هل يجوز تعطيل العمرة والحج؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 7:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل يجوز تعطيل العمرة والحج؟

نشر فى : الإثنين 22 أغسطس 2016 - 9:10 م | آخر تحديث : الإثنين 22 أغسطس 2016 - 9:10 م

صلاة الجمعة الماضية أديتها فى مسجد محمد صادق عطية، الذى يقع بين شارعى نوبار وإسماعيل أباظة فى منطقة مربع الوزارات بوسط البلد أمام محطة مترو سعد زغلول.
موضوع الخطبة كان عن الحج وآدابه وشروطه، الخطيب كان موفقا جدا فى ربط هذا الركن الخامس من أركان الإسلام بالواقع الذى نعيشه هذه الأيام.
الخطيب تحدث بإسهاب عن الحج وفضله وشروطه وكيفية أداء شعائره، ثم لمس نقطة فى غاية الأهمية، لا يلتفت إليها الكثيرون من الذين يذهبون مرارا وتكرارا بحسن نية إلى الحج والعمرة.
قال الخطيب: إن الرسول عليه الصلاة والسلام أدى فريضة الحج مرة واحدة فى حياته، وكان يمكنه أن يحج كل عام، لكنه أراد أن يعلم الأمة، ويترك لنا درسا عظيما.
قال أيضا: إن هناك أحاديث ضعيفة جدا مثل تلك التى تقال عن وقفة عرفة إذا صادفت يوم جمعة، فهى تعادل سبع حجات.
خطيب آخر يرى أن الحديث الذى يقول إن من يصلى ركعتين فى المسجد الحرام فكأنه صلى مائة ألف ركعة ربما سنده غير قوى.
لم أكن قد قرأت أن هذا الحديث ضعيف، لكننى منذ قرأت عنه، كنت أدرك بالحس البسيط أنه يصعب أن يكون صحيحا، وأذكر أننى قلت لزوجتى، إذا كان القادر ماديا وإيمانه بسيط أو متوسط ويملك مالا ليحج أو يعتمر وصلى ركعتين بمائة ألف ركعة، فما ذنب المسلم الفقير شديد التقوى الذى لا يملك السفر للحج ليصلى ركعتين بمائة ألف ركعة؟! وبالتالى فالعبرة هى النية والاستطاعة.
تحدث الإمام أيضا فقال: إن الاستطاعة هى شرط الحج «لمن استطاع إليه سبيلا»، وبالتالى فلا حج لمن لا يملك مالا بل لا حج لمن يملك مالا، لكنه يحتاج إليه فى أمور حيوية مثل المأكل والمشرب وزواج الأبناء.
أضاف الخطيب أنه إذا كان هناك رجل أدى فريضة الحج، فلا يحق له الحج مرة ثانية إذا كان وطنه وأهله وجيرانه محتاجين. ضرب مثلا بالشخص الذى يدفع الآن ٤٥ ألف جنيه ليؤدى فريضة الحج الاقتصادى أقل الأنواع تكلفة، قال: إنه لو أعطى كل مريض بفيروس سى ألف جنيه مثلا فإنه سيسعد ٤٥ ألف أسرة، ويأخذ ثوابا عند الله أكبر كثيرا من الحج.
ويمكن القياس على هذا المثال فى أمراض أخرى كثيرة بل حاجات أخرى لعموم المسلمين تدخل كلها فى باب فقه الأولويات.
سيقول قائل: وهل نحرم الحج الدائم، ولا نحرم المصايف والرحلات السياحية للخارج أو حتى حج الإخوة المسيحيين إلى القدس؟!
الإجابة بالطبع هى لا، بل نوقف هذه المجالات أولا قبل الحج والعمرة. وهناك اجتهادات كثيرة لبعض الفقهاء تقول إنه إذا كانت الدولة أو أى جماعة للمسلمين تعانى مشاكل صعبة فى المعيشة، فإنه يحق لولى الأمر أن يعطل الإنفاق فى مجالات كثيرة، ومنها فريضة الحج بالكامل أو يجعلها مرة واحدة فقط للشخص، لأن حفظ النفس والحياة والنوع مقدم على أى شىء، وإذا كان هذا الأمر ينطبق على الحج فإنه من باب أولى ينطبق على العمرة المتكررة.
لدينا فى مصر نماذج صارخة تذهب إلى العمرة أحيانا للفشخرة فقط، وكأنهم ذاهبون إلى مقصد سياحى.. مثل هذا النوع هو إهدار صارخ للعملات الصعبة فى بلد يئن ولا يجد دولارات لاستيراد الدواء والغذاء والحاجات الضرورية.
السؤال الجوهرى هو: لماذا لا تفكر الدولة فى تنظيم هذا الأمر بما لا يتعارض مع شرع الله، خصوصا أن المصريين يدفعون مليارات الدولارات السنوية فى رحلات العمرة؟
أعرف أن البعض سوف يسارع إلى اتهامى بكل التهم الجاهزة، ولا أصادر على حقهم فى النقد.. فقط أدعوهم إلى التأمل والقراءة العميقة فى جوهر الإسلام وفقه الأولويات، الذى اهتم بحياة الناس قبل الشعائر.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي