته وموقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته الجديدة من ذلك.

يستهل «بات» مقاله بما أثير من نقاشات خلال الأيام والشهور الماضية والمتعلق حول أسعار الأدوية المرتفعة بشكل كبير بالولايات المتحدة والتى يتكبد تكلفتها الباهظة المرضى الأمريكيون، بالإضافة إلى ما يجب فعله لتخفيض هذه الأسعار غير المحتملة بالنسبة لعدد كبير من المواطنين الأمريكيين.

كان الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد تقدم بشكوى ضد الحكومة الأمريكية فيما يتعلق بأدائها الضعيف فى التفاوض من أجل إيجاد أسعار مخفضة للأدوية أو البحث عن عروض وصفقات أفضل. وكالعديد من شكاوى واتهامات ترامب فقد أتت هذه الشكوى تحتوى على بعض الحقيقة ولكن لا تستند إلى أى تحليل قوى أو جاد.

يحاول بات أن يتحقق فى مقاله من صحة ما يثيره ترامب وما إذا كان محقا فى هذه الادعاءات التى يطلقها. كما يحاول تقديم حلول لما يمكن القيام به ــ ولو بشكل جزئى ــ حتى يمكن تخفيض أسعار العقاقير والأدوية.

***

يدفع الأمريكيون الكثير من الأموال من أجل شراء الأدوية، فى حين أن البلدان التى تقوم بتقديم الأدوية بسعر مخفض لمواطنيها ترى أن ما يحدث بالولايات المتحدة يدل على أن سوق الأسعار بها يعكس متطلبات العرض والطلب، وإن كان ذلك يعد ــ وفقًا للكاتب ــ تفسيرًا مبسطًا لما يحدث قبل التطرق إلى التفاصيل. لكن لابد من الإشارة إلى أن أسعار الأدوية مرتفعة بالولايات المتحدة بشكل مبالغ فيه؛ أى أكثر مما يجب أن تكون عليه فى أى مكان آخر، فضلًا عن قيام منتجى الأدوية بربط أسعارهم وفقًا للثروة التى يمتلكها المرضى (إضافة إلى مرتكزات أخرى)، وذلك بالطبع غير عادل بل ويزيد من تفاقم الأزمة، لهذا يجد المواطن الأمريكى نفسه يدفع مقابل ما يحتاجه من أدوية أكثر مما يمكن أن يدفعه ــ على سبيل المثال ــ نظيره الأفريقى. لكن الحال ليس كذلك فى العديد من الدول الأوروبية؛ فمثلًا يدفع المواطنون الألمانيون والكنديون والبريطانيون تكلفة أقل بكثير من تلك التى يدفعها الأمريكيون مقابل شراء الدواء؛ مع العلم بأن بلدان الاتحاد الأوروبى ليس لديها ما يدفعها لرفع أسعار الأدوية.

أما فيما يتعلق بما تدفعه الولايات المتحدة من أجل الأمن والناتو (منظمة حلف شمال الأطلسى)؛ فإن دول الاتحاد الأوروبى تستفيد منه إلى حد كبير، وذلك من الأمور التى أشار إليها ترامب وكان محقًا فيها. لهذا يأتى تهديد الولايات المتحدة بوقف ما تدفعه إلى الناتو أو حتى الانسحاب منه بشكل كامل، وذلك بالطبع من الممكن أن يؤدى إلى زيادة المدفوعات على دول الاتحاد الأوروبى. مثل هذه الأشياء تؤثر على صناعة الأدوية، ومن جهة أخرى فإن الأمريكيين سيخسرون الكثير إذا لم تجد شركات فارما (إحدى الشركات المنتجة للأدوية) سوى الدعم القليل من أجل تطوير منتجاتها.

***

يتطرق الكاتب بعد ذلك إلى الطريقة الشائعة المتبعة فى تقليل أسعار العقاقير والأدوية والتى تتلخص فى زيادة الواردات الأمريكية من الأدوية من الهند والصين؛ حيث التكلفة المنخفضة والعديد من منتجى الأدوية ذوى الجنسيات المختلفة. وتظهر هنا مشكلتان أساسيتان؛ الأولى تتلخص فى أن هذه الأدوية لن تكون فعًّالة كمثيلتها الأمريكية الصنع، فضلًا عن أن أفضل الشركات التى تمتلك المواد الطبية الموافق عليها من قبل إدارة الأغذية والعقاقير تستطيع توفير الأدوية بجودة جيدة ولكنها لا تقوم بذلك. وتتمحور المشكلة الثانية حول إدارة ترامب والتى تسعى لإنتاج الأدوية داخل الولايات المتحدة والتقليل من الاستيراد، وببساطة فإن التفاوض حول أسعار منخفضة من خلال الوصول إلى أفضل العروض سوف يزيد من فرص التصدير.

هناك حل آخر يمكن من خلاله تقليل أسعار الأدوية ــ من أجل ملايين الأمريكيين، ومن أجل بيع المنتجات الأمريكية المُصنعة محليًا، حتى وإن كان بشكل محدود ــ يتلخص فى إعادة استيراد الأدوية ذات الاستخدام الشخصى من خلال الصيدليات الإلكترونية المعتمدة.

على منحى آخر يشير عدد من التقديرات الإحصائية إلى أن 48 مليون أمريكى لا يمكنهم تحمل نفقة الروشتات الطبية التى توصف لهم، كما أن ملايين الأمريكيين باتوا غير قادرين على شراء الأدوية التى يفضلونها ــ الأمريكية الصنع، ومن ثم يتم إجبارهم على شراء أدوية ذات جودة وسعر أقل كالمصنوعة بالهند على سبيل المثال. نتيجة لذلك فقد ظهرت زيادة ملحوظة فى أعداد الأمريكيين الذين يقومون بشراء الأدوية الأمريكية من الخارج وبشكل أساسى من الصيدليات الكندية. لكن إذا تمكنت إحدى الشركات الأمريكية من تحقيق ربح من خلال تخفيض أسعار هذه الأدوية بكندا فسيحققون عائدًا كبيرًا، وذلك إذا استمر الأمريكيون فى شرائها وخاصة إذا كان البديل لهذه الأدوية من شركات أخرى أجنبية وليست أمريكية.

***

ينتقل الكاتب بعد ذلك ليشير إلى وجود دعم بمجلس الشيوخ من قبل الحزبين الكبيرين الجمهورى والديمقراطى وذلك من أجل تشجيع إعادة الاستيراد مرة أخرى. فقد قام ــ على سبيل المثال ــ عضوا مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطى كولبوهار وساندرز بتقديم مشروع قانون لمناقشة ذلك الأمر ولكن تم رفضه بفارق طفيف من قبل 54 مقابل 46 عضوا، إضافة إلى ذلك فقد قام أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بقيادة جون ماكين بدعم ذلك النهج أيضا. فى السياق ذاته عارضت شركات فارما ما يجرى لأنها تمتلك صيدليات محلية، فى حين أن هذه الصيدليات الموجودة بالداخل الأمريكى بالفعل تفقد الكثير من خلال المبيعات الخارجية، لكن رغم ذلك يمكن لشركات فارما تحقيق بعض المكاسب، ولكنها تعارض حتى الآن خاصة وأنها لا تريد أى استيراد. ولكن إذا قام ترامب بدفع البيت الأبيض لمثل ذلك النهج، فمن الممكن أن تُغيِّر رؤيتها وأن تكون أكثر تأييدًا لذلك، وكذلك الأمر بالنسبة للجمهوريين بمجلس الشيوخ والنواب.

يختتم بات بأنه حتى فى حالة السماح ــ ولو بشكل تدريجى ــ بإعادة استيراد الأدوية للاستخدام الشخصى لن تحل مشاكل تسعير الأدوية ولكنها ستساعد المرضى الفقراء فى الحصول على الدواء بمقابل رمزى وربما تساهم فى رفع المبيعات ومن ثم توفير مزيد من الوظائف للمنتجات الأمريكية الصنع، وذلك من الممكن أن يقود إدارة ترامب الجديدة إلى كسب الدعم فى وقت مبكر من توليه.

النص الأصلى:
التعليقات