العبث يمرح فى المنطقة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:53 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العبث يمرح فى المنطقة

نشر فى : الإثنين 22 مايو 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الإثنين 22 مايو 2017 - 9:45 م

فى منتصف عام 2014 تكون التحالف الدولى للقضاء على تنظيم داعش بقيادة الولايات المتحدة وعضوية أكثر من 30 دولة، تضم خصوصا دول الخليج. لكن داعش وأمثاله من القوى المتطرفة توسع أكثر عقب قيام هذا الحلف وسيطر على نصف مساحة سوريا وثلث مساحة العراق!!.
وفى مارس 2015 تشكل التحالف العربى لإعادة الشرعية إلى اليمن بقيادة السعودية وغالبية دول العالم خصوصا الإسلامية، لكن الشرعية لم تعد إلى اليمن حتى هذه اللحظة، بل هناك تهديدات جدية بانفصال الجنوب!.
وفى نهاية مارس من العام نفسه اقترحت مصر تشكيل قوة عربية مشتركة فى إطار الجامعة العربية لمواجهة الإرهاب، لكن بعض البلدان العربية «الكبرى» أفسدت المحاولة بدعم وتشجيع من قوة عظمى لا تريد أن تكون هناك قوة عربية مستقلة.
وفى 15 ديسمبر 2015 شكلت السعودية «التحالف الإسلامى العسكرى لمحاربة الإرهاب»، من دول سنية بالأساس لمواجهة إيران، لكنه لم ير النور فعليا على أرض الواقع.
بعد كل هذه التجارب السابقة، ما الذى يدعونا لتصديق أن «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجى» الذى تم الإعلان عنه فى الرياض مساء أمس الأول عقب القمة التى جمعت الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع قادة دول عربية وإسلامية سيرى النور؟.
فى هذه القمة سمعنا كلمات وشعارات ومواقف أكثر من رائعة، ولعن للإرهاب بلا حدود. ونتمنى أن يتم تطبيق كل ذلك على أرض الواقع، لكن الشىء العملى الوحيد الذى لمسناه هو إعلان امريكا أنها وقعت اتفاقيات عسكرية واقتصادية مع السعودية بأكثر من 460 مليار دولار وهو أعلى صفقة فى تاريخ علاقات أى بلدين على الإطلاق.
سيضمن الاقتصاد الأمريكى انتعاشا بلا حدود وستضمن السعودية عودة الحماية الأمريكية ضد التهديدات الإيرانية، وستشعر إسرائيل أنها الكاسب الأكبر من كل التطورات فى المنطقة.
بات كثير من المراقبين يعتقدون أن القضاء على داعش ليس مصلحة أمريكية سواء كان الرئيس هو أوباما او ترامب، على الرغم من كل الاختلافات بينهما. والضربات الحقيقية التى تعرض لها داعش وبقية التنظيمات الإرهابية خصوصا فى سوريا، تمت بعد التدخل الروسى فقط.
إذا صح هذا التقدير يصبح كل ما شهدناه يومى السبت والأحد فى العاصمة السعودية الرياض، مجرد مشهد مسرحى أو حشد دولى لمواجهة إيران.
طهران ارتكبت حماقات كثيرة حينما استغلت «اللافتة الشيعية» للهيمنة على العراق وسوريا ولبنان واليمن. وبدلا من التصدى الفعلى لـ«الشيطان الأكبر الأمريكى أو الأصغر الإسرائيلى»!! ــ كما تدعى ــ حاصرت السعودية وبلدان الخليج، وفهمت الاتفاق النووى مع الغرب باعتباره تصريحا عمليا بالسيطرة على المنطقة العربية بأكملها!.
لسوء الحظ فان القراءة المبدئية لما رأيناه فى الرياض قبل يومين، تقول إن الصراع فى المنطقة لن يكون عربيا إسرائيليا، بل بين السنة والشيعة، خصوصا بعد أن قال ولى ولى العهد السعودى محمد بن سلمان قبل أيام إن بلاده سترد على التدخل الإيرانى بنقل المعركة إلى داخلها.
سنرى مزيدا من التصعيد على الخلفية المذهبية. وصفقات الأسلحة الضخمة التى وقعتها السعودية لن توجه لإسرائيل، بل شرقا فى الاتجاه الإيرانى أو جنوبا فى اتجاه الحوثيين أو شمالا فى اتجاه سوريا، وعلى إيران أن تلوم نفسها أولا حينما تباهت بأنها تسيطر على القرار فى 4 عواصم عربية.
فى مثل هذه البيئة فإن الإرهاب لن يتم القضاء عليه بل ربما سيجد أفضل فرصة للانتعاش، فحينما يكون الصراع سنيا شيعيا، سيجد المتطرفون فى كلا الجانبين أفضل فرصة للعمل والحركة، سوف تستمر إيران فى تشجيع «الحشد الشعبى وزينبيون وفاطميون»، وستجد السعودية نفسها فى حاجة لخدمات الإخوان وسائر التنظيمات السنية المتطرفة لمواجهة إيران وحلفائها بالمنطقة. سيتم استنزاف الثروات العربية والإسلامية فى لعبة عبثية تذكرنا بحرب الثمانى سنوات بين العراق وإيران.. وبالتالى نسأل سؤال عبثيا: ألا نتعلم من التاريخ؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي