على إفريقيا الاستثمار فى معاهدة «أعالى البحار» الجديدة - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 12:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على إفريقيا الاستثمار فى معاهدة «أعالى البحار» الجديدة

نشر فى : الجمعة 22 فبراير 2019 - 11:40 م | آخر تحديث : الجمعة 22 فبراير 2019 - 11:40 م

نشرت مؤسسة Institute for Security Studies مقالا للباحث Agnes Ebo’o يتناول فيه قضية الجريمة المنظمة العابرة للحدود التى ترتكب فى منطقة أعالى البحار، والمفاوضات بشأن اعتماد معاهدة لوقف تلك الجريمة، ودور الدول الإفريقية فى تلك المعاهدة.
إن أكبر مسرح للجريمة فى العالم ليس فى بلد أو منطقة محددة. يمكننا القول إنه موجود فى المنطقة المعروفة باسم «أعالى البحار» ــ وهى تلك الأجزاء من المحيطات التى تقع خارج نطاق الولاية الوطنية للدول الساحلية. حيث محدودية الحوكمة والتنظيم، نظرا لمبدأ حرية البحار. ونتيجة لذلك، تحدث أضرار جسيمة بسبب الصيد الجائر بشباك الجر فى قاع البحار العميقة وتدمر التنوع البيولوجى البحرى الفريد. وتعريض أنواع من الأسماك مثل التونة للصيد الجائر بشكل كبير.
وقد نُسبت العديد من هذه الجرائم والأنشطة إلى جماعات جريمة منظمة تعمل فى البحر، لكن يمكننا القول إنه حتى مستخدمو البحر «القانونيين» الذين ينفذون مخططات غير مشروعة مسئولون أيضا عن ذلك. وفى عام 2012، أشارت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى وجود «روابط محتملة بين الجريمة المنظمة العابرة للحدود... ومصائد الأسماك فى مناطق معينة من العالم».
وفى دراسة أعدها مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة بشأن الجريمة المنظمة العابرة للحدود فى قطاع مصائد الأسماك، حدد كلا من الصيد غير المشروع والصيد الجائر، وإلقاء النفايات السامة والتلوث الناجم عن السفن باعتبارها أنشطة إجرامية شائعة تنفذها شبكات فى أعالى البحار. وتسمى أيضا بجريمة مصائد الأسماك العابرة للحدود الوطنية، أو الجريمة البيئية العابرة للحدود الوطنية.
***
فى سبتمبر 2018، بدأت الأمم المتحدة مناقشات رسمية حول إبرام معاهدة للحفاظ على التنوع البيولوجى البحرى فى أعالى البحار. وهذه المحادثات هى تطور مرحب به من جميع الأطراف. ومن المتوقع أن تستغرق هذه العملية التاريخية التى طال انتظارها، عامين من المفاوضات قبل اعتماد المعاهدة فى عام 2020. وقد أطلق عليها بالفعل «اتفاقية باريس للمحيط»، وستكون أول اتفاقية دولية ملزمة قانونا، وأداة لحماية الحياة البحرية فى المياه الدولية.
سوف تغطى المعاهدة منطقتين بحريتين ــ أعالى البحار والمنطقة ــ على النحو المحدد فى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وتشمل منطقة أعالى البحار «جميع أجزاء البحر غير المدرجة فى المنطقة الاقتصادية الخالصة، أو فى البحر الإقليمى أو فى المياه الداخلية لدولة ما، أو فى المياه الأرخبيلية لدولة أرخبيلية». أى أنها تشير إلى «قاع البحار والمحيطات وباطن الأرض، خارج حدود الولاية الوطنية».
وحتى الآن، بموجب الاتفاقية، «جميع الدول، سواء كانت ساحلية أو غير ساحلية، تمتلك حرية الملاحة، التحليق، وحرية وضع الكابلات وخطوط الأنابيب المغمورة، لبناء الجزر الاصطناعية وغيرها من المنشآت المسموح بها بموجب القانون الدولى، وحرية الصيد، وحرية البحث العلمى». وينظر إلى الموارد فى المنطقة على أنها التراث المشترك للبشرية.
كانت هذه المنطقة رمادية فى القانون الدولى، تاركة أعالى البحار مفتوحة للمجرمين. وإحدى النقاط المهمة فى المعاهدة الجديدة هى تحديد أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والتى ترتكب فى البحر من قبل مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة. ويشمل ذلك التلوث الناتج عن مثل تفريغ النفط بصورة غير قانونية ومتعمدة فى المحيطات، وجرائم مصائد الأسماك.
وغالبا ما تتداخل هذه الأخيرة مع الأشكال الأخرى للجريمة المنظمة، مثل تهريب المخدرات والاتجار بالبشر. وقد منعت الثغرات القانونية حتى الآن مقاضاة أولئك الذين يرتكبون هذه الجرائم. وتعتبر معاهدة أعالى البحار الجديدة فرصة لعلاج كل ذلك.

***
ومن الجدير بالذكر أن المعاهدة المستقبلية لن تستبدل أو تحل محل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار أو غيرها من الصكوك القانونية ذات الصلة. وستسمى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار وستغطى حفظ الموارد البحرية واستخدامها المستدام فى المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية.
ويدافع دانيال بولى، عالم الأحياء البحرية الشهير والأستاذ بجامعة كولومبيا البريطانية، عن فرض حظر كامل على الصيد فى أعالى البحار، قائلا إن جميع الأنواع المأخوذة من أعالى البحار مثل التونة، يمكن أن تظل قاصرة على الصعيد الوطنى. حيث المياه الساحلية الخاضعة للرقابة.
بالنسبة إلى الدول الأعضاء فى الاتحاد الأفريقى والبالغ عددها 55 دولة، والتى تضم 38 دولة ساحلية، فإن وضع قوانين أفضل فى أعالى البحار سيمكنهم من تحسين إدارة الموارد البحرية للقارة. وستضمن المعاهدة مشاركة جميع الدول، بما فيها الدول غير الساحلية، بشكل أكثر مساواة فى الاقتصاد البحرى العالمى.
ويمكن لإفريقيا أن تستفيد بشكل كبير من المعاهدة، وتشارك البلدان الإفريقية بشكل مشترك فى المفاوضات تحت راية مجموعة الـ77 والصين. قبل انعقاد المؤتمر الأول فى سبتمبر 2018، حيث كانت مصر ممثلة فى المجموعة كرئيس مناوب، تم تحديد الأمور المتعلقة بإفريقيا خلال الدورات التحضيرية. وتم الاحتفاظ بمعظمها كموضوعات تركيز لدورة المؤتمرات التى تستغرق عامين. وتشمل الموارد الجينية وتقييمات الأثر البيئى وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا البحرية.
وينبغى أن يساعد التنظيم الأفضل لمنطقة أعالى البحار فى وقف الاستغلال غير المشروع للمحيطات وقاع البحر. وبالنسبة للدول الإفريقية، يعنى ذلك المشاركة فى الاقتصاد البحرى الدولى والاستفادة منه. ولتحقيق ذلك ستحتاج الحكومات الإفريقية إلى توضيح مواقفها وأولوياتها بوضوح، والقيام بدور استباقى فى مفاوضات المعاهدة.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى

التعليقات