مى وأميرة.. والشهداء - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مى وأميرة.. والشهداء

نشر فى : الأحد 22 يوليه 2018 - 10:25 م | آخر تحديث : الأحد 22 يوليه 2018 - 10:25 م

مهما فعلنا، فلن نوفى الشهداء حقهم. هم قدموا أرواحهم، ثمنا لأمننا وأمن هذا البلد واستقراره، وبالتالى فنحن ندين لهم بالكثير والكثير.
تذكرت هذا المعنى صباح السبت الماضى، وأنا أجلس فى منصة الاحتفال الرئيسية خلال حفل تخريج الدفعة الجديدة من أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس.
فى الفقرة قبل الأخيرة من الحفل، صعدت الفتاتان أميرة نجلة الشهيد محمد سعد عياد ــ الذى استشهد يوم ١٨ نوفمبر ٢٠١٤، على يد إرهابيين خلال ذهابه إلى وحدته العسكرية فى طريق الهايكستب. ومى ابنة الشهيد مالك مهران مدير إدارة مرور بنى سويف ــ الذى استشهد يوم ١٨ أغسطس ٢٠١٣ بعد فض اعتصام رابعة بأربعة أيام ــ، حيث كان مكلفا بتأمين مبنى ديوان محافظة بنى سويف، وتم قتله بآلة حادة على رأسه من قبل أحد العناصر الإرهابية، واستشهد متأثرا بجراحه بعدها بأربعة أيام.
الفتاتان تحدثتا عن فقد والديهما، بكلمات مؤثرة جدا جعلت الدموع تنساب من عيون غالبية الحاضرين تقريبا. وزاد المشهد تأثيرا، حينما صعد نجلا الشهيدين من طابور الحفل ليتحدثا عن الشهيدين بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسى.الجريحان قالا إنهما مصممان على إكمال مسيرة والديهما فى التصدى للإرهاب والإرهابيين.
مصطفى ابن الشهيد مالك، ترك كلية صيدلة والتحق بكلية الشرطة، لكى يكمل طريق والده، وكان حفل تخرجه هو وأحمد ابن الشهيد محمد سعد عياد فى نفس الدفعة.
نختلف مع الحكومة أو نتفق، لكن لا ينبغى أن يكون هناك خلاف بالمرة على ضرورة بذل كل الجهود لكى نكرم الشهداء وأسرهم وأولادهم بكل الطرق المتاحة.
كتبت كثيرا قبل ذلك، وأكرر اليوم، أن التضحية بالنفس هى أسمى أنواع التضحية.
الكثير منا يتكلم كلاما كبيرا ويطلق الشعارات العظيمة عن حب الوطن. وبعضنا يهتف عن حق أو تمثيل بأعلى صوته «تحيا مصر» ويكررها عشرات أو مئات المرات.
نفعل ذلك، ونحن جالسون بعيدا عن ميدان المعركة، الشهداء لا يتحدثون بالشعارات، ولا يكررون الهتافات، هم موجودون فى صحراء مكشوفة أحيانا، أو أماكن عمل، لا يعرفون من أين يأتى لهم الخطر، ورغم ذلك يؤدون عملهم على أكمل وجه.
من قصص الشهداء الكثيرة، نستطيع أن نخمن ونفهم ونستوعب المعنى الحقيقى للوطنية، الذى يقدمه هؤلاء الناس. بعضهم لا يعرف القراءة أو الكتابة والتحق بالجيش أو الشرطة مجندا. وهؤلاء، يحتمل أنهم لم يقرأوا كتابا أو يستمعوا إلى خطبة عن الوطن والوطنية. لكنهم فى حقيقة الأمر، ضربوا أروع الأمثال فى الوطنية الصادقة والحقة ومن دون أى شعارات.
الجندى الريفى البسيط، الذى ترك حقله وأسرته فى الريف أو الصعيد، التحق بالجيش أو الشرطة، وخدم فى سيناء أو غيرها من الأماكن، وتصدى للإرهاب والإرهابيين فهم معنى الوطن فى أوضح معانيه من غير أى تأثيرات خارجية. حينما واجه هذا الجندى الإرهابيين وتصدى لهم، لم يفكر فى أى شىء إلا الدفاع عن فصيلته أو سريته أو كتيبته، أو المكان الموجود فيه وبالتالى الدفاع عن وطنه الاكبر.
سمعنا قصصا كثيرا عن جنود بسطاء افتدوا زملاءهم بأرواحهم، وقرأنا عن قصة الشهيد المنسى وغيره من كبار القادة فى الجيش والشرطة، الذين لم يجلسوا فى مكاتبهم، وكانوا كتفا بكتف مع الجنود الصغار.
قصص وتضحيات هؤلاء الشهداء هى التى تعلم الأجيال الجديدة معنى الوطن والانتماء وحب الأوطان، هى قصص أفضل تريليون مرة من أى خطبة أو تصريح أو شعارات سواء كانت صادقة أو فارغة.
مطلوب منا أن نبحث عن طريق وآلية منظمة لتكريم هؤلاء الشهداء، وأن تصل رسالة إلى أسرهم وأهاليهم بأن تضحياتهم لم تذهب هباء.
مرة أخرى تحية صادقة إلى أرواح هؤلاء الشهداء سواء كانوا فى القوات المسلحة أو الشرطة أو من أبناء الشعب، وتحية إلى أسرهم الصابرة والمحتسبة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي