أمين الشرطة وبائع الشاى.. وصورة الشرطة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أمين الشرطة وبائع الشاى.. وصورة الشرطة

نشر فى : الجمعة 22 أبريل 2016 - 9:45 م | آخر تحديث : الجمعة 22 أبريل 2016 - 9:45 م
إطلاق أمين شرطة النار على مواطن غلبان صاحب «نصبة شاى»، وقتله بصورة بشعة صباح يوم الثلاثاء الماضى لانه طالبه بثمن المشروب، لن يكون الأخير.

وحتى لا نكرر الكلام فعلينا أن نعرف أصل العلة والمرض ليكون العلاج مجديا.

تصر وزارة الداخلية طوال الوقت على أن مثل هذه الحوادث فردية. وهى محقة تماما لغويا، لأن كل حادث فردى، والمؤكد أن وزير الداخلية أو كبار قيادات الوزارة لا يتصلون صباحا أو مساء بأمناء الشرطة كى يطلبوا منهم قتل المواطنين!!!. لكن هناك المناخ أو البيئة العامة التى تجعل مثل هذه الحوادث قليلة جدا أو كثيرة جدا.

المؤكد أيضا أن هناك رجال شرطة مختلون فى كل العالم ويرتكبون جرائم دموية، لكن السؤال الصحيح هو: ما هى نسبة هذا الجرائم: هل هى فردية وقليلة فعلا، أم أنها مرتفعة وتقترب من الظاهرة، وما الذى يجعلها تتكرر، والأهم لماذا تضعف ثقة الناس فى الشرطة؟!.

عندما يرتكب ضابط أو أمين أو جندى شرطة أى جريمة فى أى بلد فى العلم ــ باستثناء البلدان الديكتاتورية ــ فإنه يتم محاسبته بشدة شأنه شأن أى مواطن آخر، ويتم توقيع العقوبات المناسبة بشأنه، وبالتالى لا تتحدث وسائل اعلام هذه البلدان بتوسع عن هذه الحوادث.

المشكلة فى مصر أن بعض رجال الشرطة لديهم يقين ثابت لا يتزعزع بأنه لن يتم إدانتهم بجدية مهما كان حجم جرائمهم. تقول وزارة الداخلية طوال الوقت إن هذا غير صحيح، وأنها غير مسئولة عن تصرفات قلة داخلها، وعندما يخطئون ويخالفون القانون يتم التعامل معهم شأنهم شأن أى مواطن آخر. لكن لدى المواطنين يقين جازم بأن رجال الشرطة «على رأسهم ريشة» وذلك هو ما يعطيهم الشعور بأنهم فوق القانون.

الرئيس عبدالفتاح السيسى وحينما التقى مع وزير الداخلية وكبار مساعديه ظهر يوم الأربعاء الماضى حذر من محاولات الوقيعة بين المواطنين وأجهزة الدولة، وهو أمر موجود فعلا عند بعض القوى المتطرفة، لكن السؤال الملح هو: ولماذا تقوم بعض هذه المؤسسات بتجاوزات تعطى هذه الاطراف الفرصة لتنفيذ هذه الوقيعة؟!.

خلال اللقاء، قال الرئيس إن الدولة لا تنسى إطلاقا تضحيات الشرطة ضد الإرهاب، وهو قول لا يختلف عليه اثنان، ويجب أن نحيى الشرطة ونشكرها فى كل وقت على هذه التضحيات بالمشاركة مع القوات المسلحة، لكن فى الوقت نفسه علينا أن نكون متأكدين بأن التجاوزات المتوالية من بعض أفراد الشرطة ــ حتى لو كانوا قلة، وحتى لو كانت حوادث فردية ــ فهى تسىء إلى الشرطة والحكومة والرئاسة وتجعل كثيرين ينسون التضحيات ويركزون فقط على السلبيات، وهو المعنى الذى ألمح اليه وزير الداخلية اللواء مجدى عبدالغفار فى كلمته خلال الاحتفال بذكرى تحرير سيناء يوم الخميس الماضى.

قبل نحو شهرين طلب الرئيس من وزارة الداخلية إعداد تشريعات خلال أسبوعين لردع تجازوات الشرطة فى أعقاب قتل أمين شرطة لسائق الدرب الأحمر، ولم تصدر التشريعات حتى الآن، والإحساس لدى كثيرين بأن القضية ليست تشريعات بل مناخ وثقافة عامة وذهنية ومن دون وصول رسالة إلى الجميع بأن من يتجاوز سوف يتم معاقبته فلن ينصلح الحال، وسوف نتفاجأ كل أسبوع بحالة مماثلة.

نموذج التعامل مع أمين شرطة الدرب الأحمر كان رادعا حيث تم الحكم عليه فورا بالمؤبد، ونموذج التعامل مع أمين شرطة مستشفى المطرية التعليمى كان كارثيا وأدى إلى نزول عشرة آلاف متظاهر أغلبهم من الأطباء إلى شارع قصر العينى.

الطبطبة فى هذا الموضوع لم تعد مجدية، والأخطر أنها صارت تمثل جرحا نازفا يهدد ليس فقط الحكومة والرئاسة بل بصدام دموى بين المواطنين والشرطة سيدفع المجتمع ثمنه الباهظ.

لن يكون هناك حل حقيقى على المدى البعيد من دون تغيير الثقافة العامة والذهنية وتفكيك المنظومة التى تجعل بعض أفراد الشرطة يظنون أنهم أسياد البلد وأنهم سيفلتون من أى عقاب مهما ارتكبوا أى جريمة. أمثال هؤلاء هم الذين يسيئون إلى الشرفاء فى الداخلية وبالتالى فهم خطر على الجميع وأولهم الشرطة.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي