عن ما يفعله ترامب - صحافة عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن ما يفعله ترامب

نشر فى : الأربعاء 22 فبراير 2017 - 9:25 م | آخر تحديث : الخميس 23 فبراير 2017 - 9:38 ص

نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالا لـ«ديفيد فريدمان» ــ المتخصص بالشئون الخارجية ــ حول ترامب وما يفعله من ممارسات تثير الذعر والقلق للعالم أجمع وللمجتمع الأمريكى على وجه التحديد، وبخاصة فيما يتعلق بسلوكه تجاه الدولة الروسية، وذلك عقب توليه رئاسة الولايات المتحدة.

يستهل «فريدمان» المقال بما حدث مع مستشار الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» للأمن القومى مايك فلين، والذى تسبب بالإطاحة به من منصبه وذلك عقب أقل من شهر من توليه بالإدارة الجديدة لترامب. الأمر ليس فقط لقيامه بالتضليل والتورط بسلوك مشين مع روسيا، وذلك حينما تم تسريب مكالمة له أجراها مع سفير روسيا لدى واشنطن «سيرجى كيسلياك» حين أوصاه فيها بعدم اتخاذ موسكو رد فعل على عقوبات فرضها أوباما، على اعتبار أنه راحل عن البيت الأبيض، وأن ترامب سيقوم بإلغائها. لكن الأمر الأكثر أهمية يتعلق بأنه أخيرا ستتمكن الحكومة الأمريكية والكونجرس ووسائل الإعلام من المطالبة بالكشف والتحقيق عن أحد أهم شئون الأمن القومى الأمريكى الآن والمتعلقة بما يجرى بين دونالد ترامب والروس.

خلال كل حادث يطرأ على المشهد الأمريكى يصاحبه عدد من تغريدات وتصريحات لترامب سواء وقت حملته لخوض الانتخابات الرئاسية أو خلال الأيام الأولى لفترة رئاسته، كل الأمور كانت مألوفة بشكل ما ــ وفقا لشخصية ترامب ــ إلا أن الأمر كان يشوبه الكثير من الغموض والريبة حينما يتعلق بروسيا.

يضيف الكاتب بأنه لا يعلم سبب هذه المعاملة من ترامب لروسيا، هل مثلا يقومون بدعمه بالأموال أم أنهم يتجسسون عليه وبخاصة فى أمور تتعلق بسلوكه خلال رحلاته بموسكو. ما يثير الدهشة سلوك ترامب المهاجم تجاه حلفاء كأستراليا، والتهديدات التى يوجهها لمنافسين مثل الصين والتصريحات المهاجمة لأعداء مثل إيران وكوريا الشمالية والمكسيك، فى حين تأتى معاملته الجيدة على نحو مبالغ فيه إلى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فرغم أنه يبرر تحسين العلاقات مع موسكو على أنها من أجل القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» إلا أن ما يحدث لا يمكن تبريره على ذلك النحو فقط. فما حدث مع فلين يعطى الحكومة الفرصة من أجل المطالبة بإجابة لذلك التقرب، وليس ذلك فقط بل عدد من الاستفسارات الأخرى وصولا للمطالبة بالاطلاع على الإقرارات الضريبية للرئيس الأمريكى الجديد.

•••

إن الأمريكيين بحاجة لمعرفة من الذى يدين له ترامب ومن ثم يسيطر عليه ويجعله يتصرف هكذا، وذلك أمر عاجل لابد من معرفته وتفسيره الآن. من جهة أخرى فباستثناء عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين أمثال جون ماكين وليندسى جراهام فإن بقية أعضاء الحزب الجمهورى باتوا فى نظر الكثير من الأمريكيين متواطئين بالأعمال المشينة المتعلقة بالسكوت تجاه سلوك ترامب المثير للدهشة والذى يصعب تفسيره إلى الآن إزاء روسيا. وإذا كان الجمهوريون يريدون معرفة ما يجب عليهم فعله فى أمور كهذه، فعليهم توجيه سؤال لأنفسهم: ماذا كانوا سيفعلون فى حال فوز الديمقراطية هيلارى كلينتون بسباق الرئاسة الأمريكى وانتهاجها مثل هذه السلوكيات تجاه روسيا، كما يفعل ترامب الآن وكان قد تم العثور على مستشارها للأمن القومى بمكالمة ملتبسة مع روسيا كالتى حدثت مع مايك فلين والسفير الروسى بواشنطن؟.

فى السياق ذاته يقول رئيس مجلس النواب بول ريان ورئيس الأغلبية ميتش مكونيل بأنه إذا كان قد ثبت ــ من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالى ووكالة الأمن القومى ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيين ــ أن الروس قد تدخلوا من أجل مساعدة كلينتون للانتخابات فربما كانت الحكومة قد تم حلها وتمت المطالبة بإجراء انتخابات جديدة. فهل الآن عقب نجاح ترامب أصبح كل شىء على ما يرام؟ وهل أصبح الجميع بخير مع كل ما يجرى؟

•••

يقول «فريدمان» أن الأمريكيين قد عصفت بهم أزمات كثيرة، إلا أن ما يحدث منذ تولى ترامب يعد مؤثرا على نحو مفجع للغاية، وبخاصة مع تأكيد المجتمع المخابراتى الأمريكى بأن روسيا قد اخترقت الانتخابات الأمريكية لتقويض حملة المرشحة الديمقراطية كلينتون. ولكن ما يثير الغضب أن إزاء هذه الصفعة من موسكو لم تفعل واشنطن أى شىء بل مضت فى طريقها وكأن شيئا لم يكن.

ذلك لا يعنى على الإطلاق التلميح إلى أن ترامب ليس الرئيس الشرعى، بل أنه قد فاز ولعدة أسباب، لكن الأهم أنه لا يتصرف كشخص واحد، بل دوما ما يقدم نفسه بأنه السيد الوطنى ــ المحب لبلاده ــ الملفوف بالعلم الأمريكى. الآن يجده الجميع يستخدم حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» والذى خلاله يبث تغريدات مهاجمة لجهات عديدة؛ كقيامه بمهاجمة شركة صناعة السيارات المعروفة «بى إم دبليو» من أجل قيامها ببناء مصنع لصناعة السيارات بالمكسيك، فى حين أن ذلك السيد الذى يحب وطنه –كما يزعم ــ لم يتفوه بكلمة إزاء الرئيس لروسى الذى قد تدخل فى العملية الديمقراطية الأمريكية.

على الصعيد ذاته يقول نادر موسافيزاديه ــ أحد كبار مستشارى الأمين العام للأمم المتحدة كوفى عنان ــ بأن روسيا لم تخترق فقط بعض رسائل البريد الإلكترونى أو تقتحم عددا من البنوك الأمريكية، بل أنها وصلت إلى تهديد أهم ما يميز الولايات المتحدة ويجعلها أمريكا التى يعرفها الجميع، حيث مساسها بمبدأ سيادة القانون والعملية الديمقراطية التى من خلالها يتم اختيار وتغيير القادة.

إجمالا فإن ترامب وكبار مساعديه خلال الأسابيع الأولى من توليهم السلطة لم يعنيهم إطلاقا ما تفعله روسيا من اختراق للمجتمع الأمريكى وخلافا لذلك قاموا بشن الهجوم على المهاجرين المسلمين وضرورة التحذير مما يمكن أن يقوموا به وبخاصة الذين لم يتم فحصهم بدقة من قبل سلطات المخابرات والهجرة الأمريكية. لكن لابد من الإشارة إلى أن تصرف الباقين على ذلك النحو سوف لن يؤدى بهم إلا إلى الدولة التى يستحقونها ووقتها لن تكون الدولة الأمريكية العظيمة التى يعرفها الجميع.

•••

يختتم الكاتب بالإشارة إلى أن حديثه ذلك لا يهدف به الانخراط فى حرب ضد روسيا، بل لا يعنيه من الأساس بوتين ولا يعطيه الأهمية، فنظامه سوف يسقط عاجلا أم آجلا وذلك لأنه دوما ما يبحث عن الكرامة فى جميع الأمور والأماكن الخاطئة من خلال التنقيب عن النفط والغاز بدلا من إطلاق العنان لشعبه لإخراج طاقاتهم والاستفادة منها. إن الأمر أكبر من تسويته بطرد العدد غير القليل من العملاء الروس بأمريكا ومن ثم غلق الأمر والمضى قدما وكأن الأمر لم يحدث، فالمجتمع الأمريكى ككل بحاجة لمعرفة الحقيقة وذلك لن يحدث إلا بالبحث المباشر عن أسباب ما حدث ومن ثم التصرف على النحو الملائم لما تم الوصول إليه.

النص الأصلى

التعليقات